تراجعت الأسهم الآسيوية بقوة الأربعاء، لتواصل موجة الهبوط التي قادتها شركات التكنولوجيا في الأسواق الأميركية، على وقع مخاوف متزايدة من تضخم فقاعة استثمارات الذكاء الاصطناعي.
وانخفض مؤشر "كوسبي" الكوري الجنوبي – أحد أبرز المؤشرات أداءً هذا العام بفضل حماس المستثمرين تجاه الذكاء الاصطناعي – بنسبة 6.2% في بعض جلسات التداول، بينما أغلق مؤشر "نيكاي 225" الياباني على تراجع بلغ 2.8%.
وجاءت هذه الانخفاضات بعد أن خسر مؤشر S&P 500 الأميركي نحو 1.2%، وناسداك أكثر من 2% يوم الثلاثاء، وسط تحذيرات من مبالغات في تقييم شركات الذكاء الاصطناعي، وتنبيهات من كبار التنفيذيين في "وول ستريت" بشأن احتمال تعرض الأسواق لتصحيح وشيك، وفقا لتقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز"، واطلعت عليه "العربية Business".
وفي هونغ كونغ، تراجع مؤشر هانغ سنغ بنسبة 0.2%، بينما صعد مؤشر CSI 300 الصيني الرئيسي بنسبة 0.2%. أما في تايوان، فانخفض مؤشر تايكس بنسبة 1.3% بعد تراجعه بما يصل إلى 2.6% خلال الجلسة.
وتشير العقود الآجلة إلى مزيد من الانخفاضات في الأسواق الأميركية والأوروبية، إذ تراجع مؤشر Stoxx Europe 600 بنسبة 0.5% وناسداك 100 بنسبة 0.3% في التعاملات المبكرة.
وقال أندرو شلوسبرغ، الرئيس التنفيذي لشركة Invesco، خلال مؤتمر مالي نظمته هيئة النقد في هونغ كونغ: "نقترب أكثر من مرحلة التصحيح مما نحن عليه من ارتفاع جديد بنسبة 10 إلى 20%".
وأضاف محللون أن الأسواق الآسيوية حققت أداءً قوياً هذا العام، لكن المكاسب تركزت في أسهم الشركات المرتبطة بالطلب على الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، مثل OpenAI وAnthropic وxAI التابعة لإيلون ماسك، والتي شهدت قفزات هائلة في تقييماتها خلال العام الماضي.
وقال جيسون لوي، رئيس إستراتيجيات الأسهم والمشتقات في آسيا والمحيط الهادئ لدى BNP Paribas، إن "توقعات الذكاء الاصطناعي ارتفعت بشكل كبير في شمال آسيا خلال الشهر الماضي، مدفوعة بسلسلة من الصفقات بين شركات الرقائق في المنطقة ونظيراتها الأميركية".
وكانت شركات تصنيع الرقائق الآسيوية بين الأكثر تضررًا، إذ تراجعت أسهم SK Hynix وSamsung Electronics بنسبة 9.1% و7.2% على التوالي قبل تقليص خسائرها، بينما انخفضت أسهم TSMC – أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم – بنسبة 2.7%.
وفي أسواق السندات والعملات، تراجع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.02 نقطة مئوية إلى 4.07%، فيما ضعف الدولار بنسبة 0.1% أمام سلة من العملات الرئيسية. واستقرت العملات الآسيوية والسندات الحكومية إلى حد كبير، حيث تراجع الدولار 0.1% أمام الين الياباني إلى حوالي 153.5 ينًا، بينما ظلت عوائد السندات اليابانية لأجل 10 سنوات مستقرة عند 1.66%.
أما في أسواق الأصول البديلة، فقد ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 1.5% ليصل إلى 101,785 دولارًا للوحدة، كما صعد الذهب بنسبة 0.9% إلى 3,966 دولارًا للأونصة بعد تراجعه في جلسة الثلاثاء.
وحظي الين الياباني والدولار بإقبال كبير، اليوم الأربعاء، باعتبارهما ملاذين آمنين في ظل عمليات بيع مكثفة للأسهم لا سيما المرتبطة بالتكنولوجيا في وول ستريت والتي امتدت إلى آسيا.
وظل الدولار الأسترالي، شديد التأثر بالمخاطر، ضعيفا بعد تراجعه 0.8% مقابل العملة الأميركية، أمس الثلاثاء، في حين سجل الدولار النيوزيلندي أداء أسوأ، إذ ظل يحوم عند أدنى مستوى في نحو 7 أشهر بعد ارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى منذ عام 2016. ومقابل الدولار الأسترالي، تراجعت العملة النيوزيلندية إلى أدنى مستوياتها في 12 عاماً، وفقاً لوكالة "رويترز".
وتحرك الجنيه الإسترليني بالقرب من أدنى مستوى في 7 أشهر بعد أن ألمحت وزيرة الخزانة البريطانية ريتشل ريفز إلى زيادات ضريبية واسعة النطاق في الميزانية التي ستطرحها في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وقال رئيس أبحاث الصرف الأجنبي بالأسواق في إن.إيه.بي، راي أتريل: "انتشر العزوف عن المخاطرة في الأسواق خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية"، مما أدى إلى "ارتفاع الدولار مقابل جميع العملات باستثناء الين الياباني وتسجيل العملات شديدة التأثر بالمخاطر أو النمو أسوأ أداء بين العملات الرئيسية".
وأضاف "هذا إلى جانب الجنيه الإسترليني، الذي وصلته رسالة التشديد المالي القادم من الوزيرة البريطانية ريفز بوضوح".
واستقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل اليورو والجنيه الإسترليني والين وثلاث عملات أخرى، عند 100.18، بعد أن ارتفع إلى 100.25 للمرة الأولى منذ أول أغسطس/آب.
وتلقى الدولار دعما أيضا من الانقسامات الحادة بين أعضاء مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) حول المسار الصحيح للسياسة النقدية، مما يشير إلى تراجع احتمالات خفض الفائدة في الاجتماع المقبل في ديسمبر/كانون الأول.
واضطرت الأسواق أيضا إلى التعامل مع الإغلاق الحكومي المستمر، والذي أدى إلى توقف تدفق بيانات الاقتصاد الكلي. وأدى هذا إلى تحول الكثير من التركيز إلى بيانات التوظيف من مؤسسة إيه.دي.بي الخاصة والتي تصدر في وقت لاحق اليوم الأربعاء.
وارتفع الين بنحو 0.2% ليصل إلى 153.42 للدولار، مواصلا مكاسبه التي حققها أمس الثلاثاء وبلغت 0.7%.
في الوقت نفسه، استقر الدولار عند 1.1483 مقابل اليورو بعد ارتفاعه 0.3% في الجلسة السابقة ليصل إلى أعلى مستوى في 7 أشهر.
واستقر الجنيه الإسترليني عند 1.3016 دولار بعد انخفاضه أمس 0.9%.
وتراجع الدولار النيوزيلندي 0.1% إلى 0.5635 دولار أميركي بعد أن انخفض 1.2% أمس ولامس أدنى مستوى في 7 أشهر.
وهبط إلى 1.1512 مقابل الدولار الأسترالي بعد بيانات عن سوق العمل، وهو مستوى لم يشهده منذ أكتوبر/تشرين الأول 2013. وانخفض الدولار الأسترالي 0.2% إلى 0.6476 دولار أميركي.
ولم يطرأ تغير يذكر على عملة بتكوين المشفرة التي سجلت في أحدث تعاملات نحو 100317 دولارا بعد انخفاضها 6.1% أمس الثلاثاء إلى أدنى مستوى منذ 22 يونيو/حزيران.
وأغلقت وول ستريت على انخفاض يوم الثلاثاء مع تحذير بنوك كبرى من أن أسواق الأسهم قد تتجه نحو التراجع، مما يعكس المخاوف المتزايدة بشأن تقييمات الشركات المبالغ فيها.
وتراجعت جميع المؤشرات الأميركية إلى المنطقة السلبية بعد أن أذكى الرئيسان التنفيذيان لمورغان ستانلي وغولدمان ساكس المخاوف من فقاعة محتملة في السوق.
وأثرت أسهم شركات التكنولوجيا بصورة خاصة على المؤشر ناسداك، مع تكبد الأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي أكبر خسائر.
وحذر الرئيس التنفيذي لبنك جيه.بي مورغان تشيس، جيمي ديمون، الشهر الماضي من تزايد خطر حدوث تصحيح كبير في سوق الأسهم خلال فترة تتراوح بين ستة أشهر وعامين، مشيرا إلى عدة عوامل من بينها التوتر الجيوسياسي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة هورايزون لخدمات الاستثمار في هاموند بولاية إنديانا، تشاك كارلسون: "بات المستثمرون أكثر قلقا فيما يبدو حيال تقييمات الأسهم مما كانوا عليه منذ فترة، على الأقل اليوم".
وأضاف: "كانت تقييمات الكثير من هذه الشركات مبالغا فيها إلى حد بعيد، وكانت أرباحها جيدة، ولكنها لم تكن كبيرة... هذه وصفة لجني الأرباح".
وأظهرت بيانات انخفاض المؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 80.42 نقطة أو 1.17% ليغلق عند 6771.55 نقطة، بينما نزل المؤشر ناسداك المجمع 486.08 نقطة أو 2.04% ليصل إلى 23348.64 نقطة. وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 251.44 نقطة أو 0.53% إلى 47085.24 نقطة.
المصدر:
العربيّة