آخر الأخبار

أزمة أخرى.. إثيوبيا تصر على الوصول إلى البحر الأحمر ومصر ترد

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

إثيوبيا تسعى لإيجاد حل مع إريتريا يمنحها منفذا بحريا

يتصاعد الجدل مجددا حول طموح إثيوبيا في الوصول إلى البحر الأحمر، بعدما أكد رئيس وزرائها آبي أحمد أن حصول بلاده على ميناء بحري أصبح "أمرا لا مفر منه".

وشدد أحمد على أن الوصول إلى البحر "مسألة قانونية وتاريخية وجغرافية واقتصادية يجب التعامل معها بهدوء"، من دون استبعاد احتمالات المواجهة.

هذا الطرح فتح الباب لتساؤلات حول مستقبل التوازنات في القرن الإفريقي، وكيف ستتعامل مصر، التي ترى في أمن البحر الأحمر ملفا سياديا لا يخص إلا الدول المطلة عليه، مما يخلق أزمة جديدة بين القاهرة وأديس أبابا تضاف إلى معضلة سد النهضة.

منفذ مفقود

منذ استقلال إريتريا عام 1993، فقدت إثيوبيا منفذها البحري الوحيد عبر ميناءي عصب ومصوع، لتتحول إلى دولة حبيسة بلا سواحل.

ومع اندلاع الحرب بين البلدين عام 1998، أغلقت أسمرة موانئها في وجه أديس أبابا نهائيا، لتبدأ الأخيرة مرحلة الاعتماد شبه الكامل على ميناء جيبوتي الذي تمر عبره أكثر من 90 بالمئة من تجارتها الخارجية.

لكن هذا الاعتماد تحول بمرور الوقت إلى مصدر قلق سياسي واستراتيجي للقيادة الإثيوبية، التي باتت ترى في "الخروج إلى البحر" ضرورة وجودية لا يمكن التراجع عنها، وهو ما عبر عنه بوضوح أحمد في خطابه الأخير أمام البرلمان، حين أكد أن بلاده "لا تسعى إلى الحرب، لكنها قادرة عليها إن فرضت عليها".

عضو مجلس النواب مستشار وزير المياه والطاقة الإثيوبي محمد العروسي، دافع في حديثه إلى برنامج "ستوديو وان مع فضيلة" عن موقف بلاده، معتبرا أن السعي للحصول على منفذ بحري "مسار قانوني ودبلوماسي مشروع يستند إلى اتفاقيات أقرتها الأمم المتحدة عام 1994، تتيح للدول الحبيسة حق الاستخدام العادل للمنافذ البحرية".

وقال العروسي إن "مسألة البحر بالنسبة لإثيوبيا ليست طموحا توسعيا بل قضية وجودية"، مشيرا إلى أن بلاده "تسلك كل المسارات القانونية والدبلوماسية لنيل هذا الحق".

وأضاف أن " إثيوبيا قدمت رؤيتها على أنها رؤية سلام وتكامل إقليمي، وليست تهديدا لأحد"، لكن "من يريد تأجيج الصراع هو من يرى نفسه المراقب الإقليمي الأعلى في إفريقيا، الذي يرفض تنمية الشعوب ويقف أمام مصالحها".

ورأى العروسي أن "إفريقيا الحديثة لم تعد تقبل الخطاب المتسلط الذي يحاول فرض الوصاية"، مؤكدا أن "من يحاول خنق الدولة الإثيوبية، سواء في قضية سد النهضة أو في مطالبتها السلمية بالوصول إلى البحر، إنما يسعى لإبقائها تحت الضغط"، مشددا على أن "إثيوبيا لن تقبل ذلك".

ورغم تأكيده على الخيار الدبلوماسي، لم يستبعد العروسي خيار التصعيد في حال استنفاد المسارات السلمية، وقال: "إذا رأت إثيوبيا أن هناك عائقا أمام حصولها على حقها المشروع فلا منأى من التصعيد. نحن قادرون على المواجهة متى فرضت علينا".

لكنه عاد ليصف المسار الحالي بأنه "رؤية سلام وتكامل مع الجيران"، داعيا إلى "رد إيجابي من القاهرة"، حسب تعبيره.

العروسي شدد على أن "إثيوبيا ليست في قضية توسع جغرافي بل في معركة وجود"، مؤكدا أن بلاده "تملك التاريخ والجغرافيا والإرادة والقانون"، وأن "أي فيتو يستخدم لعرقلة التنمية الإثيوبية لن يوقف مسيرتها".

وربط العروسي بين قضية البحر الأحمر وسد النهضة، معتبرا أن "من وقف ضد حق إثيوبيا في التنمية المائية هو نفسه من يحاول الآن حرمانها من حقها في البحر"، وفق تعبيره.

خطاب "خطير"

في المقابل، حذر الخبير في شؤون الأمن القومي محمد عبد الواحد من خطورة الخطاب الإثيوبي الجديد، واصفا تصريحات أحمد بأنها "تدشين لإثيوبيا جديدة لا تتحدث بلغة الاقتصاد والتنمية كما في زمن سد النهضة، بل بلغة الجيوسياسة والهوية القومية".

وقال عبد الواحد إن كلمة أحمد أمام البرلمان "تمثل نقطة تحول استراتيجية كبرى في الخطاب السياسي الإثيوبي"، موضحا أن "الحديث لم يعد عن تنمية أو موارد بل عن هوية ووجود، وهو ما يجعل الخطاب أكثر خطورة، لأنه يتجاوز القانون الدولي نحو فكرة إثيوبيا الكبرى".

وأضاف أن "هذا الخطاب يخاطب الداخل الإثيوبي قبل الخارج، في ظل احتقانات اقتصادية وصراعات قومية داخلية، ولذلك يحمل مزيجا من الدبلوماسية الناعمة والتهديد العسكري، وهو ما لم يفعله أحمد من قبل"، مشيرا إلى أن "تصريحاته سببت توترا ليس فقط لمصر، بل لكل دول الجوار".

تهديد بتفكيك الاستقرار الإقليمي

عبد الواحد اعتبر أن حديث رئيس وزراء إثيوبيا عما اعتبره "الحق التاريخي في ميناء عصب" يحمل نوايا لتفكيك الشرعية القانونية لإريتريا، إذ "يريد أن يشكك في نتائج استفتاء 1993 الذي أقر استقلال أسمرة، بدعوى أن إثيوبيا وقتها كانت بلا برلمان ولا حكومة منتخبة".

وقال: "هذا الطرح في منتهى الخطورة لأنه يفتح الباب لتقويض استقرار الإقليم كله، ويمس شرعية دول قائمة منذ عقود".

كما حذر من أن "محاولات إثيوبيا للبحث عن منافذ بديلة خارج جيبوتي قد تثير توترات جديدة مع الصومال وجيبوتي وإريتريا على حد سواء"، مشيرا إلى أن "جيبوتي تقدم تسهيلات كبيرة لإثيوبيا بأسعار منخفضة، لكن تهديدها بنقل الميناء أو إقامة قاعدة في أرض صومالية يعكس نزعة سياسية توسعية، أكثر من كونها اقتصادية".

وأكد أن "هناك نزعات انفصالية قائمة في القرن الإفريقي، من السودان إلى الصومال، وأي تحرك عسكري إثيوبي قد يشعل هذه المناطق"، معتبرا أن "الإقليم هش بطبيعته، وأي مغامرة غير محسوبة قد تفجره بالكامل".

مصر: أمن البحر الأحمر للدول المشاطئة فقط

وحول الموقف المصري، أوضح عبد الواحد أن القاهرة تتحرك "في إطار القانون الدولي للبحار الذي يمنح الدول المشاطئة حق السيادة الكاملة على مياهها الإقليمية والمناطق الاقتصادية الخالصة حتى 200 كيلومتر"، مضيفا أن "التنسيق بين هذه الدول، مصر والسعودية والسودان وإريتريا واليمن، مسألة أمن قومي تخصها وحدها".

وأكد أن " مصر لا تمانع مبدئيا في أن يكون لإثيوبيا منفذ بحري، لكنها ترفض الأسلوب الذي تتبعه أديس أبابا في افتعال الأزمات مع جيرانها"، موضحا أن "السلوك الإثيوبي الأخير، من التلويح باستخدام القوة إلى التحريض على الانفصال في الصومال، يثير مخاوف القاهرة وكل دول الجوار".

وأشار إلى أن "التهديد باستخدام القوة للحصول على ميناء لا يمكن تبريره"، لافتا إلى أن "الطريق القانوني هو التفاوض مع الحكومات المركزية، لا التعامل مع أقاليم متمردة".

نزاعات متشعبة وسلوك توسعي

عبد الواحد عدد سلسلة من النزاعات التي خاضتها أديس أبابا خلال العقود الماضية، معتبرا أنها "تكرّس سلوكا توسعيا"، وقال: "نزاعات مع السودان على منطقة الفشقة، ومع إريتريا على بادمي، ومع كينيا على الحدود البدوية، ومع الصومال على إقليم الأوجادين، ومع جيبوتي حول إقليم العفار"، فضلا عن "حروب داخلية ضد التيغراي والأمهرة موثقة دوليا".

وقال إن "من يطلب منفذا بحريا عليه أن يسلك الطريق الشرعي والدبلوماسي، لا أن يهدد بالحرب".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا