( CNN ) -- عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اجتماعات مع رؤساء كبرى شركات النفط العالمية، طالب خلالها بمضاعفة استثماراتهم في مصر وتوسيع أنشطتهم في مجالات البحث والاستكشاف وإنتاج البترول والغاز.
تأتي هذه التحركات في وقت تواجه فيه مصر انخفاضًا حادًا في إنتاجها المحلي من الطاقة يفوق حجم الطلب، ما دفعها إلى زيادة وارداتها بنحو 6.1 مليار دولار لتصل إلى 19.5 مليار دولار خلال السنة المالية الماضية، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.
وشملت اللقاءات، بحسب بيانات رسمية، قيادات شركتي أباتشي الأمريكية وإكسون موبيل. وناقش السيسي مع مسؤولي "أباتشي"، أكبر مستثمر أمريكي في قطاع البترول المصري، الموقف التنفيذي لبرنامجها الاستكشافي في المناطق الجديدة المسندة إليها بالصحراء الغربية، فيما بحث مع "إكسون موبيل" تطورات أعمالها في منطقتي الامتياز "كايرو" و"مصري" بالبحر المتوسط.
وقال أستاذ هندسة البترول والطاقة، جمال القليوبي، إن اللقاءات التي عقدها الرئيس مع الشركات تأتي في إطار خطة الدولة لتعزيز قدراتها في إنتاج الغاز الطبيعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي خلال عامين، موضحًا أن سداد أكثر من 75% من مستحقات الشركاء الأجانب المتأخرة شكل حافزًا قويًا لاستئناف عمليات البحث والتنقيب التي كانت قد تأجلت سابقًا بسبب تلك المديونيات .
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في تصريحات رسمية، انخفاض مستحقات الشركات الأجنبية العاملة بالبترول للنصف، واستهداف بلاده سداد المزيد مع نهاية العام الحالي .
وأضاف القليوبي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الرئيس بدأ لقاءاته مع الشركاء الرئيسيين في قطاع الطاقة، وعلى رأسهم شركتا "أباتشي" و"إكسون موبيل"، إضافة إلى شركات بريتش بتروليوم ودراجون أويل، مشيرًا إلى أن الشركاء الأجانب أبدوا التزامهم بتنفيذ خطط البحث والتنمية بما يتماشى مع مستهدفات الدولة لرفع الإنتاج المحلي إلى 6.2 مليار قدم مكعب يوميًا، مقارنة بحوالي 4.2 مليار قدم مكعب حاليًا، عبر زيادة معدلات الإنتاج بنحو 2 مليار قدم مكعب من خلال مشروعات جديدة بالشراكة مع الجانب المصري .
وقال القليوبي إن "الدولة تمضي قدمًا في تنفيذ خطط تعاون مع شركاء جدد من خلال المناقصة العالمية التي تم طرحها عام 2024، والتي أسفرت عن إسناد عدد من مناطق الامتياز الجديدة في البحر الأحمر وشمال وغرب المتوسط.
وأشار إلى أن دخول شركات، مثل إكسون موبيل وشيفرون، أسهم في اكتشافات جديدة، أبرزها حقل "نرجس" العملاق الذي يتوقع دخوله على خريطة الإنتاج قريبًا .
وأوضح أن قطاع البترول يستحوذ على ما بين 32% و38% من حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، بقيمة تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار سنويًا، من إجمالي نحو 31 مليار دولار من الاستثمارات الوافدة إلى القارة الأفريقية.
ولفت أن الحكومة المصرية اتخذت عدة خطوات لتحسين تنافسية الاستثمار في القطاع، من بينها تعديل نسب المشاركة لصالح الشركات الأجنبية لتصل إلى أكثر من 50% في بعض الاتفاقيات، وتوفير قواعد بيانات متكاملة لتقليل زمن وتكلفة البحث والتنقيب .
وحسب بيانات البنك المركزي المصري، حققت الاستثمارات الأجنبية المباشرة للقطاع البترولي، صافي تدفق للداخل قدره 598.3 مليون دولار خلال السنة المالية الماضية مقابل صافي تدفق للخارج بقيمة 351.6 مليون دولار خلال السنة المالية السابقة، كمحصلة لارتفاع التدفقات الواردة للقطاع البترول لتسجل نحو 6.2 مليار دولار، وتراجع التحويلات إلى الخارج لتقتصر إلى 5.6 مليار دولار .
وقال القليوبي إن الفترة الأخيرة شهدت دخول 5 مستثمرين مصريين كبار إلى خريطة الاستثمار البترولي لأول مرة، من بينهم ياسين منصور، وهشام طلعت مصطفى، وأحمد السويدي، وأحمد عز، وتكتل أوراسكوم، للتنقيب في منطقة الدلتا والصحراء الغربية، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة في بيئة الاستثمار البترولي، حسب قوله.
أكد نائب رئيس هيئة البترول الأسبق، مدحت يوسف، أن لقاءات الرئيس مع كبرى الشركات الأجنبية العاملة في مجال البترول "تمثل رسالة واضحة على التزام الدولة المصرية بسداد مستحقات الشركاء في مواعيدها، وهو ما يعزز الثقة والمصداقية في بيئة الاستثمار المصرية، ويدعم توجه هذه الشركات نحو توسيع أنشطتها وزيادة حجم استثماراتها في مجالات البحث والاستكشاف والإنتاج" .
وقال يوسف، في تصريحات لـ CNN بالعربية، إن "انتظام الدولة في سداد مستحقات الشركاء الأجانب يعد أحد أهم العوامل التي تشجع الشركات العالمية على الاستمرار في تنفيذ خططها التوسعية داخل مصر، كما يعكس مستوى الشفافية والجدية في التعامل مع المستثمرين، مما يرسخ صورة مصر كوجهة موثوقة للاستثمار في قطاع الطاقة".
واعتبر أن زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع البترول والغاز "تسهم بشكل مباشر في رفع معدلات الإنتاج المحلي وتقليص حجم الاستيراد، بما يخفف الضغط على النقد الأجنبي، كما تدعم هذه الزيادة النمو الاقتصادي وتفتح آفاقًا جديدة لتوفير فرص عمل، إلى جانب دعم خطط الدولة الطموحة للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة في المنطقة" .