آخر الأخبار

بعد اختيار ابن زيدان رسمياً لمنتخب الجزائر، ما هي "الجنسية الرياضية"؟

شارك
مصدر الصورة

في عالم كرة القدم الحديث، تُعد قضية "الجنسية الرياضية" من أكثر المواضيع تعقيداً وإثارة للجدل، حيث يقف اللاعبون مزدوجو الجنسية أمام خيار تمثيل أحد المنتخبات الوطنية، وهو قرار يحمل أبعاداً قانونية وثقافية وشخصية.

ويعكس هذا المفهوم تفاعل الهجرة والاندماج مع قوانين الاتحادات الرياضية الدولية، خاصة الفيفا، التي تنظم شروط أهلية اللاعبين.

وطفت هذه القصة إلى السطح مجدداً، بعدما قرر لوكا زيدان نجل أسطورة الكرة الفرنسية زين الدين زيدان، اللعب لمنتخب الجزائر بعكس والده الذي فضّل اللعب لمنتخب فرنسا وبات أحد أشهر نجومه عبر التاريخ.

وأُعلن رسمياً يوم الخميس 2 أكتوبر/تشرين الأول 2025 عن انضمام لوكا زيدان إلى قائمة منتخب الجزائر التي أعلنها المدير الفني فلاديمير بيتكوفيتش، لمواجهة الصومال وأوغندا في ختام تصفيات كأس العالم 2026.

وجاء ضم لوكا لمنتخب الجزائر رغم تمثيله فرنسا الناشئين في مرحلة.

وتُعد قضية "الجنسية الرياضية" انعكاساً مباشراً للتحديات التي تواجه اللاعبين مزدوجي الجنسية، بين الهوية الشخصية والفرص الرياضية، فهي ليست مجرد مسألة قانونية، بل هي قصة انتماء وإنسانية في عالم كرة القدم، لذلك فإن فهم هذه القضايا يساعد في تقدير حجم تعقيدات اللعبة وأبعادها الاجتماعية والثقافية.

وفي السنوات الأخيرة، أصبحت قضية الجنسية الرياضية واللاعبين مزدوجي الجنسية من أبرز المواضيع المثيرة للنقاش في عالم كرة القدم، خاصة في صفوف اللاعبين العرب المنحدرين من أصول مغاربية، الذين نشأوا وتكوّنوا في أوروبا، لاسيما في فرنسا وهولندا وبلجيكا.

هؤلاء اللاعبون يجدون أنفسهم أمام اختيار صعب بين تمثيل المنتخب الوطني لبلد النشأة أو المنتخب الوطني لبلد الأصل، والذي غالباً ما يرتبط بجذورهم العائلية وهويتهم الثقافية.

هذا الاختيار لا يكون فقط رياضياً أو مهنياً، بل هو أيضاً قرار عاطفي وإنساني مرتبط بمشاعر الولاء والانتماء، ويثير أحياناً جدلاً واسعاً بين الجماهير ووسائل الإعلام، ويشغل اتحاد الكرة في كلا الطرفين، فبين عروض المنتخبات الأوروبية الكبرى وجاذبية تمثيل "الوطن الأم"، تتباين القصص والحالات.

وكشفت العديد من الحالات الخاصة بلاعبي كرة القدم عن انقسام حقيقي بين الانتماء العاطفي والانتماء المهني، خصوصاً في المجتمعات التي يعيش فيها أبناء المهاجرين، فبعض اللاعبين قالوا صراحة إنهم اختاروا المنتخب الأوروبي لأن فرص النجاح، والمشاركة في البطولات الكبرى، والتطور المهني كانت أكبر.

في المقابل، هناك جمهور في دول المغرب العربي يرى هذه الاختيارات نوع من"التنكر للأصول"، بينما يراها اللاعبون خيارات منطقية في سياق حياتهم.

ما هو مفهوم "الجنسية الرياضية"؟

مصدر الصورة

تشير "الجنسية الرياضية" إلى الحق القانوني الذي يُخوّل اللاعب تمثيل منتخب وطني معين في المنافسات الدولية، استناداً إلى جنسيته الرسمية أو أصوله العائلية، وبمعنى أدق، فهي تُحدّد الدولة التي يُسمح للاعب بتمثيلها في بطولات كبرى مثل كأس العالم، وكأس الأمم القارية، وغيرها من المسابقات المعترف بها دولياً.

وينظم هذا المفهوم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عبر لوائح دقيقة تُعنى بشروط الأهلية، خصوصاً في حالات اللاعبين مزدوجي الجنسية، وذلك لضمان نزاهة المنافسة ومنع التلاعب أو التنقل المتكرر بين المنتخبات.

وبحسب قوانين فيفا، يحق للاعب تغيير جنسيته الرياضية إذا توفرت مجموعة من الشروط وأبرزها ألا يكون قد شارك في مباراة رسمية مع المنتخب الأول لبلاده، سواء في تصفيات كأس العالم أو البطولات القارية، وأن يكون قد حصل على جنسية الدولة التي يرغب في تمثيلها لاحقاً، وأن يتقدم بطلب رسمي إلى فيفا ويحصل على الموافقة النهائية.

هذا النظام يمنح مرونة خاصة للاعبين الشبان الذين مثلوا منتخبات الفئات العمرية، لكنه يتيح لهم لاحقاً اتخاذ قرار تمثيل المنتخب الأول وفق معاييرهم الشخصية والمهنية.

غير أن اختيار تمثيل منتخب معين لا يُختزل في الإجراءات القانونية، بل تحكمه عدة عوامل متشابكة، أبرزها الهوية الثقافية والانتماء العائلي، إذ يشعر كثير من اللاعبين بولاء أكبر لبلد الأصول رغم ولادتهم ونشأتهم في دول أخرى، كما تلعب الفرص الرياضية دوراً حاسماً، حيث يُفضّل بعضهم منتخبات تتيح لهم مشاركة دولية أكبر، كذلك، تؤثر الضغوط المحيطة والطموحات الشخصية في رسم هذا المسار، بما في ذلك تأثير الأندية والمنتخبات التي تسعى لاستقطابهم.

التوجه نحو أوروبا

هناك لاعبون من أصول مغاربية اختاروا تمثيل فرنسا بدلاً من بلدانهم الأصلية ومن أبرز الأمثلة زين الدين زيدان وهو من أصول جزائرية ويعد أحد أعظم اللاعبين في تاريخ كرة القدم، ولد في مارسيليا لأبوين جزائريين، حيث لعب زيدان لمنتخب فرنسا، وقاده للفوز بكأس العالم 1998 ويورو 2000، وصرّح لاحقاً أنه يكنّ احتراماً كبيراً للجزائر، لكنه "فرنسي بالنشأة والهوية الرياضية".

أيضا نجم ريال مدريد السابق كريم بنزيما وهو من أصول جزائرية، حيث وُلد في فرنسا لعائلة جزائرية، وكان مرشحاً في بداية مسيرته للعب مع "محاربي الصحراء"، لكنه اختار فرنسا، حيث لعب مع منتخب "الديوك" منذ 2007، وشارك في عدة بطولات كبرى، رغم أن علاقته مع الاتحاد الفرنسي شهدت توترات في بعض الفترات. وتعرّض لانتقادات من الإعلام الجزائري واتهامات بـ"التنكر لأصوله"، لكنه أكد مراراً حبه للجزائر.

هناك أيضاً النجم سامي خضيرة لاعب ريال مدريد السابق من أصول تونسية حيث وُلد في ألمانيا لأب تونسي وأم ألمانية، واختار اللعب لمنتخب ألمانيا وفاز معه بكأس العالم 2014، وكان من الركائز الأساسية في خط وسط "المانشافت"، ولم يُبدِ خضيرة اهتماماً بتمثيل تونس رغم الأصول، واختياره كان محسوماً مهنياً ورياضياً منذ البداية.

كذلك اللاعب نبيل فقير وهو من أصول جزائرية حيث وُلد في فرنسا لأبوين جزائريين، ارتبط اسمه كثيراً بالجزائر، بل كان قريباً من تمثيلها، لكنه في اللحظة الأخيرة اختار فرنسا، لأن والده كان يرغب أن يلعب لبلده الأصلي، لكن نبيل فضّل منتخب فرنسا من أجل "فرص رياضية أكبر".

أما حالة اللاعب مهدي بنعطية المولود في فرنسا فهي مغايرة، حيث اختار اللعب للمغرب رغم أنه كان مرشحاً بقوة للانضمام لمنتخب فرنسا، فحالته تُذكَر دوماً في السياق المعاكس لأنها نادرة مقارنة بالأعداد الكبيرة ممن اختاروا فرنسا.

مصدر الصورة

وهناك لامين يامال، نجم برشلونة وأحد أبرز المواهب الكروية في العالم، وُلد في إسبانيا لأب مغربي، لكنه اختار تمثيل إسبانيا رغم عروض المغرب.

أما إبراهيم دياز لاعب ريال مدريد، فقد وُلد في إسبانيا لأب مغربي، وقرر تمثيل المغرب بعد مشاركته مع إسبانيا في فئات الشباب.

وسجل الفيفا خلال العقد الماضي أكثر من 150 لاعباً مزدوج الجنسية قاموا بتغيير جنسياتهم الرياضية، حوالي 60 في المئة منهم من أصول أفريقية، مما يعكس تأثير الهجرة والاندماج الثقافي، 40 في المئة فقط من هؤلاء اللاعبين تمكنوا من المشاركة في بطولات كبرى مثل كأس العالم أو كأس الأمم الأفريقية.

ما هي قوانين الفيفا بشأن الجنسية الرياضية ؟

لوكا زيدان (نجل النجم الفرنسي الشهير زين الدين زيدان)، وهو حارس مرمى حالياً لنادي غرناطة الإسباني في الدرجة الثانية، مثّل فرنسا على مستوى الناشئين في فئات عمرية مختلفة، لكنه اختار مؤخراً تمثيل الجزائر على المستوى الأول، مستفيداً من قانون الفيفا، الأمر الذي أعاد قضية الجنسية الرياضية إلى الواجهة من جديد.

حسب المادة 5 إلى المادة 9 من قانون أوضاع اللاعبين في الفيفا، يحق للاعب تمثيل منتخب وطني إذا كان يحمل جنسية الدولة التي يرغب في تمثيلها، ولم يُشارك في مباراة رسمية على مستوى المنتخب الأول مع دولة أخرى (في حالة تغيير المنتخب لاحقاً).

ويمكن للاعب أن يُغيّر المنتخب الذي يمثله إذا تحققت الشروط التالية: لم يلعب أي مباراة رسمية مع المنتخب الأول للدولة الأصلية (حتى لو شارك في الفئات السنّية أو مباريات ودية) وفي حال لعب مباراة رسمية مع منتخب وطني أول.

كما يمكن التبديل فقط إذا لم يكن اللاعب قد تجاوز سن 21 عاماً عند آخر مشاركة رسمية مع المنتخب الأول، وأن تكون مرّت 3 سنوات على الأقل من آخر مباراة رسمية لعبها، وأن لا يحمل أكثر من جنسية واحدة عند مشاركته الرسمية الأولى، وهذه القاعدة تغيّرت في 2020، حيث سمح قانون الفيفا ببعض المرونة في حالات استثنائية (خاصة للاعبين تحت 21 عاماً).

وتعد المباريات الرسمية تحت مظلة الفيفا (تصفيات- كأس قارية- كأس العالم) والدورات الأولمبية مؤثرة بشكل مباشر على الأهليّة فيما يتعلق بالجنسية الرياضية، أما المباريات الودّية والمشاركات مع فئات الشباب بشكل غير رسمي فإنها لا تؤثر على الأهليّة.

ما هي إجراءات تغيير الجنسية الرياضية ؟

لتغيير المنتخب، يجب على اللاعب القيام بعدة أشياء وهي: تقديم طلب رسمي للاتحاد الوطني الجديد، حيث يقوم الاتحاد الجديد بإرسال الطلب إلى فيفا. بعد ذلك تدرس لجنة شؤون اللاعبين في فيفا الطلب وتتخذ قراراً.

هناك حالات خاصة في قانون الجنسية الرياضية، منها اللاعب الذي شارك مع منتخب وطني في مباراة رسمية يمكنه مرة واحدة فقط تغيير المنتخب، بشرط أن يستوفي الشروط. ولا يمكن للاعب تمثيل أكثر من منتخبين وطنيين رسمياً طوال مسيرته، فإذا مُنح اللاعب جنسية جديدة بعد سن الرُشد، يجب أن يكون قد أقام في البلد الجديد 5 سنوات متواصلة بعد سن 18 عاماً.

هل يمكن تمثيل منتخبين ؟

وهناك أيضاً أمثلة للاعبين في أوروبا وأمريكا اللاتينية الذين مثّلوا أكثر من منتخب أو فضّلوا تمثيل منتخب على الآخر، مستفيدين من تطبيق قوانين الفيفا على حالاتهم ومن أشهر الحالات اللاعب البرازيلي الأصل دييجو كوستا حصل على الجنسية الإسبانية بعد اللعب في الدوري الإسباني طويل الأمد، حيث بدأ كوستا مسيرته مع البرازيل في مباريات ودّية، ثم قرّر تمثيل إسبانيا على المستوى الرسمي. ولعب كوستا مباريات ودّية للبرازيل في 2013، هذه المباريات "الودّية" لا تقيّده من تغيير المنتخب حيث لم يشارك في مباريات رسميّة. بعد ذلك، وفقاً لقوانين الفيفا، تمكّن من طلب التغيير ووافق الفيفا عليه.

أيضا اللاعب الإيفواري ويلفريد زاها الذي وُلد في كوت ديفوار ونشأ في إنجلترا (مزدوج الجنسية) حيث مثّل إنجلترا في بعض المراحل السنّية الصغيرة وخاض عدداً من المباريات الودّية، قبل أن يختار تمثيل كوت ديفوار رسمياً، حيث أن مبارياته التي خاضها بقميص إنجلترا كانت ودّية أو في مناسبات لا تقيّده حسب قانون "المباراة الرسمية" لفيفا، فتم التبديل إلى كوت ديفوار.

مصدر الصورة

كيف تحول منير الحدادي من إسبانيا إلى المغرب ؟

منير الحدادي من أصول مغربية ولد في إسبانيا لأبوين مغربيين، حيث بدأ مسيرته مع منتخبات الشباب الإسبانية، ولاحقاً مثل منتخب إسبانيا الأول في مباراة تأهيلية لبطولة أوروبا أمام مقدونيا عام 2014، حيث دخل كبديل لوقت قصي، لكن المشاركة الرسمية مع إسبانيا في تلك المباراة (مباراة تأهيلية بمنافسة رسمية) كانت كافية، وفق قوانين الفيفا القديمة، لجعله محروماً من تمثيل أي منتخب آخر حتى لو كان يحمل جنسية مزدوجة.

المغرب حاول في البداية أن يجري تغييراً للانتماء الرياضي للحدادي من إسبانيا إلى المغرب، لكن فيفا رفض الطلب في السنوات الماضية، ورفضت أيضاً عدة استئنافات لدى محكمة التحكيم الرياضي (CAS) حيث مثّل إسبانيا أولاً في مباراة تأهيلية لبطولة قارية (مباراة رسمية) ثم صدر حكم بعدم قدرته على تمثيل المغرب في البداية.

مصدر الصورة

لكن في سبتمبر/أيلول 2020، أجرى فيفا تعديلاً على لائحة "الأهلية" للمنتخبات الوطنية، من ضمنها: السماح للاعبين مزدوجي الجنسية بتغيير الانتماء إذا كانوا قد خاضوا خدمة دولية (مباراتين أو أكثر) مع منتخب ما، شرط أن يكونوا قد شاركوا في آخر مباراة رسمية لهم مع ذلك المنتخب قبل أن يبلغوا سن 21 عاماً، وأن يكون عدد المباريات الرسمية مع المنتخب الأول لا يزيد عن 3 مباريات، وألا تكون تلك المباريات في البطولات الكبرى (كأس العالم أو كأس الأمم مثلاً) وكذلك مرور فترة زمنية (3 سنوات على الأقل) منذ آخر مشاركة رسمية مع المنتخب الأصلي.

وبموجب القوانين الجديدة، تقدَّم المغرب بطلب لتفعيل التبديل الدولي لمنير الحدادي بعد أن أصبح ممكناً قانونياً لبعض اللاعبين في وضعه، التبديل تم الموافقة عليه رسمياً من قِبل فيفا، أي أن منير بات مؤهلاً لتمثيل المنتخب المغربي الوطني على المستوى الدولي، حيث خاض أول مباراة رسمية له مع المغرب في مارس/ آذار عام 2021 ضمن تصفيات كأس الأمم الإفريقية.

ورغم التعديلات، كان هناك تحفظات على حالة منير الحدادي بسبب مشاركاته مع منتخب الشباب الإسباني تحت 21 عاماً، بعد أن تجاوز هذا السن، وهي نقطة كانت تُستخدم لرفض التبديل في البداية. لكن التعديل الذي أُدخل مع تاريخ سريان اللائحة الجديدة جعل شرط السن (أن آخر مشاركة رسميّة مع المنتخب الأول تكون قبل بلوغ 21 عاماً) لا يُطبّق بأثر رجعي على الحالات التي حصلت قبل تاريخ سريان القوانين الجديدة في سبتمبر/أيلول 2020. وبما أن مشاركة منير مع منتخب إسبانيا الأول كانت قبل هذا التاريخ، فقد تم تسوية الوضع.

تياجو موتا من البرازيل لإيطاليا

تُعدّ حالة تياجو موتا مثالاً بارزاً على كيفية استفادة بعض اللاعبين من ثغرات قوانين الفيفا لتغيير انتمائهم الدولي. وُلد موتا في البرازيل عام 1982، وشارك مع منتخب بلاده في بطولة الكأس الذهبية 2003، وهي بطولة ينظمها اتحاد كونكاكاف وشارك فيها منتخب البرازيل بفريق مكوَّن من لاعبين بدلاء. ورغم مشاركته في مباراتين، إلا أن تلك البطولة لم تُسجَّل كمنافسة رسميّة ضمن روزنامة الاتحاد القاري للبرازيل (كونميبول)، وبالتالي لم تُعتبر مشاركته "رسمية" بمفهوم الفيفا من حيث ربطه الأبدي بمنتخب البرازيل.

لاحقاً، وبعد حصوله على الجنسية الإيطالية من خلال أصوله العائلية، تقدَّم موتا بطلب لتغيير انتمائه الدولي، وهو ما وافق عليه الاتحاد الدولي لكرة القدم، وفق اللوائح التي تسمح للاعب مزدوج الجنسية بتغيير المنتخب طالما لم يشارك في مباراة رسميّة مع المنتخب الأول. وهكذا، أصبح موتا لاعباً رسمياً في صفوف المنتخب الإيطالي، وشارك معه في بطولات كبرى مثل يورو 2012 (حيث وصل الفريق إلى النهائي)، وكأس العالم 2014، ويورو 2016.

ديكلان رايس، ولاء لأيرلندا أم لإنجلترا ؟

تُعدّ حالة ديكلان رايس من أبرز الأمثلة الحديثة على الجدل الذي تثيره قضايا الجنسية الرياضية والانتماء الوطني في كرة القدم، فقد وُلد رايس في لندن عام 1999 لأبوين من أصول أيرلندية، ما جعله مؤهلاً لتمثيل كل من إنجلترا وجمهورية أيرلندا دولياً. في بداياته، اختار رايس تمثيل أيرلندا، وشارك معها في جميع الفئات السنّية وصولاً إلى الفريق الأول، حيث خاض ثلاث مباريات ودّية بين عامي 2018 و2019.

ورغم التصريحات السابقة التي أكّد فيها ولاءه لأيرلندا، قرّر رايس في فبراير/شباط 2019 تغيير انتمائه الدولي إلى منتخب إنجلترا، مستفيداً من قواعد الفيفا التي تسمح للاعب مزدوج الجنسية بتغيير المنتخب طالما لم يشارك في مباراة رسميّة مع المنتخب الأول في منافسة رسميّة. وقد أثار قراره استياءً واسعاً في الأوساط الرياضية الأيرلندية، لا سيما وأنه كان يُنظر إليه باعتباره من أبرز المواهب التي كان يمكن أن تبني عليها أيرلندا مستقبلها الكروي.

منذ ذلك الحين، أصبح رايس أحد الركائز الأساسية في منتخب إنجلترا، وشارك في بطولات كبرى مثل يورو 2020 وكأس العالم 2022، ليؤكّد أن قراره الانتقال لم يكن فقط قانونياً، بل مثّل خطوة حاسمة في مسيرته الاحترافية.

كيف تطبّق قوانين الفيفا على هذه الحالات "المعقدة" ؟

إذا شارك اللاعب فقط في مباريات ودّية غير رسميّة مع منتخب معين، هذا لا يُلزم اللاعب بالاستمرار مع هذا المنتخب، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حالة اللاعب دييجو كوستا مع البرازيل.

وإذا شارك في مباراة رسميّة مع منتخب ضمن تصفيات أو بطولات وهو صغير (مثلاً تحت 21 عاماً)، ثم مرّت فترة زمنية (مثلاً 3 سنوات من آخر مشاركة رسميّة)، يُسمح له بتغيير المنتخب إذا استوفى باقي الشروط، ومن أبرز الأمثلة على ذلك حالة اللاعب ديكلان رايس.

ومن أهم شروط الجنسية القانونية أن يحمل اللاعب جنسية البلد الجديد، أو أن يكون من أصول (والد، أم، جدّ، جدّة) من ذلك البلد. هذه الأصول تُستخدم كثيراً في الحالات من أمريكا اللاتينية أو أوروبا. وعليه تقديم طلب رسمي إلى فيفا والموافقة عليه، وأن لا يحدث التغيير إلا بعد تقديم طلب رسمي من قِبل الاتحاد الوطني المعني، وإشراف وموافقة من الفيفا، مع ضرورة الإشارة إلى أن التبديل قد يُسمَح مرة واحدة فقط خلال مسيرة اللاعب الوطني، وأن اللاعب لا يستطيع أن يبدّل المنتخب عدة مرات.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا