منذ عام 2005، يكون منصب رئيس الجمهورية من نصيب الأكراد، ويتولى الشيعة رئاسة الوزراء وهو المنصب الأهمّ، في حين يتولى السنة قيادة مجلس النواب، بناء على نظام محاصصة بين القوى السياسية النافذة في العراق.
ويفترض أن ينتخب البرلمان رئيسا جديدا له، في جلسته الأولى التي يجب أن تنعقد خلال 15 يوما من إعلان النتائج النهائية ويترأسها النائب الأكبر سنّا.
وبعد الجلسة الأولى، يفترض أن ينتخب البرلمان رئيسا للجمهورية خلال 30 يوما بغالبية الثلثَين.
وغالبا ما لا يلتزم السياسيون العراقيون بالمهل الدستورية بسبب مناوشات سياسية معهودة، وفقا لتقرير بثته وكالة رويترز حول الانتخابات البرلمانية العراقية التي انطلقت اليوم.
وفي الانتخابات الأخيرة عام 2021، انعقد البرلمان للمرة الأولى بعد نحو 3 أشهر من انتخابه، وذلك بسبب توترات سياسية جرّاء فوز رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بأكبر عدد من المقاعد (73 مقعدا) وتنديد الأحزاب والمجموعات المدعومة من إيران بالنتائج.
واستمرت الأزمة السياسية حتى الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2022 حيث انتخب البرلمان عبد اللطيف رشيد رئيسا للجمهورية والذي كلّف بدوره محمّد شياع السوداني بتشكيل حكومة جديدة.
يتوجّب على رئيس الجمهورية أن يُكلّف رئيسا للحكومة خلال 15 يوما من تاريخ انتخابه، ويكون مرشح "الكتلة النيابية الأكبر عددا" بحسب الدستور ويكون الممثل الفعلي للسلطة التنفيذية.
وفي ظل استحالة وجود أغلبية مطلقة، يكون اختيار رئيس الحكومة المقبل من حق أي ائتلاف قادر على التفاوض مع حلفاء ليصبح الكتلة الأكبر. ولدى تسميته، تكون أمامه مهلة 30 يوما لتأليف الحكومة.
وفي الانتخابات الأخيرة، أصرّ الصدر قبل انسحابه على تشكيل حكومة أكثرية في حين اجتمع آخرون تحت مظلة "الإطار التنسيقي" الذي جاء بالسوداني.
كما كانت الحال مع سلفه، سيتعين على رئيس الوزراء الجديد الحفاظ على توازن دقيق في علاقاته مع الخصمَين إيران والولايات المتحدة.
ولدى إيران نفوذ في العراق، سواء عبر أحزاب شيعية كان لها دور رئيسي في تسمية رؤساء الحكومات، أو عبر فصائل مسلحة موالية لها تشكّل جزءا أساسيا مما يطلق عليه "محور المقاومة" الذي تقوده طهران، والمناهض للولايات المتحدة وإسرائيل بالمنطقة.
و"لكنّ الإيرانيين حاليا في أضعف حالاتهم" حسبما يرى المحلل السياسي العراقي حمزة حداد.
فمنذ اندلاع حرب الإبادة في قطاع غزة عام 2023، تلقّى حلفاء طهران -مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن- ضربات قاسية من إسرائيل التي شنّت كذلك حربا على إيران في يونيو/حزيران طالت خصوصا منشآت نووية وعسكرية.
كما فقدت طهران حليفا رئيسيا مع سقوط حكم بشار الأسد في سوريا أواخر العام 2024.
ويضيف حداد "أعتقد أن الإيرانيين يدركون أنه ليس من مصلحتهم إظهار قدر كبير من التدخل العام" في العراق، وهو حليفها الإقليمي الوحيد الذي تمكّن من النأي بنفسه العامَين الأخيرَين.
ومع ذلك "لا تحتاج إيران إلى إبراز عضلاتها في العراق لأنه بات من الطبيعي أن يمنحها القادة العراقيون مزيدا من الأولوية".
وبعد الخسائر التي منيت بها أخيرا، تسعى طهران حاليا للإبقاء على مكتسباتها في بلد شكّل منفذا رئيسيا لتوسع دورها الإقليمي بعد الغزو الأميركي لبغداد عام 2003، أبرزها الحفاظ على السوق العراقية المفتوحة أمام منتجات اقتصادها المنهك بسبب العقوبات.
وفي خضم التوترات، حافظ العراق على استقرار نسبي، رغم أن فصائل مسلّحة موالية لطهران تبنّت إطلاق صواريخ ومسيّرات على مواقع تضم قوات أميركية في سوريا والعراق، كما قصفت الولايات المتحدة أهدافا لهذه المجموعات بالعراق.
وتسعى واشنطن إلى إضعاف نفوذ إيران من خلال الضغط على العراق لنزع سلاح الفصائل وفرض عقوبات على كيانات عراقية مرتبطة بها، وكذلك تقويض قدرة إيران على التهرب من العقوبات وهي إستراتيجية يُتوقع أن تستمرّ بها واشنطن.
المصدر:
الجزيرة