القاهرة، مصر (CNN)-- أثار ملف "المال السياسي" اهتماما واسعا في الأوساط السياسية المصرية، مع اقتراب التصويت في انتخابات مجلس النواب، باعتباره أحد العوامل المؤثرة في المشهد الانتخابي وشكل المنافسة بين المرشحين.
وتزايدت النقاشات حول طبيعة الإنفاق على الحملات وحدود المسموح به قانونا، ودور التبرعات والدعم المالي في إدارة الحملات الانتخابية، في وقت تسعى فيه الأحزاب والمرشحون إلى تعزيز حضورهم الميداني وضمان الوصول إلى الناخبين في مختلف الدوائر .
وتبدأ فترة الصمت الدعائي للمرحلة الأولى الخميس، على أن يجرى تصويت المصريين في الخارج يومي 7 و8 نوفمبر/ تشرين الثاني، بينما يتم التصويت داخل مصر يومي 10 و11 نوفمبر، وتستمر هذه المرحلة حتى إعلان النتائج النهائية في 18 نوفمبر، الذي يليه استئناف الدعاية لجولة الإعادة.
وتشمل المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب محافظات الجيزة، الفيوم، بني سويف، المنيا، أسيوط، الوادي الجديد، سوهاج، قنا، الأقصر، أسوان، البحر الأحمر، الإسكندرية، البحيرة، ومطروح .
وقال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية والمرشح لانتخابات مجلس النواب، الدكتور أيمن أبوالعلا، إن "التبرعات في إطار المسموح قانونا ليست أمرا مرفوضا"، موضحا أن "من الطبيعي أن يتبرع المواطنون لأحزابهم أو لحملات انتخابية يؤمنون بها، وهذه ظاهرة موجودة في كل انتخابات بالعالم، ولا أرى أنها أمر غير مألوف" .
وأضاف أبوالعلا، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "الحديث عن المال السياسي شهد مبالغة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي"، مشيرا إلى أن "الانتخابات الحالية تشهد منافسة حقيقية ومعركة قوية في الشارع، وبالتالي لا أعتقد أن المال السياسي حتى إن وجد سيكون له تأثير حاسم في النتائج".
ونفى أبوالعلا أن "يكون معظم المرشحين من رجال الأعمال أو الأثرياء"، موضحا أن في دائرته الانتخابية "يوجد مرشحون من مختلف الفئات، بينهم موظفون ومهنيون، وليس الأوفر حظا بالضرورة هم أصحاب المال" .
وأكد أن الهيئة الوطنية للانتخابات "تراقب بدقة سقف الدعاية والإنفاق الانتخابي، وأن أي تجاوز يمكن الإبلاغ عنه عبر القنوات الرسمية، حيث تضع قواعد صارمة لضبط الإنفاق الانتخابي، وقانون الانتخابات يحدد سقف الدعاية بشكل واضح، بما يضمن تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين" .
ماذا يقول القانون؟
ويحدد قانون مباشرة الحقوق السياسية في المادة 25 الحد الأقصى للإنفاق الانتخابي للمرشح الفردي بـ500 ألف جنيه، و200 ألف جنيه في مرحلة الإعادة، في إطار تنظيم الحملات وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المرشحين، كما يحدد الحد الأقصى للقوائم الانتخابية، حيث يمكن للقائمة المخصصة لها 15 مقعدًا إنفاق 2.5 مليون جنيه، ويرتفع المبلغ إلى مليون جنيه في مرحلة الإعادة، ويزداد إلى 3 أضعاف للقائمة المخصصة لها 45 مقعدا .
وتتيح المادة 26 للمرشح تلقي تبرعات نقدية أو عينية من الأشخاص الطبيعيين أو الأحزاب، بشرط ألا تتجاوز 5% من الحد المصرح به للإنفاق، ويلزم القانون المرشح بإخطار الهيئة الوطنية للانتخابات بأسماء المتبرعين وقيمة التبرعات، مع تقدير القيمة النقدية لأي تبرع عيني لا يملك فاتورة معتمدة، بما يضمن الشفافية ومنع استخدام الأموال غير المشروعة أو النفوذ المالي في التأثير على إرادة الناخبين .
البياضي: شراء الأصوات "جريمة"
وقال نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الدكتور فريدي البياضي، إن "المال السياسي ليس ظاهرة جديدة على الانتخابات البرلمانية"، موضحا أنه "موجود منذ بداية الممارسة الانتخابية في البلاد، لكن هذا لا يعني أنه أمر مقبول، بل يجب مواجهته وتجريمه" .
وأضاف البياضي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن "استخدام المال السياسي أو شراء الأصوات يعد جريمة قانونية"، مشيرا إلى أن "المرشح الذي يلجأ لهذا الأسلوب يسيء استغلال الظروف الاقتصادية للناخبين ويحاول التأثير على إرادتهم، وهو ما نحرص على توضيحه في المؤتمرات الانتخابية، أن من يشتري صوتك اليوم، لن يكون ممثلا حقيقيا لك غدا، وعلى المدى الطويل ستخسر كمواطن أكثر من المبلغ الذي حصلت عليه" .
وأوضح أن "الحزب المصري الديمقراطي كان في الانتخابات السابقة يبلغ عن أي مخالفات أو تجاوزات"، مضيفا أن "الانتخابات الحالية فما زالت في بدايتها، ولم نرصد خروقات تستدعي الإبلاغ، لكن إذا رصدنا أي انتهاكات سنتخذ الإجراءات فورا" .
وأشار البياضي إلى أن "هناك أجهزة رقابية في الدولة تتابع سقف الدعاية وحجم الإنفاق الانتخابي، لكن الوعي المجتمعي هو الأساس، فكل صوت له قيمة، وعلى الناخبين أن يدركوا أن بيع الأصوات يضعف العملية الانتخابية ويفقدهم الثقة في التمثيل الحقيقي" .
وأضاف أن بعض الناخبين يبررون بيع أصواتهم باعتقادهم أن "النتيجة محسومة"، وهو ما وصفه بأنه "أخطر ما يمكن أن يصيب العملية الانتخابية، لأن الثقة في المنافسة هي ما يمنح الانتخابات معناها الحقيقي ."
وتتضمن المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025 محافظات: القاهرة، القليوبية، الدقهلية، المنوفية، الغربية، كفر الشيخ، الشرقية، دمياط، بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، شمال سيناء، وجنوب سيناء، وتبدأ فترة الدعاية الانتخابية لهذه المرحلة من 6 نوفمبر حتى 20 نوفمبر، يليها الصمت الدعائي في 20 نوفمبر .
ويجرى تصويت المصريين في الخارج يومي 21 و22 نوفمبر، بينما يتم التصويت داخل البلاد يومي 24 و25 نوفمبر، على أن تعلن النتائج النهائية يوم 2 ديسمبر/ كانون الأول، مع استئناف الدعاية لجولات الإعادة في حال الحاجة إليها .
المصدر:
سي ان ان