في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أفادت مجلة إيكونوميست البريطانية أن ملامح محور جديد في قلب أوروبا بدأت تتبلور، مع بروز قيادة ثلاثية غير رسمية تجمع رئيسَ الوزراء البريطاني كير ستارمر ، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس .
وعلى الرغم من أن القادة الثلاثة يعانون من هشاشة سياسية داخل بلدانهم وتهديدات خارجها، فإن تحالفهم المعروف باسم "إي 3" لا يقوم -بحسب المجلة- على مؤسسات رسمية أو هياكل ثابتة، بل على تنسيق عملي فرضته تحديات إستراتيجية مشتركة في مقدمتها حرب أوكرانيا، والتهديد الروسي لأوروبا، وطموحات إيران النووية، وتقلبات سياسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترامب .
وذكرت إيكونوميست في تقريرها أن ملامح هذا التعاون بدأت تتشكل بعد تولّي ميرتس منصبه في مايو/أيار الماضي، عقب انتخاب حكومة بريطانية جديدة جعلت إصلاح العلاقات مع الاتحاد الأوروبي أولوية.
وكانت رحلة قطار استغرقت 11 ساعة إلى كييف، قام بها القادة الثلاثة في بدايات عهد ميرتس، "لحظة محورية" رسخت الروابط الشخصية وعمّقت التفاهم الإستراتيجي بينهم.
ومنذ ذلك الحين، يتواصل مستشارو الأمن القومي -جوناثان باول من بريطانيا، إيمانويل بون من فرنسا، وغونتر زوتر من ألمانيا- عدة مرات أسبوعيا لضمان التنسيق المتواصل في ملفات حساسة، مثل الحرب في أوكرانيا، وأمن أوروبا، والأزمة مع إيران، والوضع في قطاع غزة .
ونقلت إيكونوميست عن بنجامين حداد، الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية، قوله إن القادة الثلاثة مقتنعون بأن على أوروبا تحمل مسؤولية أكبر عن أمنها، حتى مع استمرار علاقاتها الوثيقة بواشنطن .
ووفق المجلة البريطانية، فإن صيغة (إي 3) ليست جديدة كليا، إذ ظهرت عام 2003 عندما سافر وزراء خارجية الدول الثلاث إلى طهران للتفاوض بشأن تخصيب اليورانيوم الإيراني.
بنجامين حداد، الوزير الفرنسي المنتدب للشؤون الأوروبية، قال إن القادة الثلاثة مقتنعون بأن على أوروبا تحمل مسؤولية أكبر عن أمنها، حتى مع استمرار علاقاتها الوثيقة بواشنطن.
وقد حافظ التنسيق حول هذا الملف على الإطار، لكن مستوى التعاون الحالي بين القادة لم يكن له مثيل منذ ما قبل استفتاء بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016.
ويعود قدر كبير من التماسك المستجد بين القادة الثلاثة إلى الشخصيات نفسها. فعلى الرغم من اختلاف الأساليب بين ستارمر "المتحفظ"، وميرتس "العملي"، وماكرون "الاستعراضي" -حسب وصف إيكونوميست- فإن ثلاثتهم يشتركون في خلفيات مهنية خارج السياسة، ويتميزون بالجدية والبراغماتية في إدارة الشؤون الخارجية.
كما أن كلا منهم "غير محبوب في بلده"، ويقود حكومة ضعيفة، ويواجه تهديدا من اليمين الشعبوي، ما يجعلهم يتعاطفون مع بعضهم بعضا بسبب ما يتعرضون له من مصاعب سياسية مشتركة، على حد تعبير التقرير الإخباري.
وترى فرنسا في هذا المحور خطوة نحو "الاستقلالية الإستراتيجية الأوروبية" التي يروج لها ماكرون منذ سنوات، والتي تجعل من الضروري إشراك بريطانيا، باعتبارها القوة النووية الأوروبية غير العضو في الاتحاد الأوروبي.
أما ألمانيا وبريطانيا، فترحبان بهذا التعاون كوسيلة لتعويض الانقسامات الأوروبية والصعوبات المتزايدة في العلاقة مع الولايات المتحدة.
كما أن المعاهدات الثنائية التي وقعتها باريس وبرلين ولندن هذا العام أسست شبكة جديدة من "التعددية الثنائية" التي تمنح العلاقات الثلاثية دفعة إضافية.
ويبرز الملف الأوكراني كأهم مجال للتوافق، إذ يدعم القادة الثلاثة " تحالف الراغبين " الهادف إلى إنشاء قوة طمأنة في حال تحقيق وقف إطلاق النار . وقد أنشئ مقر عسكري لهذا التحالف قرب باريس، في حين يشارك ميرتس في رئاسة الاجتماعات لكنه يرفض نشر قوات ألمانية على الأرض.
وفي ملفات أخرى حساسة، مثل المفاوضات النووية الإيرانية ، توفر صيغة (إي 3) صوتا أوروبيا موحدا، طبقا لتقرير المجلة البريطانية.
ومع ذلك، تقول إيكونوميست إن هذه الصيغة تواجه حدودا واضحة، فألمانيا، لأسباب تاريخية، لا تستطيع الاعتراف بالدولة الفلسطينية كما فعلت لندن وباريس.
متانة هذا المحور تكمن في قدرته على البقاء مرنا واستيعاب دول أخرى عند الحاجة. وقد يستمد مستقبله من مهارته في تجنب الظهور كناد مغلق.
كما تختلف الدول الثلاث في ميلها لشراء السلاح الأميركي أو الأوروبي، وفي قدرة بريطانيا على المشاركة في ملفات تجارية تُعد اختصاصا حصريا للاتحاد الأوروبي، مثل سياسة الصين.
كذلك تتحسس دول أوروبية أخرى من هذا المحور؛ فإيطاليا تشعر باستبعادها، وبولندا المحبطة من تعثر "مثلث فايمار" -وهو تحالف تأسس في عام 1991 بين ألمانيا وبولندا وفرنسا- ترى في (إي 3) تهديدا لدورها.
وتكمن متانة هذا المحور في قدرته على البقاء مرنا واستيعاب دول أخرى عند الحاجة. وقد يستمد مستقبله من مهارته في تجنب الظهور كناد مغلق، ومن مدى قدرته على حماية مصالح أوكرانيا والحد من أسوأ اندفاعات ترامب.
وعلى الرغم من أن هذه الطموحات ليست مرتفعة، فإن إيكونوميست تعتقد أن القيادة الثلاثية الجديدة قد تكون "أفضل أمل لأوروبا" لتحقيق تلك الطموحات.
المصدر:
الجزيرة