كتب ـ عاطف مراد:
خرجت "فاطمة" من شقتها تترنح نتيجة إصابتها بطعنات على يد زوجها، ودماؤها تسيل على درجات السلم، بالكاد وصلت إلى مدخل العقار، حيث وقفت ترتجف وتصرخ طالبة المساعدة، تجاهلها الجميع. بعد نصف ساعة، توقفت سيارة يقودها مسن، لكنه وصل بها إلى المستشفى متأخرة، حيث فارقت الحياة.
في حلقة جديدة من "جرائم عش الزوجية" التي يتناولها "مصراوي" من واقع التحريات الرسمية والمصادر المختلفة، نروي تفاصيل مقتل "فاطمة. ع. س" على يد زوجها طعنا بمقص حديدي بعد 15 سنة من زواجهما.
البداية قبل 15 سنة، عندما تزوج المتهم من المجني عليها، وأقاما بشقة سكنية بمنزل أسرته بمنطقة دار السلام، كانت حياتهما هادئة، حتى حدثت مشاجرة بين شقيقه وآخرين سقط فيها أحدهما قتيلا، وتم القبض على شقيقه، ما اضطره إلى مغادرة المنطقة بحكم التقاليد العرفية.
عام 2018، قبل شهر رمضان الماضي، غادر المتهم وزوجته وأطفالهما منطقة دار السلام، وانتقلوا للعيش في شقة سكنية- بمساكن حي الأسمرات- في الشقة رقم 24 بالطابق الثالث من العقار رقم 33 بمساكن الياسمين.
في تلك الليلة الرمضانية، حيث الشوارع شبه خالية إلا من ضوء مصابيح خافتة وسيارات تمر مسرعة، كانت "فاطمة" تجلس مع أطفالها الستة في شرفة المنزل، تحاول أن تسترق لحظة هدوء وسط حياة غارقة في الضغوط. دخل زوجها "محمود" إلى المنزل، دار بينهما نقاش عابر تحول إلى جدال، ثم إلى صراع حياة أو موت، أمسك المتهم برأس زوجته وظل يضربها في الحائط قبل أن يجلب "مقصا" ويطعنها.
"الحقوني جوزي بيقتلني".. بدأت "فاطمة" تصرخ مستنجدة بحثًا عن منقذ. كانت "عزيزة" شقيقة زوجها المتهم والمقيمة في الشقة المجاورة لهما، أول من وصل، أمسكت بيدها المرتعشة، وقادتها إلى الشارع، لكن الوقت كان يمر بطيئًا وقاسيًا. السائقون يمرون دون توقف، والناس ينظرون في حيرة، حتى قرر أحدهم أخيرًا مساعدتها ونقلها إلى مستشفى جراحات اليوم الواحد.
"كانت غرقانة في دمها ومحدش من السواقين وقف لها"، بعد مرور قرابة نصف الساعة، وقف أحد الأهالي، وبعدما اطمأن أن إصابة الضحية نتيجة سقوط لوح زجاج، قام بنقلهما إلى المستشفى، لكنها فارقت الحياة أثناء إسعافها، قاللوا له "لوح إزاز وقع عليها"، بحسب "علياء. ن" إحدى السكان.
تلقى قسم شرطة المقطم إشارة من مستشفى جراحات اليوم الواحد، باستقبال حالة تدعى "فاطمة. ع. س" (ربة منزل) مصابة بجروح نافذة متفرقة بالجسم، وتوفيت أثناء إسعافها.
وبالانتقال تم استجواب شقيقة زوج المجني عليها "عزيزة. ف. ا" (ربة منزل)، وبسؤالها قررت قيام شقيقها "محمود. ف. ا" (سائق- زوج المجني عليها) بالتعدي على المجني عليها بالضرب بسلاح أبيض (مقص) محدثًا إصابتها المشار إليها التي أدت لوفاتها، إثر خلافات عائلية فيما بينهما، ولاذ بالفرار.
وعقب تقنين الإجراءات، وبإعداد الأكمنة اللازمة بالأماكن التي يتردد عليها المتهم، أسفرت إحداها عن ضبطه.
وبمواجهته أمام اللواء محمد منصور، مدير مباحث العاصمة، بالتحريات، وما جاء بأقوال شقيقته، اعترف بارتكاب الواقعة، وأقر بوجود خلافات زوجية سابقة بينه وبين المجني عليها، وأنه بتاريخ الواقعة وحال وجوده بشقته طلب منها التوجه لشراء "وجبة سحور"، فرفضت بسبب اعتراضه على ملابسها.
وأضاف أنه حدثت بينهما مشادة كلامية تطورت إلى مشاجرة، تعدى خلالها على المجني عليها بسلاح أبيض "مقص" محدثا إصابتها التي أودت بحياتها وفر هاربًا، وتخلص من الأداء المستخدمة في الواقعة بإلقائها بالطريق العام.
وتم العثور على السلاح الأبيض "مقص" المستخدم في ارتكاب الواقعة، أسفل العقار الذي يسكنان فيه، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، وتولت النيابة العامة التحقيق.