الـGPS يختلق طرقاً وهمية…مواطنون يقولون"الويز يطلعنا نمشي بدجلة واحنه وسط الشارع!"
"إجراء سيادي" يهدف لمنع توظيف التقنيات لأغراض معادية!يشهد العراق منذ أيام تعطل خدمة GPS بسبب تشويش إلكتروني وخلل في البرامج التي تعتمد عليه مثل Google Maps وWaze، والسبب غير معروف، ولكن يُرجح… pic.twitter.com/E0XbuAaGnk
— Yallairaq_يلا (@YallaIraqArabic) October 26, 2025
بغداد- تعيش العاصمة العراقية بغداد ، منذ الخميس الماضي، خللا مستمرا وتقطّعا في عمل نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس"، مما ألقى بظلاله على مجمل الأنشطة اليومية والتجارية التي باتت تعتمد بشكل كبير على خدمات الملاحة الدقيقة.
وأثار هذا التشويش الإلكتروني "مجهول المصدر" استياء واسعا في الشارع العراقي، ودفع بالمستفيدين إلى التساؤل عن مصدره وغايته في ظل صمت رسمي.
في المقابل، امتنعت الجهات الرسمية في وزارتي الدفاع والداخلية وهيئة الإعلام والاتصالات العراقية عن تقديم تفسيرات وافية لأسباب هذا الخلل، مكتفية بوصفه بأنه "موضوع فني" دون الخوض في التفاصيل، وهو ما فُسِّر على أنه محاولة لتجنُّب إثارة القلق العام أو الكشف عن معلومات أمنية حساسة.
المستشار العسكري صفاء الأعسم، أكد للجزيرة نت أن أنظمة الملاحة وتحديد المواقع "جي بي إس" وخدمات الخرائط الشهيرة مثل "جوجل ماب" و"ويز" و"غوغل إيرث" قد شهدت "خللا واضحا" على مدى الأيام السبعة الماضية.
وأشار إلى أن تأثير هذا الخلل طال مواقع "تمس حياة المواطن العراقي" وتمركز في العاصمة بغداد، وكان أكثر تأثيرا في شمال وشمال شرق البلاد، وتحديدا على طول الحدود الممتدة مع إيران التي تتجاوز 1400 كيلو متر.
أما عن الموقف الرسمي، فأكد الأعسم أنه "لم يصدر أي قرار أو أي تبرير حكومي رسمي لغاية اللحظة" من وزارة الاتصالات أو الجهات المعنية بموضوع تدقيق أو تحديد المواقع، وبالتالي، فإن هذا الغياب للبيان الرسمي، بحسب الأعسم، يُعزِّز من فرضية وجود "عوامل حساسة وبعيدة عن الفاعل الداخلي".
ويرجح الأعسم أن الخلل يعود إلى "فعل خارجي وعوامل خارجية أثرت على هذا الموضوع وليس داخليا"، وعزا ذلك إلى الطبيعة العالمية لأنظمة تحديد المواقع، والتي يرى أنه "يصعب جدا اختراقها محليا في العراق ".
ولم يقتصر تأثير الخلل على الخدمات الأرضية، إذ أشار الأعسم إلى أن "الطيران المدني تأثّر" بهذا التشويش، مؤكدا وجود تصريحات من طيارين أفادت بـ"خلل بالشبكة وفقدان الموقع والوقت" أثناء القيادة الجوية.
ووضع الخبير العسكري الأعسم 3 احتمالات أمنية رئيسية تُفسِّر الوضع الراهن:
وأكد الأعسم أن العراق حاليا يواجه "احتمالات كثيرة"، مشددا على أن جميعها "احتمالات أمنية خاصة بأمن المواقع تحديدا وبفاعل خارجي وليس داخليا".
في المقابل، قدّم اللواء الركن المتقاعد ورئيس مركز الاعتماد للدراسات العسكرية والإستراتيجية، الدكتور عماد علو، فرضية مختلفة تركز على البعد الداخلي والتحضيرات الأمنية.
وقال علو للجزيرة نت، إن ظاهرة التشويش في الفضاء السيبراني ليست جديدة، مشيرا إلى تكرارها في سنوات سابقة، وأن التشويش الحالي قد طال أنظمة الملاحة الجوية وتداخل مع نظام "ج بي إس" تحديدا.
لكن علو أوضح أن الجهات الحكومية المسؤولة عن الأمن السيبراني في بغداد قد انتقلت إلى "مرحلة جديدة متطورة" من الإجراءات، تهدف إلى "تأمين انسيابية العملية الانتخابية القادمة" والمقرر إجراؤها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وأضاف "هذا التحرك يهدف إلى تأمين أنظمة الملاحة لمنع أي محاولة للطيران المُسيّر أو الاختراق لمنظومات وأجهزة التصويت التي ستُستخدم في العملية الانتخابية"، مبينا أن التشويش قد يستهدف تحصين منظومات الاتصالات بين المراكز الانتخابية وعمليات الدعم اللوجستي وسرعة رد فعل الأجهزة الأمنية لحماية المراكز والمرشحين والناخبين.
وشدد علو على أن ما حدث "ليس بعيدا عن أنظار الجهات الرسمية، بل هي عمليات استباقية واستعداد وتهيئة لتأمين هذا المستوى من الحماية في المجال السيبراني وأنظمة الملاحة".
وأكد أن الارتباك الذي شعر به المواطنون، هو نتيجة لهذه الإجراءات التي "تبدو تحت سيطرة الحكومة والأجهزة الأمنية المختصة بالأمن السيبراني بهدف تأمين الانتخابات".
وبعيدا عن التحليلات الأمنية، كانت تداعيات التشويش ملموسة ومباشرة على قطاع التوصيل "الدليفري" الذي يعتمد كليا على دقة الملاحة.
ويقول سائق توصيل الأطعمة، محمد حسن، للجزيرة نت، إنه واجه صعوبات "تعيق أداء عمله"، حتى أنه حاول بداية إجراء استكشاف للأخطاء على جهازه، بما في ذلك حذف وإعادة تنصيب التطبيقات وإعادة ضبط المصنع، قبل أن يكتشف أن الخلل "عام وليس لديه فقط".
أما سائق توصيل الركاب، مهيمن محمود، فذكر للجزيرة نت بأن الخرائط في التطبيقات "تتعطل أو تُظهر مواقع خاطئة للزبائن أو المطاعم"، مما يضطره للجوء إلى "الاتصال هاتفيا لتحديد العنوان يدويا"، مما يُقلل من سرعة ودقة العمل.
ولخص سائق آخر، وليد الجبوري، للجزيرة نت الخسارة قائلا إن النظام "يرسِلهم أحيانا إلى شارع مختلف تماما عن الموقع الحقيقي، أو يتوقف نهائيا"، مقدرا أنهم يخسرون "أكثر من ساعة في اليوم الواحد بسبب الأخطاء في تحديد الاتجاه".
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة