اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة ،الاثنين، مع أمين مجلس الأمن الروسي سيرغي شويجو وسيرجى ميخييف، نائب مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسي مسؤولين روس رفيعي المستوى آخرين.
كما حضر وزيرالخارجية المصري بدر عبد العاطي، واللواء حسن رشاد رئيس المخابرات العامة.
وتهدف الزيارة إلى تعزيز التعاون العسكري والاقتصادي بين البلدين، وفق بيان صادر عن مجلس الأمن الروسي، الذي أشار إلى أن الزيارة ستشهد التركيز على المشروعات الاستراتيجية في مجالات التجارة والطاقة والأمن الغذائي.
وتربط القاهرة وموسكو علاقات قوية في مجالات عدة كالدفاع والاقتصاد والاستثمارات. فما أبرز المحطات في تاريخ العلاقات المصرية الروسية؟
تعود جذور العلاقات الدبلوماسية بين مصر وروسيا إلى الحقبة الملكية عام 1943، عندما أُنشِّئْت سفارة لمصر في موسكو وسفارة للاتحاد السوفيتي في القاهرة وقنصلية في الإسكندرية.
ويقول الدكتور علي الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة في مقال نُشر في جريدة الأهرام المصرية الحكومية إن الإجراءات لإقامة علاقات بين البلدين بدأت عندما " أرسل ميخائيل كالينين رئيس مجلس السوفييت الأعلى خطاباً إلى الملك فاروق رشَح فيه السفير نيكولاى نوفيكوف ليكون سفيراً لروسيا فى القاهرة".
وفى المُقابل، اقترح الملك فاروق في رسالة إلى كالينين ترشيح السيد محمد كامل عبد الرحيم بك سفيراً لمصر في موسكو، بحسب هلال.
وفي أغسطس/أب عام 1948، وُقعت أول اتفاقية اقتصادية بين البلدين لتبادل القطن المصري بالحبوب والأخشاب من الاتحاد السوفيتي.
وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، توطدت العلاقات العسكرية والاقتصادية بين موسكو والقاهرة في الفترة بين عام 1955 إلى 1967، في أعقاب التوترات المستمرة بين مصر والولايات المتحدة، بعدما رفضت واشنطن طلب القاهرة الحصول على مساعدات عسكرية واقتصادية عام 1955.
وكان الرئيس جمال عبد الناصر قد أمّم في يوليو/ تموز عام 1956 قناة السويس لتمويل السد العالي في أسوان، بعد أن سحبت بريطانيا والولايات المتحدة وعودهما بتمويل السد.
وفي عام 1958 جرى توقيع اتفاقية بين موسكو والقاهرة، لإقراض مصر 400 مليون روبل (ما يعادل حوالي خمسة ملايين دولار حينها) لتنفيذ المرحلة الأولي من السد.
لينمو بعدها التعاون بين البلدين، ما يعني مزيداً من النفوذ الروسي فى الشرق الأوسط، إبّان حقبة الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو.
تخلّلت هذه العلاقة القوية بين القاهرة وموسكو توترات بسيطة عام 1959، عندما هاجم عبد الناصر الحزب الشيوعي السوري في خطاب جماهيري عام 1958 متهماً إياه بأنه يعمل ضد الوحدة وضد القومية العربية.
وفي المؤتمر الـ21 للحزب الشيوعي السوفييتي الروسي، قال الرئيس الروسي، نيكيتا خروشوف إن "هناك وجهات نظر متباينة بين الروس وبعض زعماء الجمهورية العربية المتحدة، ولكن هذا لا يؤثر على العلاقات الودية بين بلادنا، وكفاحنا المشترك ضد الاستعمار".
لكن تلك التوترات لم تصل إلى حد التراشق الكلامي ولم تؤثر على العلاقات القوية بين البلدين آنذاك.
ففي عام 1964وضع الرئيس المصري جمال عبد الناصر والرئيس الروسي، نيكيتا خروشوف حجر الأساس للمرحلة الأولى من بناء السد العالي في أسوان، إذ إنه تم تمويل السد وبناؤه بمساعدة روسية.
وفي عام 1972، توترت العلاقات بين مصر وروسيا بعدما طرد السادات 16 ألف عسكري روسي بشكل غير رسمي، بسبب رفض الاتحاد السوفييتي حينها إمداده بالأسلحة التي كان يرغب في الحصول عليها.
وفي عام 1976، ألغت مصر "معاهدة الصداقة والتعاون" مع موسكو التي وُقّعت عام 1971، وتوقفت القاهرة عن شراء الأسلحة الروسية تماماً، ليبدأ بعدها فصل جديد في العلاقات العسكرية المصرية الأمريكية.
فمصر تتلقى منحاً اقتصادية عسكرية أمريكية، بموجب توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، وتحصل القاهرة، سنوياً، على مبلغ ثابت من المعونة الأمريكية تحوّلت منذ عام 1982 إلى منح لا ترد.
عادت العلاقات إلى التوتر،مجدداً ، بين مصر وروسيا في سبتمبر/أيلول عام 1981 قبل اغتيال الرئيس أنور السادات بشهر واحد، عندما اتهم السادات في خطاب له، الروس المقيمين قي مصر بإذكاء الخلافات بين المسيحيين والمسلمين بهدف التحريض على العنف وإسقاط نظامه، وهو ما نفته موسكو حينها.
لتغلق الحكومة المصرية وقتها مكتب الاتصال العسكري السوفييتي في القاهرة وتلغي عقود ما يُقدّر بنحو 1500 مستشار سوفييتي.
كما طالبت الحكومة المصرية أيضاً بتقليص حجم السفارة الروسية إلى حجم البعثة المصرية في موسكو، التي بلغ عدد موظفيها وقتها، نحو عشرة أفراد. كما أعلنت مصر أنها ستغلق أيضاً مكتب الاتصال العسكري التابع لها فيما كان يُطلق عليه وقتها "الاتحاد السوفيتي".
في عام 1982 أثناء فترة حكم الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك، بدأت العلاقات المصرية الروسية في التحسن تدريجياً عندما أرسل مبارك وفداً رفيع المستوى لتشييع جنازة الرئيس الروسي ليونيد بريجنيف.
كما كانت مصر من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية مع روسيا الاتحادية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991.
وفي عام 1997 أجرى الرئيس المصري محمد حسني مبارك أول زيارة رسمية إلى روسيا الاتحادية، حيث تم توقيع اتفاقية تعاون روسية وسبع اتفاقيات أخرى. وتلا ذلك زيارتان رئاسيتان إلى روسيا عامي 2001 و2006.
وفي نوفمبر/تشرين الأول عام 2013، شهدت العلاقات المصرية الروسية ولادة جديدة، حينما التقى وزيرا الخارجية والدفاع الروسيان مسؤولين مصريين كباراً في القاهرة لإجراء محادثات هي الأعلى مستوى منذ عقود.
وكان من بين المسؤولين، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي كان حينها وزيراً للدفاع.
إذ سعت وقتها روسيا، ثاني أكبر مصدر للسلاح في العالم، إلى توثيق العلاقات العسكرية مع مصر إثر توتر العلاقات بين واشنطن والقاهرة، مما أدى الى تجميد الولايات المتحدة لجزء من مساعداتها العسكرية للجيش المصري في أعقاب فترة حساسة شهدتها مصر، بعد احتجاجات شعبية اندلعت ضد حكم الرئيس محمد مرسي أدت إلى تظاهرات ضخمة في عام 2013 شارك فيها ملايين المصريين.
ما دفع الجيش إلى التدخل وإعلانه تعليق العمل بالدستور وتشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة لإعداد دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية جديدة.
وفي عهد الرئيس السيسي، ازدهرت العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بين موسكو والقاهرة.
إذ قالت وكالة انترفاكس الروسية، في سبتمبر/ أيلول عام 2014، نقلاً عن الهيئة الروسية للتعاون العسكري إن القاهرة وموسكو توصلتا لاتفاق مبدئي تشتري بموجبه مصر أسلحة من روسيا بقيمة 3.5 مليار دولار.
وفي عام 2015 استلمت مصر منظومة صواريخ "إس- 300 "، الروسية المضادة للصواريخ الباليستية. كما وقّع البلدان اتفاقاً يقضي بقيام روسيا بتمويل وبناء محطة لتوليد الكهرباء، تضم أربعة مفاعلات بقوة إنتاج تصل إلى 1200 ميغاوات.
كما وقّعت القاهرة وموسكو في عام 2017 اتفاقية لبناء أول محطة مصرية للطاقة النووية، بقرض روسي بلغت قيمته 24 مليار دولار.
ووقع السيسي وبوتين على الاتفاق خلال مراسم نقلت مباشرة على التلفزيون المصري الرسمي، بحضور بوتين ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
ويقع مفاعل الضبعة على شاطئ البحر المتوسط في محافظة مرسى مطروح شمال غرب مصر، وتستوعب أرض المفاعل 8 محطات نووية.
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة