مصر.. أسعار الذهب تسجل مستويات "غير مسبوقة".. وتجار يوضحون الأسباب

القاهرة، مصر (CNN)-- شهدت أسعار الذهب في مصر ارتفاعات قياسية خلال الأيام الماضي، لتسجل مستويات غير مسبوقة وصلت حتى 5100 جنيه (105.96 دولار) للجرام عيار 21، مع توقعات باستمرار هذا الاتجاه التصاعدي حتى نهاية العام.

وأرجع تجار أسباب هذا الصعود إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أدت إلى زيادة الطلب على المعدن النفيس، أبرزها السياسة النقدية الأمريكية والتوترات الجيوسياسية، ونصحوا المستهلكين والمستثمرين بتوخي الحذر والتركيز على الاستثمار طويل الأجل في هذا المعدن الثمين .

ووفق بيانات مجلس الذهب العالمي، اشترى المصريون 11.5 طن خلال الربع الثاني من 2025، بزيادة عن حجم مشتريات الربع الأول والتي بلغت 11.1 طن، ومقابل 14.4 طن في الربع المماثل من 2024، وتوزعت ما بين مشتريات السبائك بحجم 5.9 طن، والمشغولات الذهبية 5.7 طن .

تأثير العوامل الاقتصادية والسياسية

وقال رئيس الشعبة العامة للذهب والمصوغات بالاتحاد العام للغرف التجارية هاني ميلاد، إن أسعار الذهب العالمي سجلت مستويات قياسية منذ بداية العام، بدأت بتسجيل مستوى 3 آلاف دولار للأوقية ثم واصلت الارتفاع ليصل إلى 3500 دولار وصولًا إلى نحو 3800 دولار، وهي مستويات لم يشهدها المعدن النفيس من قبل، متوقعًا أن يواصل الذهب مسار الارتفاع حتى نهاية العام الحالي، وذلك في ظل العوامل الاقتصادية والسياسية التي تؤثر على الأسعار .

وأرجع ميلاد، في تصريحات خاصة لـ "CNN بالعربية"، أسباب قفزة أسعار الذهب تتمثل في زيادة الإقبال على شراء المعدن النفيس، الذي أصبح يكتسب أهمية متزايدة في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة، وأبرزها التوجه القوي من الصين لتدعيم احتياطياتها من الذهب، مع التراجع في الاعتماد على الدولار الأمريكي، نتيجة الحرب التجارية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة، وسياسة خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، ساهمت في زيادة الطلب على الذهب، مما دفع أسعاره إلى مستويات غير مسبوقة.

وتوقع أن تستمر هذه العوامل في دفع أسعار الذهب نحو مزيد من الارتفاع في الفترة المقبلة، خاصة في ظل غياب أي بوادر تحسن لهذه التحديات .

وحول النصائح للمستهلكين، قال ميلاد إن "الأفضل في الوقت الحالي هو التريث في الشراء أو البيع، وعدم اللجوء للبيع إلا في حال الحاجة الملحة للأموال"، أما في حالة الرغبة في الشراء، فقد نصح بـ"تجزئة المحفظة على فترات، مع التركيز على الاستثمار طويل الأجل" .

وأضاف أن الفترة الحالية تشهد تباينًا في ردود الأفعال تجاه الذهب، ففي حالة الشراء هناك انخفاض في الطلب بسبب تراجع السيولة المالية تزامنًا مع بدء الموسم الدراسي، في المقابل ينتظر الكثير من البائعين مزيدًا من الارتفاع في الأسعار، وتوقع أن يشهد السوق زيادة في الطلب على شراء الذهب خلال الربع الأول من العام المقبل، خاصة مع اقتراب موعد استحقاق الشهادات البنكية ذات العائد المرتفع، ما يساهم في زيادة القدرة الشرائية لدى المستهلكين .

وقال المدير التنفيذي لمنصة "آي صاغة" لتداول الذهب والمجوهرات عبر الإنترنت، سعيد إمبابي، إن سعر الذهب في مصر يرتبط بشكل مباشر بسعر الأوقية عالميًا، التي شهدت ارتفاعا غير مسبوق نتيجة عدة عوامل، أبرزها ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخفض أسعار الفائدة الأمريكية، بالإضافة إلى سعي العديد من البنوك المركزية للتحوط من المخاطر عبر شراء الذهب والتخلي عن الدولار تدريجيًا، إلى جانب التوترات الجيوسياسية في المنطقة .

وأضاف إمبابي، في تصريحات خاصة لـ "CNN بالعربية"، أن هذه العوامل دفعت بسعر الأوقية عالميًا إلى 3775 دولارا، ما أسهم في زيادة سعر جرام الذهب عيار 21 إلى 5100 جنيه، وهي أعلى مستويات سجلها الذهب محليا وعالميا، متوقعا استمرار ارتفاع أسعار الذهب في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن المعدن النفيس سيظل في مسار تصاعدي، حتى في حال حدوث تصحيح للأسعار، إلا أن هذا التصحيح لن يكون "عنيفا"، على أن تلامس الأوقية مستوى 4 آلاف دولار في وقت قريب .

النصائح للمستهلكين

وبخصوص نصائحه للمستهلكين، أوضح إمبابي أن هناك نوعين من المستثمرين: الأول هو المدخر الذي يوجه جميع مدخراته نحو الذهب، وهذه النوعية لا تهتم عادة بسعر الذهب لأنه يحقق عائدا دوريا من استثماره على المدى الطويل، أما الثاني فهو المضارب، الذي يشتري عندما تنخفض الأسعار ويبيع عند ارتفاعها، فهذه الفترة ليست الأنسب له، وسينتظر حدوث عمليات جني أرباح، وتصحيح في الأسعار ليبدأ الشراء مجددًا .

وفيما يخص تأثير زيادة أسعار الذهب على المبيعات، قال إمبابي، إن المبيعات لم تتأثر بارتفاع الأسعار، بل على العكس، فإن زيادة الأسعار تعزز ثقة المستهلكين وتشجعهم على الشراء لتحقيق أرباح مستقبلية، موضحًا أن نفسية المستهلكين قد تقبلت وصول سعر جرام الذهب إلى 5 آلاف جنيه، ويحفزهم التوقعات بأن الأسعار قد ترتفع إلى 7 آلاف جنيه، مما يعزز رغبتهم في استثمار المزيد في الذهب لتحقيق الأرباح .