قالت منظمة الصحة العالمية فى بيان لها، إنه في اليوم العالمي للملاريا لعام 2025، تروّج منظمة الصحة العالمية وشركاؤها لحملة "بجهودنا نقضي على الملاريا : بإعادة الاستثمار، والرؤية الجديدة، والعزيمة المُتّقدة".
وتهدف هذه الحملة إلى إعادة تنشيط الجهود على جميع المستويات، من السياسة العالمية إلى العمل المجتمعي، لتسريع وتيرة التقدم نحو القضاء على الملاريا.
ولا تزال الملاريا أحد تحديات الصحة العامة الكبرى على الصعيد العالمي. وفي عام 2023، قُدِّر عدد حالات الإصابة الجديدة بالملاريا بنحو 263 مليون حالة في 83 بلدًا، مقابل 252 مليون حالة في عام 2022 و226 مليون حالة في عام 2015.
وجهود مكافحة الملاريا تؤتي ثمارها. فقد ساعدت منذ عام 2000 على منع ما يقدر بنحو 2.2 مليار حالة إصابة و12.7 مليون حالة وفاة على الصعيد العالمي. وفي عام 2023 وحده، أمكن تجنب أكثر من 177 مليون حالة إصابة ومليون حالة وفاة، كانت الغالبية العظمى منها - 80% من حالات الإصابة و94% من الوفيات - في أفريقيا.
وقد ارتفع عبء الملاريا في إقليم شرق المتوسط في السنوات الأخيرة، حيث أُبلِغ عمّا يُقدَّر بنحو 10.2 مليون حالة إصابة في عام 2023، بزيادة قدرها 137% مقارنةً بعام 2015. وتعزى هذه الزيادة المثيرة للقلق إلى الفيضانات الكارثية في باكستان، التي أدت إلى وقوع 3.7 مليون حالة إصابة إضافية بين عامي 2021 و2023. ولا يزال الصراع وعدم الاستقرار المستمران في بلدان مثل السودان واليمن يُعطّلان جهود مكافحة الملاريا. ويوجد في السودان أعلى معدلات الإصابة بالملاريا في الإقليم. ففي عام 2023، قُدِّرت حالات الإصابة بأكثر من 3.4 مليون حالة، إلى جانب 7900 حالة وفاة، وإن كانت الأرقام قد تكون أعلى من ذلك بسبب قلة الإبلاغ نتيجة للصراع المستمر وتعطُّل الاتصالات في السودان.
وفي مواجهة التحديات المتزايدة، ومنها المقاومة المستجدة للأدوية المضادة للملاريا والمبيدات الحشرية وأثر تغير المناخ على موائل البعوض وأنماط انتقاله، هناك حاجة ماسة إلى استراتيجيات مبتكرة لضمان إحراز تقدم نحو القضاء على الملاريا.
وعلى الرغم من أن الإقليم أصبح بعيدًا عن المسار الصحيح نحو تحقيق الغايات العالمية لعامي 2025 و2030 بشأن خفض حالات الإصابة بالملاريا والوفيات الناجمة عنها، فقد أحرزت بعض بلدان الإقليم تقدمًا في هذا الشأن.
ففي أكتوبر 2024، أصبحت مصر ثالث بلد في الإقليم يحصل على الإشهاد من المنظمة على خلوّه من الملاريا، بعد الإمارات العربية المتحدة (2007) والمغرب (2010). وعلى الصعيد العالمي، فقد وصل إلى هذه المرحلة الرئيسية 44 بلدًا وأرضًا واحدة.
وفي نوفمبر 2024، بدأت وزارة الصحة الاتحادية في السودان، بالمشاركة مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وتحالف غافي للقاحات، في إعطاء لقاحات الملاريا للمرة الأولى في البلد. ويهدف لقاح الملاريا إلى حماية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أشهر و12 شهرًا في الولايات التي تنوء بعبء ثقيل، ومنها 15 منطقة محلية في القضارف والنيل الأزرق. وفي المرحلة الأولى، يجري استهداف 148,000 طفل، مع وجود خطط لتوسيع نطاق التغطية لتشمل 1.3 مليون طفل في 134 منطقة بحلول نهاية عام 2026.
وفي مايو 2024، اعتمدت جيبوتي نهجًا مبتكرًا لمكافحة الملاريا بالإطلاق التجريبي لبعوض الأنوفيلة الاصطفانية المعدل وراثيًا.
وتشتمل الجهود الإقليمية الرامية إلى دعم التخلص من الملاريا في جميع أنحاء الإقليم على تعزيز التنسيق الإقليمي، وتبادل البيانات، والابتكار لدعم أهداف التخلص من الملاريا، ومشروع مشترك مع المعهد العالمي للقضاء على الأمراض المُعدية لتقييم خطر عودة الملاريا إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وتعكف الدول الأعضاء، من خلال شبكة القرن الأفريقي لرصد المعالجة بمضادات الملاريا (HANMAT)، على التصدي للتهديدات البيولوجية مثل مقاومة الأدوية المضادة للملاريا ومبيدات الحشرات، وطفرات الطفيليات التي تؤدي إلى تعذر اكتشاف المرض عن طريق اختبارات التشخيص السريعة الشائعة الاستخدام، وانتشار ناقل الملاريا الغزوي في أفريقيا. وبالتوازي مع ذلك، يعكف المشروع الإقليمي للمعهد العالمي للقضاء على الأمراض المُعدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تقييم خطر عودة دخول الملاريا.
قالت الدكتورة حنان حسن بلخي، مديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: "إن الملاريا مرضٌ يمكن الوقاية منه وعلاجه. والقضاء على الملاريا ليس مجرد ضرورة صحية، بل هو استثمار في مستقبلٍ أكثرَ صحةً وإنصافًا وأمانًا وازدهارًا لكل أمة. والتدخلات التي ثبتت فاعليتها متاحة. وبالعمل معًا، يمكننا أن نضمن عدم تخلف أحد عن الرَكب".
ومن أجل تسريع وتيرة التقدم نحو القضاء على الملاريا، تدعو منظمةُ الصحة العالمية والشركاءُ الحكوماتِ والجهاتِ المانحة والقطاعَ الخاص إلى زيادة التمويل لبرامج القضاء على الملاريا ومكافحتها؛ ودعم التجديد الكامل لموارد الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا والتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع؛ وتعزيز التمويل المحلي في البلدان الموطونة؛ والاستثمار في التدخلات التي ثبتت فعاليتها مثل الناموسيات المُعالَجة بمبيدات الحشرات، ورَشّ المباني بالمبيدات ذات الأثر الباقي، والوقاية الكيميائية، واللقاحات؛ وبناء نُظُم صحية قوية، لا سيّما للسكان الأكثر تَعرُّضًا للخطر.
وتحث المنظمة أيضًا جميع الأطراف المعنية على الانضمام إلى مبادرة "الدَفعة الكبيرة للقضاء على الملاريا"، وهي جهد قُطري يشارك فيه العديد من الأطراف المعنية لوضع خطة شاملة لإعادة تنشيط التقدم نحو القضاء على الملاريا وتنفيذ تلك الخطة من خلال 6 إجراءات ذات أولوية، وهي:
تحسين التنسيق بين الشركاء العالميين والإقليميين والقُطريين.
دعم القيادة الوطنية والمساءلة مع النهوض بنهجٍ شمولي يشمل المجتمع بأسره. تعزيز نُظُم البيانات وتمكين اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات. زيادة إتاحة التدخلات القائمة وتَقَبُّلها وجودتها، الإعداد والتأهّب لسرعة إدخال أدوات جديدة وتحوّلية. زيادة التمويل المخصص لمكافحة الملاريا، استنادًا إلى توضيح جديد للمشكلة. وسيؤدي النجاح في مكافحة الملاريا إلى مستقبلٍ أوفرَ صحةً وأكثرَ إنصافًا وأمانًا للجميع. وبمقدورنا تخليص العالم من الملاريا. فلنعمل لضمان عدم تخلّف أحد عن الرَكب.