آخر الأخبار

هل تصبح كازاخستان نقطة الضعف الجديدة لموسكو؟

شارك

موسكو- تجدد الاهتمام بالعلاقات الروسية الكازاخستانية في مقالات وتحليلات المراقبين الروس، حيث برزت نبرة انتقادية تجاه توجه أستانا المتنامي نحو تعزيز تقاربها مع الغرب.

يأتي ذلك وسط خشية الكرملين من تزايد نفوذ الدول الغربية على دول آسيا الوسطى، بما فيها كازاخستان ، أقرب شركاء روسيا التجاريين وأكبرهم في الإقليم.

وتعتقد السلطات الروسية أن الضغط الغربي على كازاخستان يعيق مساعيها لإعادة دول المنطقة إلى فلكها السياسي وبناء علاقات اقتصادية مع "الجنوب العالمي" لاستعادة قدرتها على الوصول إلى التجارة العالمية وجعل روسيا مركزا لكتلة تجارية أوراسية قادرة على منافسة مجالات النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

مصدر الصورة مراقبون روس ينتقدون توجه أستانا المتنامي نحو تعزيز تقاربها مع الغرب (الجزيرة)

حسابات خاطئة

وكانت كازاخستان قد شهدت في يناير/كانون الثاني 2022 أكبر اضطرابات شعبية في تاريخها منذ استقلالها، وللسيطرة على الأوضاع، طلب الرئيس قاسم جومارت توكاييف رسميا المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعي ، وهي تكتل أمني تقوده روسيا، مشيرا إلى هجوم شنته "جماعات إرهابية مدعومة من الخارج".

ولأول مرة في تاريخها، وافقت المنظمة على نشر "قوات حفظ سلام" هناك، وبعد ذلك توقع الكثيرون أن تتخلى كازاخستان عن سياستها الخارجية المتعددة الاتجاهات وتتحالف بشكل أوثق مع جارتها الروسية.

في البداية، بدا أن هذا التوقع قد تحقق، حيث أطلق الرئيس توكاييف عدة مبادرات تهدف إلى تعميق التعاون مع روسيا في تكنولوجيا الطاقة والتعليم والثقافة، مع إعادة توجيه برنامجه للمنح الدراسية لتعزيز العلاقات مع المؤسسات التعليمية الروسية.

وبشكل عام، كان هناك توقع واسع النطاق بنفوذ روسي أقوى من أي وقت مضى في كازاخستان، لكن اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا غير الوضع جذريا.

إعلان

فعلى الرغم من تأكيد القيادة الكازاخستانية علنا على صداقتها مع روسيا، إلا أن سياسة النأي بالنفس عنها لا تزال قائمة، فهي تُعارض الحرب الروسية الأوكرانية، وترفض الاعتراف بالأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها روسيا كأراض روسية، وتسعى جاهدة للامتثال للعقوبات الغربية.

ولعل أبرز مثال على ذلك هو بيان الرئيس توكاييف الذي أعلن فيه أن كازاخستان لا تعترف بضم شبه جزيرة القرم أو ما يسمى بالكيانات "شبه الحكومية" التي أنشأتها روسيا في دونيتسك ولوغانسك .

علاوة على ذلك، أرسلت كازاخستان إمدادات طبية كمساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، ودخل الرئيس توكاييف في محادثات مباشرة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي .

وفي بلد معروف بندرته في السماح بالتجمعات العامة ذات الرسائل السياسية، سمحت الحكومة -بشكل غير متوقع- بالعديد من الاحتجاجات في ألماتي وأستانا ضد روسيا بسبب الحرب مع أوكرانيا.

في المقابل، تعرض أشخاص وضعوا رموزا وعبارات مؤيدة لروسيا في الحرب للاستجواب من قبل الشرطة.

بالإضافة إلى ذلك، استقبلت كازاخستان مئات الآلاف من الروس الفارين من التعبئة التي أُعلن عنها في سبتمبر/أيلول 2022، وقد فر الكثيرون منهم بمفردهم أو مع عائلاتهم على عجل وبدون وثائق سفر سليمة، وصرح الرئيس توكاييف بأنهم يفرون من أوضاع ميؤوس منها، ويجب رعايتهم.

لعبة مزدوجة

ويرى المختص في شؤون آسيا الوسطى وجنوب القوقاز، ألكسي نوموف، أن الغرب يسعى جاهدا لإضعاف روسيا، وفي هذا المسعى، يتجه اهتمامه بشكل متزايد نحو أقرب حلفاء موسكو ومن بينهم كازاخستان، التي تريد تعزيز مكانتها الدولية وتنويع علاقاتها الخارجية.

وبين نوموف، في حديثه للجزيرة نت، أن أستانا أبدت اهتماما واضحا بتوسيع تعاونها مع الدول الغربية، متجاوزة الاقتصاد والتكنولوجيا إلى المجالات السياسية والأيديولوجية، في مسعى لترسيخ مكانتها كلاعب مستقل، وليس مجرد عضو في تحالفات إقليمية.

مضيفا أن رفض كازاخستان الانضمام إلى البريكس يؤكد مجددا الطبيعة متعددة الاتجاهات لسياستها الخارجية، وإحجامها عن الخلاف أو خلق المزيد من التوترات في علاقاتها مع الغرب، الذي ينظر إلى البريكس على أنها كيان معادٍ له.

ويذهب المتحدث إلى حد القول إن كازاخستان لا تريد انتصارا روسيا سريعا في الحرب مع أوكرانيا، لكن هزيمة موسكو غير مرغوب فيها للغاية.

ويشير إلى أن إستراتيجية الرئيس توكاييف تقوم على استثمار النزاع القائم حول "طلب ودها"، بما يتماشى مع مساعيه لجعل بلاده قوة إقليمية مؤثرة، حتى وإن كانت علاقاتها غير مستقرة.

مصدر الصورة الرئيس فلاديمير بوتين (يسار) ونظيره الكازاخستاني قاسم جومارت خلال توقيعهما على وثائق ثنائية في أستانا قبل عامين (رويترز)

اختلال في التوازن

من جانبه، يقول الباحث في شؤون الجمهوريات السوفياتية السابقة، ستانيسلاف بريتشين، إن التحوّل في توازن العلاقات بين البلدين شجع كازاخستان على المضي بوتيرة أسرع نحو التقارب مع الغرب، لا سيما أن العملية ذاتها سارت إلى حد كبير بسلاسة في الحالتين الأرمينية والأذربيجانية.

ويوضح أنه بينما كانت كازاخستان أكثر اعتمادا على روسيا قبل الحرب الأوكرانية، فقد أصبحت روسيا الآن بحاجة إلى كازاخستان أكثر من أي وقت مضى، بعد أن برزت كبوابة حيوية للاقتصاد العالمي لروسيا، مع قيام الدول الغربية بمنع الوصول إلى نظام سويفت وقطع سلاسل التوريد الحيوية.

إعلان

ويضيف أن الشركات في كازاخستان انتهزت الفرصة باستيراد سلع خاضعة للعقوبات من أوروبا لإعادة بيعها للمستهلكين والشركات الروسية بأسعار أعلى بكثير.

علاوة على ذلك، أصبحت كازاخستان وجهة رئيسية للشركات الروسية التي تسعى للالتفاف على العقوبات من خلال التسجيل كشركات كازاخستانية للحفاظ على عملياتها مع الشركات الأجنبية.

ويخلص إلى أن أهمية كازاخستان بالنسبة لروسيا ازدادت إلى مستوى غير مسبوق، وقد منح هذا التحول في التوازن حكومة أستانا مرونة أكبر في سياستها الخارجية، وهذا سمح لها بالنأي بنفسها عن موسكو.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا