آخر الأخبار

أساليب الاحتلال الإسرائيلي لتهجير أهالي جنوب لبنان

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

جنوب لبنان- في ظهر يوم الأحد 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تحول هدوء المنازل في جنوب لبنان إلى لحظات من الرعب والخوف، طائرة مسيّرة حلقت فوق قضاء النبطية وقضاء صور ، تبث عبر مكبراتها رسائل تهديد للمهندس المعماري طارق مزرعاني.

لحظات قليلة كانت كفيلة بتحويل الحياة اليومية لهذه العائلة إلى كابوس حقيقي، حيث اختلط الخوف بالارتباك، وامتدت آثار التهديد إلى كل زاوية من منزلهم الصغير.

يروي طارق للجزيرة نت "بدأ أصدقائي بإرسال فيديوهات يظهر فيها اسمي، تجمع الجيران وغادروا المجمع السكني بسرعة، أولادي أصيبوا بالذعر، صراخهم وبكاؤهم كان يملأ المنزل، ابني الكبير الذي كان في الخارج عاد باكيا، وزوجتي كانت منهارة تماما، كل شيء حولنا أصبح مشحونا بالرعب والمأساة".

مصدر الصورة التهديدات الإسرائيلية اضطرت طارق مزرعاني للنزوح إلى بيروت تاركا أسرته عند أقاربه (الجزيرة)

قلق عميق

وسط هذا التهديد المتصاعد، اتخذ طارق وعائلته قرارا صعبا بالمغادرة حفاظا على سلامتهم ومن حولهم، ويقول "توجهت إلى بيروت ، بينما ذهبت أسرتي إلى أحد أقاربنا، بقوا بعيدين يومين أو 3 ثم عادوا، وأنا بقيت في العاصمة".

ويضيف "لا أشعر بالخوف الشخصي، لكن قلقي على عائلتي لا يفارقني، وأحزن بسبب البعد عنها، وقلقي يمتد إلى عملي في الجنوب منذ 20 عاما، مصدر رزقي صار مهددا".

على الرغم من التضامن الشعبي والإعلامي، يشعر طارق بالغربة والقلق العميق، ويؤكد "هناك دعم هائل، لكن لم يشمل أي تطمين رسمي من القوى الأمنية لمعرفة مدى التهديد، هل هو شخصي أم رسالة لإسكاتنا؟ هل هناك إجراءات حماية؟ لا زلت لا أعرف".

ويشدد طارق على أن عمله المدني لا يهدف إلى استفزاز أحد، "نحن نعمل كجمعية أو تجمع مدني، قابلنا رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعض النواب والوزراء، وكل نشاطنا مدني، بعيد عن السياسة، وهدفه خدمة الناس فقط".

إعلان

ويربط التهديد بمسألة الإعمار والعودة إلى القرى الحدودية، ويوضح "العدو لا يريد للناس العودة إلا وفق شروطه، الضربات التي نفذها على الجرافات لإزالة الأنقاض، والتي تجاوزت 50 حادثة، أظهرت صعوبة الرجوع لكل من يحاول".

رغم كل الصعاب، يحافظ طارق على أمله ويقول "أتمنى أن تتضافر جهود اللبنانيين ويجتمعوا على رأي واحد لتحقيق نتائج ملموسة لأن غير ذلك يجعلنا عرضة للضرر، أما على المستوى الشخصي، فأمنيتي أن أعود إلى بلدتي، أعمر بيتي، وأعيش حياتي البسيطة التي كنت أعيشها ومرتاح فيها".

تهديد مستمر

في منزل صغير بجنوب لبنان، يختلط الخوف بالهدوء اليومي، وتترقب العيون الصغيرة السماء بقلق دائم، تقول هلا عبيد مزرعاني بصوت يرتجف "قلبي يرتجف على الأولاد. كانوا يبكون وخائفين جدا، وزوجي طارق صار ضائعا بيننا، لا يعرف إذا كان يجب أن يهدئنا أم يتصرف بمفرده".

اجتاح التوتر المجمع السكني بأكمله، حتى فرّ الكثير من الجيران، وتضيف هلا "بقينا نحن وحدنا، والأولاد حين شاهدوا الوضع فزعوا أكثر"، وتكمل "الأطفال حتى اليوم لا ينامون، وأي صوت طائرة يثير فيهم الذعر، يقولون لي: نحن خائفون على بابا، لا يأكلون ولا يشربون ولا يدرسون بشكل طبيعي".

أصبح الخوف جزءا من حياتهم اليومية، وتعترف هلا بأنها لم تعد قادرة على تهدئتهم، "طارق كان يحمل مسؤولية عني وعن الأولاد، وهم متعلقون به أكثر مني، أحيانا لا يستطيع الولد التعبير بالكلام، لكن يمكن رؤية الخوف في أعينهم، ويتحدثون عن الموت باستمرار".

لم يكتف طارق (46 عاما)، وهو مهندس معماري وشاعر من بلدة حولا الحدودية، بالصمت بعد نزوحه القسري إثر القصف الإسرائيلي، بل أسس قبل أشهر "تجمّع النازحين الجنوبيين"، كإطار مدني مستقل يطالب بإعادة الإعمار من أجل عودة المهجرين إلى بلداتهم.

ورغم كل ما جرى، تحاول عائلة مزرعاني استعادة بعض من حياتها الطبيعية، وسط ظلال الطائرات المسيّرة التي لا تزال تحلق في سماء الجنوب وتبث رسائلها في فضاء بات جزءا من حياة الناس اليومية.

لم يكن هذا التهديد مجرد حادث عابر، بل يعكس تصعيدا إسرائيليا أوسع يطول المدنيين والبنى التحتية، ويطرح تساؤلات حول الحق في الحياة الآمنة والعودة إلى القرى الحدودية. وبين نزوح قسري وتهديد مستمر ونشاط مدني يطالب بالإعمار، تتكشف أمام سكان الجنوب معركة جديدة ليست فقط على الأرض، بل على حقهم في العيش بكرامة وسط تحديات متواصلة.

تصعيد إسرائيلي

يرى المحلل السياسي جورج علم في حديثه للجزيرة نت أن ما تقوم به إسرائيل في المرحلة الراهنة يدخل في إطار مخطط جديد أو استكمال لآخر قديم وضع سابقا، "غير أن التصعيد الحالي يشكل مرحلة متقدّمة من الخطة التي أعدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة ".

ولم تعد العمليات الإسرائيلية -وفق علم- تستهدف البنى العسكرية ل حزب الله فقط، بل امتدت إلى البنى المدنية، مستدلا على ذلك بتدمير الآليات المخصصة لإعادة الإعمار في منطقة المصليح في الجنوب، واستهداف شركات ومؤسسات مدنية، مما يعكس"توجها إسرائيليا واضحا نحو التصعيد ضد لبنان ".

ويضيف أن هذا التصعيد قد يكون محاولة لفرض أمر واقع جديد على السلطات اللبنانية، أو وسيلة للضغط عليها للدخول في مفاوضات مباشرة ترفضها بيروت رسميا، مشيرا إلى أن انعكاساته بدأت تظهر بوضوح في الجنوب ومناطق أخرى من خلال موجات نزوح جديدة ومخاوف متزايدة من اتساع دائرة المواجهة.

إعلان

ويوضح أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض الخطة الأميركية التي نصت على انسحاب مؤقت لمدة شهرين يعقبه بدء مفاوضات غير مباشرة للتوصل إلى تفاهم حول وقف العدوان وتنفيذ القرار 1701 ، لافتا إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري أعلن فشل هذه الخطة عقب زيارته الأخيرة إلى القصر الجمهوري.

ويختم المحلل السياسي بالقول إن التطورات في غزة تُظهر بوضوح أن إسرائيل تسعى إلى فرض واقع جديد على لبنان، متسائلا، "هل سيتم ذلك عبر إحياء مسار دبلوماسي برعاية أميركية؟ أم من خلال فرضه ميدانيا بقوة السلاح؟".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا