آخر الأخبار

"الروشة" بين هيبة الدولة اللبنانية واستعراض "حزب الله"

شارك

في مشهد أعاد إشعال الجدل حول سيادة الدولة وقراراتها، تحوّلت صخرة الروشة في بيروت، الخميس، إلى ساحة مواجهة سياسية ورمزية، بعدما كُسر قرار رئيس الحكومة نواف سلام بمنع أي نشاط حزبي أو استعراضي في الموقع.

وأقدمت مجموعة من عناصر حزب الله على تحدي القرار الرسمي، معلّقة صورا وشعارات رفعت منسوب التوتر وأدخلت المكان في قلب الصراع المفتوح بين سلطة الدولة ونفوذ الحزب.

وبينما تابع المواطنون ما جرى على واحدة من أبرز معالم بيروت السياحية، تزايدت التساؤلات حول حدود الدولة في فرض هيبتها، وما إذا كانت الروشة ستبقى رمزا وطنيا جامعا أم رهينة سجال سياسي لا ينتهي.

وفي بيروت، لم يكن عصر يوم الخميس عاديا، إذ شهدت العاصمة انتشارا أمنيا على وقع التوتر الذي أثارته أحداث صخرة الروشة، وتواصلت المواقف والتحليلات حول كسر قرار رئيس الحكومة نواف سلام، بعد أن أقدمت مجموعات من حزب الله على تنفيذ نشاطات استعراضية حزبية في البحر وعند رصيف الروشة رغم المنع الرسمي.

انقلاب على الدولة

في تعليقه على ما جرى، قال المحلل في الشؤون القضائية يوسف دياب لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "هذا التحرك مثّل ضربة لهيبة الدولة، وانقلابا على قراراتها، واستمرارا في التنكيل بكل ما يمتّ بصلة إلى الدولة، سيادتها وشرعيتها".

واعتبر أن "التحدي الفعلي لم يكن في وجه رئيس الحكومة وحده، بل أمام الأجهزة الأمنية والعسكرية"، مؤكدا أن "الأخيرة امتنعت عن الاحتكاك بالمواطنين في الطرقات، تجنبا لخلق مشكلات".

وتابع قائلا إن "منح محافظ بيروت ترخيصاًلفعالية مدنية على الروشة لا يبرر الاستفزاز العلني، أو شتم رئيس الحكومة وأركان الدولة"، واصفا ما حصل بأنه "تحدٍّ سافر للسلطة التنفيذية".

وشدّد دياب على "ضرورة وجود محاسبة في هذا الموضوع من ناحيتين: أولا، التحقيق في ما إذا كانت الأجهزة الأمنية قد تقاعست أو ترددت في تنفيذ قرارات رئيس الحكومة، وثانيا، تحديد من يقف خلف الخرق، وتجاوز قرارات الدولة والسلطة الشرعية".

وأوضح أن "القضاء يجب أن يبدأ استنابات للأجهزة الأمنية لجمع المعلومات عن الأشخاص المنظمين للفعالية التي أدت إلى إضاءة صخرة الروشة خلافا لقرار رئيس الحكومة".

وختم دياب بالقول إن "ما حصل يُشبه أحداث 7 أيار (مايو)، ليس من حيث استعمال السلاح، بل من حيث كونه انقلابا مدنيا على الدولة، وواحدا من أبشع صور ضرب هيبة الدولة اللبنانية منذ ذلك التاريخ".

الحزب في أدنى درجات ضعفه

في السياق نفسه، قال النائب السابق مصطفى علوش لموقع "سكاي نيوز عربية": "عندما استُشهد رفيق الحريري عام 2005، تمكنت الحشود المليونية من كسر قرار السلطة يومها بالتجمع في ساحة الشهداء، كما أن حشود الحزب احتلت الوسط التجاري لاحقا. واليوم يعود حزب الله إلى حشوده لكسر قرار الدولة، لكن كل ذلك لا يغيّر في الأمر شيئا، فالحزب كمنظمة تحوّل إلى عصابة مسلحة خارجة عن القانون، ومنظومته السياسية مثله تماما".

ورأى علوش أن "مشاركة وزراء الحزب في الحكومة بهذه النشاطات أمر غير منطقي، ما يستوجب إما استقالتهم أو إقالتهم، وقد تكون مبادرة من هذا النوع التعبير الأوضح عن انتظام الأمور، وصولا إلى استقالة الحكومة وتأليف أخرى خالية من الحزب الخارج عن القانون".

لكن علوش لفت في المقابل إلى أن "الصورة التي أضيئت اليوم تكشف الحزب في أدنى درجات ضعفه، بمحاولته استعطاف الرأي العام السني عبر العودة إلى اسم رفيق الحريري، إلا أن ذاكرة الناس ما زالت حاضرة، ومن قتل الحريري أصبح معروفا، ولن ينفع عرض صورة القاتل والقتيل معا على صخرة الروشة".

وأكد أن "ما حدث من حشد لن يكون سوى زوبعة في فنجان، لن تعيد للحزب شيئا مما خسره، ولن تدفع الحكومة إلى التراجع عن قراراتها المرتبطة بالسلاح غير الشرعي".

الشارع البيروتي: استفزاز صارخ

وبينما انشغل السياسيون بالمواقف والتصريحات، كان للمواطنين في بيروت رأي آخر بالنسبة لما جرى.

فقد بدت علامات الغضب والاستياء واضحة على وجوه كثيرين ورأوا بأعينهم كيف تحوّلت صخرة الروشة إلى منصة استعراضية حزبية.

وقال أحد الشبان من العاصمة اللبنانية لموقع "سكاي نيوز عربية": "شعرنا جميعا بأننا أمام استفزاز مباشر. هذا المكان هو ملك اللبنانيين جميعا، لا ساحة استعراض حزبي. الناس هنا لا تبحث عن صور ولا عن شعارات، بل عن هواء نقي وهدوء، وفجأة وجدنا أنفسنا في قلب معركة سياسية على حسابنا".

من جهتها، تساءلت سيدة خمسينية كانت برفقة أسرتها: "كيف يجرؤ وفيق صفا على الظهور في هذا المشهد وكأن شيئا لم يكن؟ أليس هو من يتهمه كثيرون بأنه مهندس التهديدات والتجاوزات بحق الدولة؟. وجوده العلني عند الروشة كان إهانة إضافية لهيبة الدولة، ولشهداء بيروت واستخفافا بمشاعر الناس".

أما رائد، وهو أحد الطلاب الجامعيين، فأكد أن "إضاءة صورة رفيق الحريري في هذا السياق لم تؤثر في أحد. فالناس لم تنسَ من قتله، ولا يمكن للقاتل أن يطلب تعاطف الناس من خلال رفع صورة ضحيته. هذا استغلال فجّ للرموز، واللبنانيون أكثر وعيا من أن ينخدعوا بمشهد مسرحي كهذا".

ووصف بعض المارة في الموقع ما جرى بأنه "انقلاب ناعم على الدولة"، فيما اعتبره آخرون "رسالة يقول فيها الحزب إنه أقوى من الدولة، لكن الحقيقة أن المشهد كله كشف ضعفه وعجزه عن فرض هيمنته كما كانت في السابق".

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا