كتب - محمد شعبان:
الثانية عشرة والصف بعد منتصف ليل الجمعة -وعلى غيار العادة- جلس "محمد" أمام شقة خالته بالمنيرة الغربية حتى لاحظت جارتها فسألته عن سبب جلوسه على السُلم فأخبرها "مستني خالتي تيجي من برا".
بعد دقائق وصلت الخالة محملة بما لذ وطاب داخل أكياس بلاستيكية، لتدخل إلى شقتها على قدميها للمرة الأخيرة فالقاتل أعد العُدة للتخلص منها بطريقة شيطانية طمعًا في "معاش الأب" بقيمة 6 آلاف جنيه حصلت عليه في اليوم السابق.
السابعة صباح اليوم التالي "السبت"، رن جرس هاتف أختها -المقيمة خارج الجيزة- أسرعت للرد لتتلقى الصدمة على لسان ابنها "محمد" صاحب الـ30 عاما "أختك ماتت يا أمي". مكالمة لم تتجاوز الدقيقة كانت مفتاح حل اللغز لاحقًا، لكن ماذا حدث؟.
على بعد أمتار من الشقة مسرح الأحداث، تلقت ربة منزل اتصالا من عمتها لتخبرها بالخبر الحزين "إلحقي عمتك ماتت" لتسرع رفقة زوجها قاصدة منزلها القريب لتجدها جثة هامدة مغطاة بملاءة وبجوارها ابن العمة يتصبب عرقًا ويبدو مرتبكًا.
ثمة شكوك راودت السيدة حول وجود شبهة جنائية في وفاة عمتها لاسيما اختفاء هاتفها وعثورها على حقيبتها فارغة رغم استلامها المعاش الخميس الماضي.
ليس هذا فحسب، إصرار عمتها الثانية وابنها على إنهاء إجراءات الدفن سريعًا دون نقلها إلى المستشفى واستصدار تصريح الدفن زاد شكوكها لتخبر زوجها الذي لم يتردد في احتجاز الجميع لحين وصول الشرطة.
داخل مكتبه بالطابق العلوي بقسم إمبابة، تلقى العميد محمد ربيع رئيس مباحث قطاع الشمال بلاغا من إدارة شرطة النجدة بالعثور على جثة خمسينية داخل منزلها واشتباه أسرتها في وفاتها غدرًا.
بلاغ يبدو عاديًا، لكن حس "ربيع" الأمني حدثه بأن ثمة شيء دار في الخفاء. جمع متعلقاته وانطلق إلى محل البلاغ وسبقه الرائد يوسف رشوان رئيس المباحث ليبدأ في استجواب الحاضرين مع تفقد دقيق لمداخل ومخارج المنزل ومراجعة متعلقات المتوفاة.
رئيس القطاع لاحظ توتر ابن شقيقة المتوفاة كما أن علامات الإدمان تبدو جلية على هيئته لتتجه إليه أصابع الاتهام ويتبقى كيفية إثبات إدانته بدليل مادي ملموس.
الحل جاء عبر الجارة، أخبرت المباحث بما شاهدته ليلة ارتكاب الجريمة، وأن المشتبه به غادر العقار في تمام السابعة صباحا وعاد مع والديه. هنا انتقل الضباط إلى خطوة فنية "تفريغ مكالمات الحاضرين" وتبين أن المشتبه به اتصل بوالدته من هاتف الضحية لترتفع أسهم تورطه في الواقعة.
بخبرة السنوات، اصطحب العميد محمد ربيع الشاب الثلاثيني إلى إحدى الغرف لمناقشته ومواجهته بأقوال الجارة والبقال ليسقط الجاني في شر أعماله مقدما رواية مغلوطة عكس ما جاء على لسان الشهود.
انتهى الأمر، الشاب أنهى حياة خالته لسرقتها، لكن كيف قتلها ولماذا؟. أمام رجال التحقيق اعتر الشاب بأنه وضع محتوى قطرة عين تستخدمها خالته كعلاج في كوب ماء وقدمه له "خدي اشربي الجو حر وانت راجعة عرقانة" لتسقط مغشيا عليها وتفارق الحياة بعدها.
ما إن فرغ المتهم من جريمته حتى استولى على هاتف الضحية والمعاش وهمَّ لشراء المخدرات وعقاقير من الصيدلية، ليقضي أكثر من 6 ساعات بجوار الجثة يتعاطى فيها تلك السموم.
المبلغة كشفت عن مفاجأة جديدة، المتهم سرق الضحية منذ عام إلا أنه لم يكتف بفعلته الأولى فعاقبها على حسن معاملتها له "كانت بتعامله زي ابنها" بالقتل لينتهي به الحال خلف القضبان في انتظار إحالته للمحاكمة الجنائية.