آخر الأخبار

بين ضغوط الداخل وموازين الخارج.. "قراءة تفصيلية" لخطة غزة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

ترامب: إسرائيل ستنسحب على مراحل

طرح الكاتب والباحث السياسي طارق الشامي، من واشنطن عبر مداخلة في برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، قراءة تفصيلية للخطة الأميركية بشأن غزة، واصفاً إياها بأنها "إيجابية بمفهومها العام" مقارنة بالطرح السابق حول "ريفيرا غزة".

لكن الشامي شدد على أنها لا تزال إطاراً عاماً يحتاج إلى مشاورات طويلة، ما يجعلها محل جدل واسع بين مختلف الأطراف المعنية.

الخطة، المكوّنة من 21 نقطة، تتحدث عن انسحاب تدريجي لإسرائيل من القطاع، وتسليم حماس لجزء من ترسانتها العسكرية، خصوصاً الأسلحة الهجومية مثل الصواريخ والقذائف.

في المقابل، يُسمح للحركة بالاحتفاظ بأسلحة خفيفة، على أن تعهد مسؤولية الأمن لقوات عربية أو أممية. هذا البند بالتحديد يظهر محاولة أميركية لإيجاد صيغة وسطية تمنح حماس مخرجاً سياسياً دون أن يُنظر إليها كخاسرة بالكامل.

مأزق نتنياهو.. بين يمينه المتشدد وضغوط الخارج

يرى الشامي أن المعضلة الكبرى أمام نتنياهو تكمن في التناقض بين تصريحاته الأخيرة في الأمم المتحدة، حيث جدّد رفضه القاطع لفكرة الدولة الفلسطينية، وبين مضامين الخطة الأميركية التي تفتح أفقاً – ولو غير مباشر – نحو هذا المسار.

قبول الخطة يعني مجازفة بإغضاب شركائه من اليمين المتشدد مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، اللذين يهددان بإسقاط الحكومة إذا جرى التراجع عن استكمال الحرب أو التخلي عن فكرة الضم.

لكن رفض الخطة قد يعرّض نتنياهو لعزلة دولية، ويُغضب الرئيس ترامب الذي يُراهن شخصياً على إنجاح المبادرة كجزء من إرثه السياسي.

الضغط لا يأتي من واشنطن وحدها؛ المعارضة الإسرائيلية بزعامة يائير لابيد عرضت توفير شبكة أمان سياسية للحكومة إذا انسحب اليمين المتشدد منها. بهذا المعنى، قد يجد نتنياهو نفسه أمام معادلة معقدة: إما مواجهة سقوط سياسي داخلي، أو خسارة الدعم الدولي والإقليمي.

حماس بين السلاح والسياسة

الخطة تضع حماس أمام اختبار تاريخي: إما قبول التخلي عن أسلحتها الهجومية والاندماج في معادلة سياسية جديدة، أو المخاطرة بمزيد من العزلة الدولية والضغط الإقليمي.

الشامي أشار إلى أن صياغة الخطة تركت الباب مفتوحاً أمام ترتيبات تحفظ للحركة وجودها السياسي، مع احتمالية خروج بعض قياداتها من غزة بضمانات إقليمية. لكن أي قرار في هذا الاتجاه سيبقى مثار جدل داخلي بين جناحيها السياسي والعسكري.

انعكاسات إقليمية.. إيران والحوثيون في الحسابات

التحولات المحتملة في غزة لا تنعكس فقط على الفلسطينيين والإسرائيليين، الشامي لفت إلى أن وقف الحرب قد يسحب الذريعة التي اعتمد عليها الحوثيون في اليمن لمواصلة هجماتهم البحرية تحت شعار الدفاع عن غزة. التهدئة هنا ستعني، عملياً، تحسين الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، وهو مطلب حيوي للولايات المتحدة وأوروبا.

أما إيران، فهي تنظر إلى المسألة من زاوية أكثر تعقيداً. القلق الغربي والإسرائيلي من برنامجها النووي يتزايد، خاصة بعد وصول مخزون اليورانيوم المخصّب إلى 60 بالمئة بأكثر من 400 كغم. في حال توقفت الحرب في غزة، قد تتحول الأنظار مجدداً نحو طهران، ما يزيد الضغوط عليها للكشف عن مصير هذا المخزون.

ترامب والطموح الشخصي

بعيداً عن التعقيدات الميدانية، لا يخفي الشامي قناعته بأن ترامب يسعى لتحقيق "جائزة كبرى" في الشرق الأوسط، طالما تحدث عنها علناً.

الخطة لم تُولد فجأة، بل جرى إعدادها على مدى أشهر بمشاركة أطراف عدة، من بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير وصهر ترامب جاريد كوشنر. عملية التنقيح المتكررة أعطت للخطة طابعاً مرناً يسمح لكل طرف بادعاء الانتصار.

لكن الطموح الشخصي لترامب يجعل من الخطة اختباراً حقيقياً لمصداقيته أمام الداخل الأميركي أيضاً. فالرئيس الذي أعاد الولايات المتحدة إلى صدارة الملفات الدولية يحتاج إلى إنجاز ملموس في الشرق الأوسط، يعادل اتفاقيات أبراهام في ولايته الأولى.

في النهاية، تضع الخطة الأميركية الأطراف كافة أمام خيارات صعبة: إسرائيل مطالبة بمراجعة حساباتها الداخلية والخارجية، وحماس أمام اختبار التحول من العمل العسكري إلى المعادلة السياسية، فيما يقف الإقليم على عتبة ترتيبات جديدة ستحدد شكل التوازنات المقبلة.

وبينما يترقب الجميع خطوات نتنياهو، يبقى السؤال الأبرز ما إذا كان هذا المسار سيفتح نافذة جدية نحو تسوية طال انتظارها، أم سيظل مجرد ورقة تفاوضية أخرى تُضاف إلى سجل محاولات لم تكتمل.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا