في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في تحليلٍ نشرته مجلة فورين بوليسي، حذّر الكاتب وعالم اللسانيات النيجيري كولا توبوسون من العواقب الوخيمة لأي تدخل عسكري أميركي محتمل في نيجيريا بعد تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي ألمح فيها إلى "غزو" البلاد بحجة حماية المسيحيين.
وأوضح أن مثل هذه الخطوة ستكون كارثة على دولة تعاني أصلا انقسامات دينية وعرقية وسياسية عميقة.
وقال إن الحملة ضد نيجيريا أخذت تترسخ تدريجيا في الولايات المتحدة، وأصبحت الدولة الواقعة في غرب أفريقيا محور نقاشات في العام الماضي بوسائل الإعلام اليمينية الأميركية، وامتدّ صداها حتى إلى مساحات أكثر ليبرالية قبل أن تتحول أخيرا إلى سياسة حكومية رسمية.
وأضاف أن ترامب وجّه في 31 أكتوبر/تشرين الأول المنصرم أعضاء حكومته لوضع نيجيريا في فئة "الدول المثيرة للقلق بشكل خاص"، وإعداد خطط لاستخدام القوة إذا لزم الأمر.
ووفقا للمقال، فإن السبب المعلن هو أن الحكومة النيجيرية فشلت في حماية المسيحيين في حربها ضدّ "قطّاع الطرق والإرهابيين وغيرهم ممن يسعون لزعزعة استقرار الدول".
غير أن توبوسون يرى أن هذا الطرح يتجاهل واقع البلاد المعقّد، فالعنف الذي يطال المسيحيين ليس موجّها ضدهم وحدهم، بل يطال المسلمين والمجموعات الأخرى أيضا.
ويُذكّر الكاتب بأن نيجيريا، التي تُعد أكبر الدول الديمقراطية في أفريقيا، تتكوّن من مزيجٍ إثني وديني متشابك، فشمالها يغلب عليه المسلمون وعلى جنوبها المسيحيون.
أما الحزام الأوسط -الذي يُعتبر عادة جزءا من الشمال- فيضم عددا كبيرا من السكان غير المسلمين، في حين يتعايش في الجنوب مسيحيون ومسلمون وأتباع ديانات تقليدية.
ومع أن غالبية المسلمين يعيشون بسلام مع جيرانهم، فإن البلاد تواجه تمرّد جماعة بوكو حرام، التي شنت منذ أكثر من عقد هجمات مسلحة تمثلت ذروتها في عام 2014 باختطاف أكثر من 270 طالبة في شمال شرقي البلاد.
ويشير في تحليله إلى أن جذور الانقسام أعمق من الدين، إذ ترتبط بتاريخ السيطرة العسكرية الشمالية والفساد المستشري والجوع والصراع على النفط في دلتا النيجر ، فضلا عن احتجاجات الشباب عام 2020 التي قمعتها السلطات بعنف.
أي تدخل أميركي لن يطفئ الحريق بل سيزيده اشتعالا، و"المتطرفون" لا يستهدفون المسيحيين وحدهم بل أيضا المسلمين "المعتدلين".
كما يضيف أن تغيّر المناخ، "الذي ترفض إدارة ترامب الاعتراف بوجوده أصلا"، فاقم الصراع بين رعاة الماشية من عِرقية الفولاني الرحّل والمزارعين في الوسط بسبب تدهور المراعي نتيجة الجفاف والتصحر، مما يدفع بالتعدّي على أراضي المزارعين الخاصة ويشعل المواجهات.
ويعتقد عالم اللسانيات في تحليله أن أي تدخل أميركي لن يطفئ هذا الحريق بل سيزيده اشتعالا، مؤكدا أن "المتطرفين" لا يستهدفون المسيحيين وحدهم بل أيضا المسلمين "المعتدلين".
ويستشهد بحوادث ميدانية مثل الهجوم على منطقة باركين لادي في ولاية بلاتو الذي قُتل فيه 13 مسيحيا، إلى جانب مضايقات دينية ضد أتباع المعتقدات التقليدية في ولاية كوارا غربي نيجيريا.
ويخلص توبوسون إلى أن نيجيريا -التي يعيش فيها نحو 240 مليون نسمة "جُمِعوا قسرا" بفعل الاستعمار البريطاني- غالبا ما حافظت على وحدتها بــ"القوة العسكرية"، وتحتاج إلى حلول داخلية عميقة تعالج جذور الفقر والفساد والتهميش، لا إلى مغامرة عسكرية خارجية ستزيد الانقسام وتفاقم الأزمات.
    
    
        المصدر:
        
             الجزيرة