وصف الصحفي والكاتب السويسري ريتشارد فيرلي أميركا تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب بأنها تكره أوروبا لأنها ترى أن الأوروبيين هم المسؤولون عن تدهور الغرب وعن أفول العرق الأبيض.
وقال فيرلي -في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو بمناسبة صدور كتابه الجديد "أميركا هذه التي تكرهنا"- إن أميركا ترامب تمارس هيمنة عسكرية، ورقمية وفكرية أو قيمية على أوروبا، وهي تكره كل ما يمكن أن يغير ذلك.
أما عسكريا، فيرى الكاتب أن أميركا ترامب تكره أوروبا التي ترفض أن تدفع ثمن الأسلحة الأميركية للدفاع عن نفسها، مشيرا إلى أن إسبانيا هُمّشت ووضعت في موضع الاتهام بسبب رفض رئيس وزرائها بيدرو سانشيز زيادة الإنفاق العسكري كما تطالب واشنطن، لأن ترامب يكره الحلفاء الذين لا يحققون مكاسب مادية لبلاده، وهي كراهية تدرّ عليه أرباحا طائلة، حسب الكاتب.
وقال الكاتب -لمحاورته إيزابيل لاسير- إن كراهية ترامب "لنا هي وسيلته لجعلنا ندفع نقدا، وبأسعار متزايدة"، موضحا أن المجمع العسكري الصناعي الأميركي يفيض بالطلبات من قبل الدول الأوروبية، وهو يكسب ملايين الدولارات من شراء أوروبا للأسلحة الأميركية لتسليح أوكرانيا.
ورقميا، أشار الكاتب إلى أن عمالقة التكنولوجيا الأميركيين يكرهون الأوروبيين لأنهم يخشون من أي تنظيم أوروبي محتمل قد يحد من وصولهم الحر إلى السوق الأوروبية التي تعد ضرورية لأرباحهم الهائلة.
وهنا تكمن مفارقة عصرنا الكبرى -كما يقول فيرلي- "فنحن الأوروبيين أصبحنا الوقود الذي يغذي أرباح عمالقة الإنترنت، أولئك العظماء الذين يطالب دونالد ترامب بألا يخضعوا لأي تنظيم أو ضرائب في القارة العجوز".
والنتيجة -كما يرى فيرلي- هي أن أوروبا تراجعت في هذا المجال، وتركت أبواب سوقها الكبيرة وبياناتنا مفتوحة على مصراعيها، وذلك ما جعل المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون يدق ناقوس الخطر داعيا للتحرك، ولكن الأمور تسير ببطء شديد.
أما فكريا وقيميا، فيشير الكاتب إلى أن ترامب والمحيطين به من أنصار حركة "اجعلوا أميركا عظيمة مجددا" ( ماغا )، وعلى رأسهم نائبه جيه دي فانس ، ينظرون إلى الدول الأوروبية كبلدان منحطة، في طريقها إلى الأسلمة، عاجزة عن فرض الاحترام بالقوة، تلك القيمة التي يقدسونها.
ولذلك يرى أنصار ترامب أنهم أصحاب الرسالة في "إعادة تأهيلنا وإعادتنا إلى الطريق الصحيح" -كما يقول الكاتب- لأنهم يعتقدون أنهم الورثة الحقيقيون للقيم الغربية، وأن علينا نحن الأوروبيين أن نطيع، كما يقولون بصراحة.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة