صنعاء- كشف تحليل للبيانات أن جماعة أنصار الله ( الحوثيين ) نفّذت 137 هجوما على مدن إسرائيلية باستخدام صواريخ باليستية فرط صوتية ومجنحة ومُسيَّرات، خلال الفترة ما بين 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والخامس من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، مما يعني أن الجماعة استهدفت إسرائيل بمعدل هجوم واحد كل 5 أيام تقريبا، خلال فترة تجاوزت 700 يوم.
واعتمد التحليل، الذي أجرته وكالة "سند" للتحقق الإخباري ب شبكة الجزيرة ، على جمع بيانات الهجمات من الحوثيين ومطابقتها مع بيانات الجيش الإسرائيلي ، إضافة إلى تحليل موسع للمدن التي دوت فيها صافرات الإنذار نتيجة الهجمات الصاروخية، استنادا إلى بيانات موقع الإنذار الخاص بالجبهة الداخلية في إسرائيل.
ويسلط التقرير الضوء أيضا على الهجمات المؤثرة التي نفذّها أنصار الله في إسرائيل، خاصة تلك التي استهدفت منشآت حيوية، مثل مطاري رامون وبن غوريون في تل أبيب ، بالإضافة إلى تعرض مدينة إيلات جنوب إسرائيل لعدد كبير من الهجمات التي أصابت بعض المواقع المختلفة.
وأظهر التحليل تطابقا بين بيانات أنصار الله والجيش الإسرائيلي بنسبة قرابة 67%، مما يعد اعترافا إسرائيليا صريحا بأكثر من ثُلثي الهجمات الحوثية التي بلغت 92 هجوما، مقابل 45 هجمة لم يصدر بشأنها بيانات رسمية، وهو ما يظهر القدرات المتقدمة لصواريخ ومسيرات الحوثيين التي عبرت أكثر من ألفي كيلو متر وصولا إلى إسرائيل.
وقد دوت صافرات الإنذار مئات المرات في الأيام التي أعلنت فيها جماعة أنصار الله استهداف إسرائيل، في أكثر من 100 مدينة وموقع في الوسط (تل أبيب الكبرى، و القدس ، و مستوطنات الضفة الغربية ) وصولا إلى الجنوب ( أسدود ، و عسقلان ، وإيلات)، وتضم هذه المساحات الواسعة، مطارات حيوية رئيسية مدنية وعسكرية وقواعد للجيش الإسرائيلي ومنشآت مهمة حاول الحوثيون الإضرار بها.
وتظهر خريطة الإنذارات، التوزيع الجغرافي لصافرات الإنذار التي انطلقت في إسرائيل على مدار عامين، نتيجة إطلاق صواريخ ومُسيَّرات من اليمن ولبنان وغزة.
كما تمكّن عدد من الصواريخ الباليستية الحوثية من طراز "فلسطين 2" تجاوز الدفاعات الجوية الإسرائيلية ك القبة الحديدية ، و مقلاع داود ، ومنظومتي " ثاد " و"حيتس 3″، ومنظومة باتريوت الأميركية، التي أخفقت في كشف واعتراض بعض الصواريخ، وهو ما أسفر عن سقوط عدد من الصواريخ في مواقع عسكرية ومدنية، بينها مطارا بن غوريون ورامون، ومحيط مبنى السفارة الأميركية في القدس.
ويكشف التحليل أن صواريخ الحوثيين حاولت استهداف مطار بن غوريون 44 مرة، نجحت واحدة منها في تجاوز 4 طبقات من الدفاع الجوي، وسقط أحد الصواريخ في المطار في مايو/أيار الماضي، على مسافة تبعد 600 متر من برج المراقبة، وفق تحديد جغرافي أجرته "سند" لموقع السقوط.
ونجحت 31 محاولة استهداف في تعطيل حركة الملاحة الجوية بشكل كلي أو جزئي، في الفترة بين مارس/آذار ومطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مما يشير إلى أن 70% من هجمات أنصار الله أثَّرت في حركة الملاحة الجوية، وفق البيانات الرسمية الصادرة عن مطار بن غوريون وسط إسرائيل.
ورصدت البيانات الملاحية تعطل هبوط 65 رحلة جوية كان من المقرر هبوطها في مطار بن غوريون، في الفترة بين مارس/آذار وسبتمبر/أيلول العام الحالي، واضطرت عدد من الرحلات إلى تغيير مسارها أو التحليق في مسارات دائرية حتى انتهاء حالة الإنذار.
وفي 16 سبتمبر/أيلول الماضي، أجبر صاروخ يمني الطائرة الرئاسية الإسرائيلية "جناح صهيون"، على تنفيذ هبوط اضطراري، حيث أقلعت من مطار نيفاتيم في بئر السبع باتجاه مدينة إيلات، قبل اندلاع صافرات الإنذار، وعند توجهها إلى مطار بن غوريون بتل أبيب، تعذَّر هبوطها مرة أخرى، ثم عادت إلى مدينة بئر السبع .
وقد تزامن ذلك مع إعلان الحوثيين تنفيذ عمليتين: الأولى إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي باتجاه تل أبيب، والثانية إطلاق طائرة مُسيَّرة استهدفت مطار رامون.
وحاول الحوثيون استهداف مطار رامون 7 مرات، نجحت إحداها في السابع من سبتمبر/أيلول الماضي بالوصول عبر طائرة مُسيّرة انتحارية إلى قاعة المسافرين القادمين، دون تفعيل صافرات الإنذار، مما تسبب في وقوع إصابتين على الأقل وأضرار بالمكان، ووقف الرحلات، بحسب صحف إسرائيلية.
بعدها، وفي أقل من أسبوع، حاولت مسيرتان يمنيتان يومي 11 و14 سبتمبر/أيلول الماضي مهاجمة المطار، وتسببت بتعطيل حركة الملاحة الجوية مؤقتا عقب اعتراضهما.
وقال الجيش الإسرائيلي إن أنصار الله أطلقوا أكثر من 150 طائرة مُسيّرة على إسرائيل منذ بداية الحرب، تم اعتراض 98% منها، وفق زعمه.
وتشير البيانات إلى تصاعد ملحوظ في عمليات الاستهداف التي نفذها أنصار الله ضد إسرائيل خلال 2025، بمعدل 87 عملية مقابل 41 عملية في العام الماضي 2024، و9 عمليات فقط نهاية عام 2023.
وتكشف البيانات أيضا أن سبتمبر/أيلول الماضي كان الأعلى خلال العام الجاري، إذ ضرب الحوثيون إسرائيل مرة واحدة كل يومين، بواقع 15 عملية استهداف، وذلك بعدما شنّت الأخيرة 8 غارات في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول الماضيين، استهدفت خلالها 12 قياديا حوثيا على رأسهم رئيس الحكومة -المعيّن من جماعة أنصار الله- أحمد غالب الرهوي، ووزراء آخرين، في قصف إسرائيلي استهدفهم، إلى جانب مواقع عسكرية.
وبدا لافتا أن الحوثيين صعَّدوا هجماتهم ضد إسرائيل في الوقت الذي توصلوا فيه إلى اتفاق أميركي يقضي بعدم التعرض للسفن الأميركية في البحر الأحمر ، وتشير بيانات مايو/أيار الماضي إلى 14 استهدافا، وهو ثاني أعلى معدل في العام، بعد سبتمبر/أيلول الماضي.
وأطلق الحوثيون 93 صاروخا باليستيا من طرازات "فلسطين" و"فلسطين 2″ و"ذو الفقار"، إضافة إلى صواريخ مجنّحة من طراز "قدس 5" وطائرات مسيّرة من سلسلة "صماد" و"يافا".
وتشير البيانات إلى أن أكثر من 58% من الصواريخ التي أُطلقت على إسرائيل كانت من طراز "فلسطين 2" بواقع 54 صاروخا، وهو الذي نجح في اختراقات الدفاعات الجوية بمنطقة تل أبيب الكبرى، قبيل سقوطه في مطار بن غوريون.
وأظهر التحليل أيضا أن 67% من عمليات الحوثيين استهدفت مدينتي تل أبيب (92 استهدافا) وإيلات (45 استهدافا)، من أصل 12 مدينة إسرائيلية تركزت فيها الدفعات الصاروخية للحوثيين.
وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن المؤسسة الأمنية في إسرائيل رصدت تقدما ملحوظا في قدرات الحوثيين العسكرية، خاصة الدفاعية منها، سواء في التصنيع الذاتي للطائرات المُسيّرة والصواريخ المتطورة بعيدة المدى، بالاعتماد على المعرفة الإيرانية وبمساعدة مهندسين محليين، أو في استخدام الأنفاق لإنتاجها وتخزينها.
وأضافت الصحيفة "رصد الجيش الإسرائيلي تقدما في نموذج الدفاع الذاتي لصالح أنصار الله، عبر إنشاء مصانع في باطن الأرض، في مناطق نائية، ومشاريع سرية".
ورغم ذكر الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي استهدف اليمن بنحو 65 قنبلة في أكبر هجوم على الإطلاق، لكنها تعتبر أن الهدف "ما زال" بعيد المنال، في إشارة إلى وقف هجمات الحوثي على إسرائيل، أو القضاء على قدراته العسكرية.