آخر الأخبار

قراءة في بيان التعبئة العامة لمجلس الدفاع السوداني

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الخرطوم- تبنى مجلس الأمن والدفاع برئاسة رئيس مجلس السيادة والقائد العام ل لجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ، التعبئة العامة في البلاد للقضاء على قوات الدعم السريع ، بينما كان الرأي العام يتوقّع ردا مباشرا على مقترح أميركي بهدنة إنسانية تستمر 3 أشهر.

ويرى مراقبون أن مجلس الدفاع لم يرفض خطة المجموعة الرباعية -الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات- بشأن السلام، التي طرحتها في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، ولكنه في الوقت نفسه لم يقبل الرؤية الأميركية للهدنة الإنسانية.

وقال مسعد بولس كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشؤون العربية والأفريقية، الاثنين الماضي، إن الولايات المتحدة تعمل على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق نار إنساني في السودان، لمدة 3 أشهر قابلة للتمديد. مشيرا إلى أن المحادثات المنفصلة بواشنطن مع الجيش وقوات الدعم السريع تسير بتقدم ملحوظ رغم التعقيدات الميدانية.

مصدر الصورة مجلس الأمن والدفاع أكد تمسكه بمرجعيته التي تستند على الخطة التي سلمها للأمم المتحدة و"إعلان جدة" (مجلس السيادة)

تعبئة عامة

وعقد مجلس الأمن والدفاع جلسة طارئة بولاية الخرطوم، أمس الثلاثاء، لمناقشة التطورات العسكرية والأمنية والإنسانية، وتفاصيل المقترح الأميركي بشأن الهدنة الإنسانية، ونتائج مشاورات الوفد العسكري السوداني مع الجانب الأميركي في واشنطن.

ويضم مجلس الأمن والدفاع أعضاء مجلس السيادة، ورئيس الوزراء كامل إدريس ، وكلا من وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والمالية والعدل، ورئيس هيئة أركان الجيش، والمدير العام لجهاز المخابرات العامة، كما انضم للاجتماع الطارئ زعماء الحركات المسلحة في دارفور (القوة المشتركة).

وأعلن المجلس، في بيان له -عقب اجتماعه- التعبئة العامة للقوات المسلحة، واستنهض الشعب للمساعدة في القضاء على "مليشيا قوات الدعم السريع ومرتزقتها".

إعلان

وقال وزير الدفاع السوداني حسن كبرون "مستمرون في استنهاض الشعب لمساعدة الجيش في القضاء على مليشيا الدعم السريع"، وأشار إلى أن الجيش سيواصل القتال.

وأوضح كبرون أن المجلس ناقش الوضع الإنساني والمبادرات المقدمة من بعض الأطراف الدولية، معربا عن ترحيبه "بالجهود المخلصة التي تدعو إلى إنهاء معاناة السودانيين".

وذكر وزير الدفاع أن المجلس أقر تكليف لجنة لتقديم رؤية حكومة السودان حول تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ودعم العمل الإنساني واستعادة الأمن والسلام في كل أرجاء السودان.

وكشفت مصادر رسمية قريبة من مجلس السيادة للجزيرة نت، أن مجلس الأمن والدفاع لم يرفض أية مقترحات لمعالجة الأوضاع الإنسانية والتعاطي مع جهود السلام، لكنه متمسك بمرجعيته التي تستند على الخطة التي سلّمها للأمم المتحدة في مارس/آذار الماضي، و"إعلان جدة" الموقّع مع الدعم السريع في مايو/أيار 2023.

وعدّت المصادر -التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها- إعلان التعبئة أمرا طبيعيا بعدما حدث في الفاشر ، وحشد قوات الدعم السريع للتوسع في ولايات كردفان، ومحاصرتها بابنوسة والدلنج وكادقلي، وسعيها لفرض حصار مماثل للفاشر على الأبيّض عاصمة ولاية شمال كردفان، مما يعكس عدم رغبتها في السلام.

مصدر الصورة العطا (وسط): قوات الدعم السريع سيهربون قريبا من كردفان ومن كل شبر في دارفور (مجلس السيادة)

تصعيد عسكري

وفي تطور يشير إلى تصاعد مرتقب للمواجهات العسكرية، توعّد عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش ياسر العطا بتحقيق نصر حاسم على قوات الدعم السريع، متنبئا بانهيارها قريبا في ولايات كردفان وإقليم دارفور.

وقال العطا، خلال اجتماع مع قادة القوة المشتركة في الخرطوم، عُقد على هامش اجتماع مجلس الأمن والدفاع الوطني، إن قوات الدعم السريع "ستهرب من كردفان كما هربت من مناطق الجيلي، وأم درمان، وبحري، وشرق النيل، والخرطوم، والجزيرة، وسنار، والنيل الأبيض، سيهربون قريبا من كردفان، ومن كل شبر من أرضنا الحبيبة في دارفور".

من جانبها، أكدت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح دعمها الكامل والثابت للإرادة الشعبية السودانية، الرافضة بشكل قاطع لأية "تسويات أو حلول سياسية قد تُكرّس واقعا مختلا، يساوي بين الدولة الشرعية ومؤسساتها، والمليشيا الخارجة عن القانون".

وثمّنت القوة المشتركة في بيان، اليوم الأربعاء، موقف الحكومة وقيادة الجيش في تمسّكهما بالحقوق المشروعة في الدفاع عن الوطن، وحثت على العمل بكل الوسائل الممكنة لدعم جهود التعبئة الوطنية الشاملة "حتى تحقيق النصر الكامل".

استهلاك سياسي

من جانبه، قرأ مكي الشبلي، المدير التنفيذي لمركز "الدراية للدراسات الإستراتيجية" تصريح وزير الدفاع باعتباره قبولا للسلام مع استمرار التعبئة العامة للحرب.

وكتب الشبلي في منشور له على وسائل التواصل أن "الهدنة -بحسب خطة المجموعة الرباعية- هي إجراء إنساني مؤقت يمتد لثلاثة أشهر، يهدف إلى وقف العمليات القتالية وفتح الممرات الإنسانية، ولا تلغي التعبئة الدفاعية من حيث المبدأ، لكنها تمنع استخدامها لشن هجمات أو لتغيير ميزان القوى على الأرض".

إعلان

ويدعو الشبلي إلى فهم تصريح وزير الدفاع "في سياق الاستهلاك السياسي الداخلي لتحييد أنصار الحرب، أكثر من كونه إعلانا بتجاهل شروط هدنة الرباعية".

كما أن المناورة السياسية للجيش -كما يقول المتحدث- تفقد صلاحيتها بعد 3 أشهر حين تبدأ مرحلة وقف إطلاق النار، وعندها تتوقف حتى التعبئة اللفظية للحرب، ناهيك عن التعبئة العسكرية.

أما الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم الصديق، فيعتقد أن البيان الذي حمل موقف مجلس الأمن والدفاع تعامل مع الهدنة الإنسانية من خلال تشكيل لجنة لتقديم رؤية حكومية، فهو يفصل المسار الانساني عن الميدان العسكري، وأن إعلان التعبئة والاستنفار يأتي استجابة للضغط الشعبي وتفاعلاته.

وحسب حديث الكاتب للجزيرة نت فإن "الدعم السريع وأطرافا إقليمية استخدمت التحركات العسكرية لأغراض سياسية ولتوفير مناخ ضاغط"، ويبرز ذلك من خلال تكثيف الهجمات في ولايات كردفان. ولهذا، فإن "رسالة الحكومة هي التذكير بأن لدينا مخزونا شعبيا مساندا".

خيارات محدودة

واعتبر الصديق أن المجموعة الرباعية تواصل ضغوطها من دون أن تمتلك أوراق تفاوض كثيرة، "ومع ازدياد الوعي العام في كثير من الدول الأوربية بعد الجرائم المروعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر وبارا ومناطق أخرى، فإن خياراتهم أضعف في ممارسة الضغط على الدعم السريع وتشكيل دوره في مستقبل السودان".

بدوره، يرى الخبير في شؤون القرن الأفريقي والمحلل السياسي عمار العركي، أن "الموقف من الهدنة لم يكن رفضا مطلقا لمبدأ وقف النار، بل رفضا لتلك الصيغة التي أُريد بها تعطيل مسار الحسم الميداني، وتحويل السودان إلى ساحة مساومات دولية".

ويوضح العركي للجزيرة نت، أن بيان مجلس الدفاع حمل أبعادا سياسية وعسكرية؛ "إذ وضع المجلس خطوطا حمراء واضحة، في أن الحرب لم تعد مجرد صراع داخلي، بل مواجهة مع مشروع يستهدف بقاء الدولة" حسب قوله.

ويضيف الكاتب أن موقف الحكومة في جوهره يتمثل بأن السودان لن يقبل أن تُفرض عليه تسويات قسرية تحت عناوين إنسانية، وأنه منفتح على المبادرات الصادقة بالقدر الذي يحترم سيادته وإرادته الوطنية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا