دائما حين يمنح للفن حرية، تحلق الأفكار بعيدا عن السائد والمألوف، وتذهب إلى مناطق وأطروحات قليلا ما يتعرض لها بعض الصناع خوفا ربما من عدم النجاح، أو قلقا من عدم الإجادة، أو تجنبا لصدام مع الرقابة أولا والجمهور ثانيا في تقبل ما لم يعتد عليه، ولكن حين يملك المبدع إيمانا تاما بما يريد طرحه ويكون مبدعا حقيقيا مخلصا لفنه وصنعته يصل العمل للجمهور دون مباشرة فجة أو تبسيط مخل.
نجد أنفسنا أمام عمل مثل مسلسل لام شمسية العمل الذي تقدمه ورشة سرد بقيادة الكاتبة مريم نعوم اخراج كريم الشناوي نحن أمام عمل مقدم بحرفية شديدة وإتقان لافت للنظر من جميع جوانبه بداية من الموضوع الشائك جدا والذي يتطلب كاتب سيناريو شديد الحساسية لأنه يسير على وتر مشدود فيما يخص القضية المطروحة وهي التحرش بالأطفال وما يحيط بها، خصوصا إذا كان المتحرش قريب بشكل ما من دائرة العائلة وهو ما يحدث في الغالب.
خيوط متشعبة تناولها السيناريو شديد الحساسية ونماذج عدة من ردود الفعل تجاه القضية ما بين الأب الذي لا يصدق والأم البيولوجية وخوفها من نظرة المجتمع وزوجة الأب التي لا تستطيع أن تقنع الجميع بأن ما رأته هو الحقيقة وطفل ممزق ما بين الإحساس بالذب ولا يجدد من يبوح له بالحقيقة وتأثير ما يحدث على سلوكه الذي يساء فهمه حتى من التربويين في المدرسة.
استطاعت ورشة سرد بقيادة مريم نعوم أن تطوف على الجميع بحساسية مفرطه وتلافت الوقوع في فخ الارشاد وقدمت نصا بديعا به من الإنسانية والمتعة والتوعية في آن ما يجعلك تذوب في أحداثها وتعتبر من الخطر دون أن تشعر بأنه إرشاد صريح، بل مجرد إضاءة على ما يحدث وجرس إنذار للجميع بالانتباه.
وكي يكون نصا جاذبا للجمهور رغم قتامة وخطورة الموضوع المطروح لا بد أن يكون هناك مخرج مدرك تماما للموضوع، وللنص الذي أمامه ويجيد اختيار عناصر تساعده على إيصال المطلوب، وهنا يجب الحديث عن كريم الشناوي الذي أجاد إجادة تامة اختيار عناصره المساعدة أولا وإدارة ممثليه ثانيا.
أهم عناصر كريم الشناوي المساعدة هو مصطفى فهمي مدير التصوير الذي استطاع أن يخلق بالإضاءة صورة تنقل حالة التوتر، وربما الغموض الذي يسكن كل المواقع حالة التوتر وقمة إجادته كانت في مشاهد كوابيس البطلة نيللي وموسيقى مينا سامي التي ساعدت على إيصال الشعور المطلوب للمتلقي.
يأتي بعد ذلك اختيار كريم الشناوي لطاقم العمل الذي اجتهد واجاد في تقديم الشخوص بمنتهى البراعة.
ويظل المفاجأة الكبرى خو الطفل علي البيلي الذي قم شخصية الطفل، ومما يعلي من قيمة هذا المسلسل، ليس فقط أنه يقدم قضية شديدة الحساسية ببراعة ولكن لتعاونه مع المجلس القومي للمرأة ووعي صناعه بالإشارة في الحلقات إلى ضرورة مراعاة الفئة العمرية وتقديمهم أرقام نجدة الطفل في نهاية كل حلقة لام شمسية عمل مصري جيد الصنع يستحق أن نفخر بجميع صناعه دون استثناء، وأن نشيد بالحرية التي تتيح أن تطرح الموضوعات التي لا يقرب منها أحد و هي تمس عمق المجتمع.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025