آخر الأخبار

كيف يؤثر سقوط الفاشر على مستقبل الحرب في السودان؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

وسط تصاعد حدة الصراع في إقليم دارفور (غرب السودان) شكّلت مدينة الفاشر خط الدفاع الأول في مواجهة قوات الدعم السريع، قبل أن تسقط أخيرًا تحت سيطرتها بعد حصار استمر أكثر من 18 شهرًا. حصارٌ وصفه مراقبون بأنه "الأقسى والأطول" منذ اندلاع الحرب السودانية ، إذ حوصرت المدينة تمامًا، وحُرم سكانها من الغذاء والدواء، واستُنزفت مواردها الدفاعية مع انقطاع خطوط الإمداد العسكري.

وتحذر منظمات أممية من أن أكثر من 260 ألف مدني ظلوا محاصرين داخل المدينة، بينهم نحو 130 ألف طفل، مع وفاة مئات بسبب الجوع والمرض ونقص الرعاية، في ظل ما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه "أسوأ كارثة إنسانية صامتة في دارفور منذ عقدين".

اقرأ أيضا

list of 4 items
* list 1 of 4 الفاشر تصارع الحصار والجوع تحت القصف
* list 2 of 4 القصة الكاملة لسقوط الفاشر
* list 3 of 4 سقوط الفاشر.. وجرائم على المباشر
* list 4 of 4 الفاشر تحت النار.. مأساة السودان المنسية! end of list

ورغم أن سيطرة الدعم السريع على الفاشر شكّلت تحولًا ميدانيًا، يرى محللون أن هذا التطور لا يعكس بالضرورة تحولًا إستراتيجيًا حاسمًا في ميزان الحرب، إذ تسعى هذه القوات من خلاله لترسيخ نفوذها السياسي قبل أي مفاوضات محتملة، في وقت يواصل الجيش السوداني قصف مواقعها جوًا لاستعادة زمام المبادرة، وسط تقارير عن انتهاكات واسعة بحق المدنيين.



صمود تحت الحصار

قال الكاتب والمحلل السياسي ضياء الدين بلال -في حديث للجزيرة نت- إن صمود الفاشر خلال الحصار كان "أقرب إلى المعجزة" إذ قاوم السكان بنقص شديد في الغذاء والسلاح، بينما تلقت "مليشيا الدعم السريع دعمًا خارجيًا بالسلاح والمرتزقة" من عدة دول.

ويرى بلال أن سقوط الفاشر لا يغير موازين الحرب إستراتيجيًا، رغم ما يمثلّه من مكسب سياسي مؤقت للدعم السريع، مشيرًا إلى أن مشروع "المليشيا" أصبح محاصرًا ومهددًا بالتآكل.

إعلان

وأشار إلى أن قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكات واسعة ضد المدنيين في ظل تواطؤ دولي، لكنه أكد أن الجيش ما يزال قادرًا على قلب المعادلة بشرط تفكيك خطوط الإمداد الخارجية، معتبرًا أن تفكيك المليشيا نفسها شرط أساسي لأي سلام حقيقي.

ويرى أن قوات الدعم السريع تسعى إلى استثمار هذا "الإنجاز" في أي مفاوضات مقبلة، لتقدم نفسها كقوة أمر واقع تسيطر على إقليم كامل، وتحاول عبره فرض شروطها السياسية والاقتصادية.

لكن هذا ليس تغييرًا حقيقيًا في موازين القوى -وفق رأيه- فالمليشيا التي كانت تطمح للسيطرة على كامل السودان، تجد نفسها اليوم محاصرة في دارفور وأجزاء من كردفان، وهو ما يعكس تآكل مشروعها ككل العسكري والسياسي.

خسارة مؤلمة

في ظل تزايد وتيرة الضربات الجوية للجيش السوداني على أطراف الفاشر، وتحذيرات عسكرية من تحول المدينة إلى منصة تهديد إستراتيجي للشمال، يرى محلل عسكري في مقابلة مع الجزيرة نت -طالبا عدم ذكر اسمه- أن سقوط الفاشر يُعد "خسارة إستراتيجية مؤلمة" للجيش السوداني، إذ كانت آخر موقع رئيسي له في منطقة شمال دارفور.

وأوضح أن خروج قوات الفرقة الثالثة (موشا) والقوات المشتركة من مدينة الفاشر يُعدّ ضربة تكتيكية ومصدرًا للقلق، لكنه لا يعني بالضرورة انهيارا نهائيا للقوات المسلحة. وأضاف أن هذه القوات قامت بدور دفاعي كبير واستنزفت موارد ودفعّت خسائر فادحة في صفوف الدعم السريع، بما في ذلك مئات الهجمات المضادة والضربات التي ألحقت خسائر بشرية لقيادات ميدانية.

ويشير إلى أن السيطرة على المدينة لا تعني انتهاء القتال، بل تجعل استعادتها أكثر تعقيدًا وكلفة، خاصة بعد سيطرة "المليشيا" على المطار، مما عزز قدرتها على نقل الإمدادات وشن هجمات بطائرات مسيرة حتى على الخرطوم .

وحذر من أن الفاشر قد تتحول إلى منصة تهديد إستراتيجي للشمال إذا لم تُعتمد خطة عسكرية جديدة تستهدف خطوط الإمداد الخارجي، كما استبعد سيناريو انفصال دارفور لغياب أي شرعية داخلية أو دولية للدعم السريع.

خرق صارخ

ومع اتساع نطاق الجرائم الموثقة في الفاشر، بما في ذلك المقابر الجماعية وعمليات الاختفاء القسري، وصف عامر حسن المختص بالعلاقات الدولية والشؤون الأمنية والعسكرية دخول قوات الدعم السريع إلى الفاشر بأنه "خرق صارخ لقرارات مجلس الأمن بشأن حماية المدنيين".

وأوضح -في تصريحاته للجزيرة نت- أن ما جرى ليس حادثًا معزولًا، بل حلقة متصلة من الانتهاكات الممتدة من الجنينة إلى الخرطوم، في ظل غياب شبه تام لأي محاسبة دولية.

ولفت إلى أن الدعم المالي والعسكري من الخارج، إضافة إلى التحركات العابرة للحدود من ليبيا وتشاد ، من العوامل الحاسمة في سقوط المدينة. واستبعد سيناريو الانفصال، مؤكدًا أن المجتمع المحلي في دارفور لا يزال يرى نفسه جزءًا من السودان، رغم عمق الصدمات التي تعرض لها.

ويرى المحللون أن سقوط الفاشر، رغم رمزيته وتأثيره الميداني، لا يعني حسم الحرب، بل يشير إلى دخولها مرحلة أكثر تعقيدًا.

ففي حين يرى بلال أن الجيش قادر على استعادة زمام المبادرة بشرط تقويض الدعم الخارجي للدعم السريع، يحذّر المحلل العسكري من تحول الفاشر إلى تهديد للشمال ما لم تُعتمد خطط عسكرية جديدة، بينما يربط حسن أي تسوية سياسية بتفكيك مليشيا الدعم السريع وإعادة سلطة الدولة إلى الإقليم.

إعلان

وبينما تتسع رقعة الانتهاكات الميدانية وينكشف حجم التدخلات الخارجية، تبدو دارفور على شفا مزيد من الانهيار، في غياب أي أفق لتسوية قابلة للحياة، ما دام السلاح لا يزال خارج إطار الدولة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا