تباينت آراء عدد من القانونيين ونواب البرلمان بشأن التشريعات الجديدة الخاصة بمشروع قانون الإيجار القديم، وذلك تزامنًا مع استعداد مجلس النواب لمناقشة مواد مشروع القانون والاستماع لآراء ممثلين عن الملاك والمستأجرين.
فيما طالب البعض بحتمية تحقيق العدالة بين طرفي العلاقة "المالك والمستأجر"، وطالبوا مجلس النواب بصياغة مشروع القانون بما يسهم في الحفاظ على الاستقرار المجتمعي.
وكانت المحكمة الدستورية العليا أصدرت في نوفمبر 2024 حكمًا تاريخيًا بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية في قانون الإيجار القديم الصادر في عام 1981، وقد تضمنت تلك المواد ثبات القيم الإيجارية السنوية للأماكن المرخص إقامتها لأغراض سكنية، ودعت مجلس النواب إلى تعديلها قبل انتهاء الفصل التشريعي.
من جانبه قال مصدر برلماني لـ "مصراوي" إن اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية، والشئون الدستورية والتشريعية، ستعقد اجتماعين؛ الأول يوم الأحد 11 مايو للاستماع إلى آراء ممثلي الملاك بشأن مشروعي القانونين المقدمين من الحكومة، الأول بشأن الأحكام المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن، والثاني بتعديل بعض أحكام القانون رقم 4 لسنة 1996 بشأن سريان أحكام القانون المدني على الأماكن التي انتهت أو تنتهي عقود إيجارها دون أن يكون لأحد حق البقاء فيها (وذلك من حيث المبدأ)، والاجتماع الثاني يوم الاثنين 12 مايو للاستماع إلى آراء ممثلي المستأجرين بشأن مشروعي القانونين.
أضاف أن جهات الدولة المختلفة تهدف في الأساس إلى الحفاظ على العلاقة بين المالك والمستأجر، من خلال تشكيل لجان مختصة بها كافة الجهات المعنية والوصول إلى صيغة ملائمة لأوضاع كل أطراف العملية الإيجارية.
لفت إلى مطالبات عدد من النواب بإعادة النظر فيما يتعلق بالقيمة الإيجارية ووضع حد أدنى إليها، وكذلك إعادة النظر في بند الـ 5 سنوات، على أن يكون هناك حلول بديلة تضمن تحقيق مصلحة "الملاك والمستأجرين".
من جانبه قال المحامي رأفت فرج، إن الدستورية العليا أكدت أن عقود الإيجار القديم هي عقود استثنائية وكانت لفترات استثنائية، وبالتالي لابد من العمل بالقانون الأساسي وهو القانون المدني.
أضاف لـ "مصراوي" أن الأمر حاليًا يتطلب تطبيق قيمة سوقية متوازنة بالنسبة للوحدات المؤجرة. موضحًا أن مدة الـ 5 سنوات التي تضمنها مشروع قانون الحكومة هي مدة انتقالية تقوم على أساس الوصول إلى قيمة سوقية عادلة لتحرير قيمة الإيجار خلال تلك المدة، على أن يجري الاتفاق عقب ذلك بين الطرفين بالتراضي.
أوضح أنه حال التوافق على إنهاء العقد بعد 5 سنوات سيكون للمستأجر غير القادر أولوية في الحصول على وحدة سكنية من تلك التي يتم طرحها بالدولة وذلك وفق لنص المادة 7 من مشروع القانون.
من جانبه قال محمد سالم المحامي بالنقض والدستورية العليا، إن حكم المحكمة الدستورية العليا بشأن الإيجار القديم حسم مسألة الأجرة الثابتة والمنخفضة، وأن الحكم أقر بعدم دستورية الأجرة الثابتة وفي نفس الوقت ترك المجال مفتوحًا لتنظيم العلاقة بقانون جديد يحقق التوازن.
أضاف لـ "مصراوي"، أن ملاك العقارات القديمة عانوا من غياب العدالة في تحديد القيمة الإيجارية لسنوات طويلة، بينما يواصل المستأجر دفع أجرته فقط دون تعديل يتماشى مع تغير الظروف الاقتصادية، ما خلق حالة من عدم التوازن في العلاقة بين الطرفين.
وكان الدكتور أحمد البحيري، المحامي والخبير القانوني، أكد أن المشروعات المقدمة من الحكومة تتحدث فقط عن الوحدات السكنية وغير السكنية للأشخاص الطبيعية الخاضعة لأحكام القوانين القديمة قبل صدور القانون المدني رقم 4 لسنة 1996.
وأضاف "البحيري"، في تصريحات خاصة إلى مصراوي، أن نظام الإيجار في مصر ينقسم إلى فئتين: الأولى هي عقود الإيجار القديمة التي تخضع لقوانين استثنائية مثل قانون 136 لسنة 1981، والثانية هي العقود المدنية التي تنظمها أحكام القانون المدني.
وأكد أن عقود الإيجار لمدة 59 عامًا، والتي تم توقيعها بعد صدور القانون المدني رقم 4 لسنة 1996، لا تخضع لأحكام قوانين الإيجار القديم ولا يشملها مشروع الحكومة وكذلك لا يشملها الحكم الأخير للمحكمة الدستورية الذي أبطل تثبيت القيمة الإيجارية.
وشدد "البحيري"، على أن هذه العقود تُعتبر عقودًا مدنية، وتنقضي تلقائيًا بانتهاء المدة المتفق عليها بين الطرفين، مضيفًا أن المدة الطويلة للعقد حتى إن بلغت 59 عامًا لا تمنحه صفة الإيجار القديم.
من جانبه قال المستشار محمد الحمصاني ، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، إن الحكومة قدمت مقترحًا متوازنًا بشأن قانون الإيجار القديم، في محاولة لمعالجة واحدة من أكثر القضايا تعقيدًا في تاريخ التشريع المصري، معقبًا: نتعامل مع ملف شديد الحساسية ونعلم أنه يمس شريحة كبيرة من المواطنين.
وأضاف الحمصاني، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "آخر النهار" الذي يقدمه الإعلامي خالد أبو بكر ،المذاع على قناة "النهار"، إننا حريصون على أن يأتي القانون الجديد متوازنًا، عادلًا، وقائمًا على التوافق، مبينًا أن الحكومة تعمل على تحقيق توازن حقيقي يراعي حقوق المستأجرين والمالكين على حد سواء، مع الحرص الكامل على عدم الإضرار بأي طرف.
وأكد الحمصاني، أن الدولة ملزمة خلال الفترة الانتقالية للقانون بتوفير بدائل سكنية مناسبة للمضارين من التعديلات بأسعار مقبولة، مشيرًا إلى أن وزارة الإسكان ستطرح وحدات سكنية بأسعار مقبولة تتناسب مع مختلف شرائح الدخول.