في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أعلنت تركيا الخميس الماضي، أنها أصبحت أول دولة تساهم ماليا في صندوق الطوارئ الذي أنشأته منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ( يونسكو ) لدعم غزة ، في خطوة عكست بوضوح البعد الإنساني والسياسي لموقف أنقرة.
وجاء الإعلان على لسان السفيرة غولنور أيبت، المندوبة الدائمة لتركيا لدى المنظمة، التي شددت عبر منصات التواصل الاجتماعي عقب اجتماع في باريس على ضرورة "رفع الصوت أكثر بشأن جميع جوانب إغاثة غزة"، مؤكدة أن أنقرة ستواصل الدفع باتجاه حشد الدعم الدولي للفلسطينيين.
ويهدف الصندوق إلى تمويل برامج عاجلة في التعليم والثقافة والإعلام، وهي قطاعات تضررت على نحو واسع من الحرب الإسرائيلية على غزة ، إذ تشير بيانات اليونسكو إلى تضرر أكثر من 400 مدرسة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ووجود نحو 625 ألف طالب في وضع تعليمي هش، فيما تحولت كثير من المدارس إلى ملاجئ للنازحين.
وحذرت المنظمة من أن استهداف هذه المرافق يمثل خرقا صارخا ل لقانون الدولي ، مؤكدة أن حماية التعليم والتراث الثقافي في غزة جزء لا يتجزأ من صون كرامة الشعب الفلسطيني وذاكرته الجماعية.
وحتى مارس/آذار الماضي كانت 10 دول قد أعلنت دعمها للصندوق، من بينها فرنسا واليابان والمملكة المتحدة، غير أن تركيا تصدرت القائمة باعتبارها أول المساهمين، في إشارة واضحة إلى ريادتها في حشد المساندة الدولية.
ولم تقتصر جهود تركيا على المواقف الدبلوماسية والتصريحات السياسية، بل قادت واحدة من أضخم العمليات الإغاثية الموجهة إلى غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووفق بيانات إدارة الكوارث والطوارئ التركية ( آفاد )، تجاوز حجم المساعدات الإنسانية التركية أكثر من 101 ألف طن من المواد المتنوعة، تم إيصالها عبر 14 رحلة جوية و16 سفينة شحن بحرية، جرى تفريغها في موانئ ومطارات قريبة قبل نقلها إلى القطاع.
وتركزت هذه المساعدات على تلبية الاحتياجات الأساسية العاجلة، خاصة في القطاع الصحي والغذائي والإيوائي، إذ أرسلت أنقرة 8 مستشفيات ميدانية جاهزة و53 سيارة إسعاف، إضافة إلى نحو 245 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية.
كما وفرت 3 وحدات متنقلة للمطابخ الميدانية قادرة على تجهيز آلاف الوجبات يوميًا، ولمواجهة أزمة الكهرباء، أرسلت تركيا نحو 1451 مولدا كهربائيا لتشغيل المستشفيات والمنشآت الحيوية، وأقامت 351 وحدة سكنية مسبقة الصنع لإيواء النازحين.
وفي الجانب الغذائي، ضخت تركيا أكثر من 25 ألف طن من المواد الغذائية الأساسية و65 ألف طن من الدقيق، إلى جانب ما يزيد على ثلاثة آلاف طن من مياه الشرب و550 طنا من مواد التنظيف، كما شغلت مطابخ ميدانية وفرت عشرات الآلاف من الوجبات الساخنة يوميا، وحرصت على تأمين 20 لترا من مياه الشرب لكل أسرة يوميا، للتخفيف من وطأة النقص الحاد في المياه.
أما على صعيد الإيواء، فقد أرسلت أنقرة أكثر من 25 ألف خيمة مجهزة و113 ألف بطانية و19 ألف كيس نوم، إضافة إلى ما يزيد على 151 ألف قطعة من مستلزمات الإغاثة الأخرى، كما وزعت أكثر من 281 ألف طرد نظافة شخصية و469 ألف قطعة ملابس للأسر المتضررة، في حين شملت المساعدات أيضًا أكثر من ألف مجموعة ألعاب للأطفال، في محاولة للتخفيف من معاناتهم وسط أجواء الحرب.
ولم يقتصر الدعم التركي على الداخل الغزي، بل امتد إلى رعاية الجرحى والمرضى خارج القطاع، ففي نهاية 2023 أعلن وزير الصحة أن تركيا استقبلت 292 مصابا ومريضا من غزة لتلقي العلاج في مستشفياتها، ضمن عمليات إخلاء طبي جرت بالتنسيق عبر معبر رفح.
كما أرسلت أنقرة فرقا طبية مزودة بطائرات إسعاف لنقل الحالات الحرجة من العريش إلى أنقرة وإسطنبول، وتزامن ذلك مع إرسال سفينة طبية خاصة إلى ميناء العريش في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تضم مستشفى ميدانيا كاملا و20 سيارة إسعاف، لتقديم العلاج الفوري للجرحى بالقرب من الحدود.
في السياق ذاته، أكدت هيئة الإغاثة التركية، أنها تمكنت من تقديم حجم هائل من المساعدات لقطاع غزة منذ اندلاع حرب الإبادة.
وتشمل هذه المساعدات أكثر من 35 مليون وجبة ساخنة و6.3 ملايين رغيف خبز، إلى جانب توزيع ما يقارب 4.6 ملايين مكمل غذائي للحوامل والأطفال بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي.
كما وزعت الهيئة أكثر من 206 آلاف طرد غذائي، و1.2 مليون عبوة غذائية متنوعة، وقرابة 130 ألف كيس طحين، إضافة إلى مئات آلاف البطانيات والملابس وطرود النظافة.
وتقول الهيئة في حديث للجزيرة نت، أنها قدمت دعما نوعيا تمثل في 79 ألف قطعة من مواد الإيواء (كالأسرة والمفروشات ومعدات المطبخ)، و3 آلاف خيمة، إلى جانب تشغيل 7 مخيمات إيواء و8 مساجد ميدانية.
وعلى المستوى الطبي، أشرفت الهيئة على 357 عملية جراحية، وقدمت أكثر من 600 نوع من الأدوية والمستلزمات، فضلا عن تسيير 12 سيارة إسعاف ودعم مستشفى الشفاء بالوقود اللازم لتشغيله.
وبينت الهيئة، أن إسرائيل تضع عراقيل معقدة تحول دون إدخال المساعدات إلى غزة، إذ تقتصر الشحنات غالبا على المواد الجافة وتخضع لإجراءات تفتيش مطولة، بينما تتعرض قوافل المساعدات لهجمات من المستوطنين أو للتأخير المتعمد.
وأوضحت أن الاحتلال يفرض باستمرار "مناطق حمراء" داخل القطاع، ما يجبر الفرق الميدانية على تغيير مواقع المطابخ والمخازن، ويحد من قدرتها على الوصول إلى المحتاجين، في وقت يتعرض فيه العاملون والمنظمات الإنسانية للاستهداف المباشر.
وأضافت أن الوضع الإنساني في غزة بلغ مستوى كارثيا، حيث دمر القصف نحو 80% من المباني والبنية التحتية، وتجاوز عدد الشهداء 70 ألفا، فيما أصيب أو أعاق قرابة 170 ألف شخص.
وأكدت أن الحرب المستمرة منذ عامين جعلت الحصول على العلاج أو الغذاء الأساسي أمرا شبه مستحيل، بينما يودي الجوع بحياة مدنيين يوميا وسط صمت دولي وعجز المنظمات عن التدخل.