هديل غبّون، عمّان ، الأردن (CNN) -- ترك قرار إغلاق معبر "الكرامة" الحدودي بين الأردن والضفة الغربية، الأربعاء، وحتى إشعار آخر، آثارًا عديدة على أوضاع آلاف الفلسطينيين العالقين في المملكة، من زائرين وأصحاب أعمال ومرضى، في مواجهة مصير غامض لا ينبئ بعودة قريبة، بحسب تعبيرهم .
وأعلنت الهيئة العامة للمعابر والحدود الفلسطينية أن الإغلاق جاء بقرار من الجانب الإسرائيلي، وشمل كلا الاتجاهين، فيما ندّدت وزارة الخارجية الفلسطينية بالقرار في بيان، وأوعزت إلى سفاراتها وبعثاتها بتكثيف التحرك الفوري تجاه وزارات الخارجية ومراكز صنع القرار والرأي العام في الدول المضيفة .
ويرى مراقبون أن إغلاق المعبر، الذي يُعد الشريان الوحيد لسكان الضفة الغربية نحو الأردن والعالم ، جاء ردًا على سلسلة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية التي أُعلنت في الجمعية العامة للأمم المتحدة .
ويسمى المعبر الحدودي مع الضفة الغربية بـ"الكرامة" لدى الجانب الفلسطيني، و "جسر الملك حسين" لدى الجانب الأردني، ومعبر "اللنبي" لدى الجانب الإسرائيلي .
وكان من بين العالقين الفلسطينيين ناهض شقير، الذي قدم إلى عمّان مع نحو 40 من أفراد عائلته لحضور زفاف ابنة شقيقه.
وتوافدت العائلة وأفرادها من بلدة "الزاوية" بمحافظة سلفيت شمال الضفة الغربية إلى المملكة تباعا، وكانت آخر دفعة وصلت الاثنين خلال عمل المعبر بشكل جزئي .
وقال شقير لشبكة CNN بالعربية : "للمرة الأولى منذ 27 عامًا اجتمعنا نحن 12 شقيقًا في حفل واحد؛ حضر 8 منا من الضفة الغربية، وشقيق من السعودية، فيما يعيش الثلاثة الآخرون في عمّان. والآن لا نعلم متى سنعود إلى سلفيت مع عائلاتنا، رغم أننا حجزنا عبر المنصة قبل أسبوعين من سفرنا ".
ويشكك شقير في إمكانية العودة، الجمعة، رغم الحجز المسبق، معربًا عن قلقه من التداعيات الاقتصادية والمعيشية للإغلاق على العائلة بين الضفة والأردن، متسائلا أيضا عن كيفية التعامل مع حجوزات المنصة للعودة في حال التأخير .
الحال ذاته، يواجهه الشاب الفلسطيني محمد نمر، العالق أيضًا في عمّان، وهي ليست المرة الأولى التي يتأثر فيها بإغلاق المعبر. وقال نمر الذي يقطن في مدينة نابلس بالضفة الغربية : "خرجت في إجازة خاصة وحجزت للعودة في 24سبتمبر/ أيلول عبر المنصة منذ شهرين، خشية أي تأخير. أما الآن، ومع الإغلاق، فلا أستطيع التنبؤ بموعد العودة، خاصة أن أعداد المنتظرين بالآلاف ولا يمكن استيعابهم في يوم واحد، نظرًا للحد اليومي الذي لا يتجاوز أحيانًا 3 آلاف مسافر ".
وأشار نمر إلى أنه اضطر سابقًا لحجز خدمة الـVIP للعبور من جسر الملك حسين، لكن الضغط الكبير على الخدمة دفع أعدادا أكبر للسفر من خلالها، مؤكدا أن وجود عدد من أقاربه في عمّان وتوفر محل إقامة دائم قد يخفف مرحليا تأخير السفر عنه، لكنه لا يخفف بالمقابل قلقه من تأخره عن عمله بسبب نفاذ أيام الإجازة .
وكذلك تنتظر زينب (54 عامًا) من رام الله بفارغ الصبر إعادة افتتاح المعبر، لزيارة ابنتها المقيمة في عمّان لظرف طارئ. وقالت لشبكة CNN بالعربية: "معاناة الفلسطينيين مع الإغلاقات لا تنتهي، وأنا أخشى من تعقيدات منصة الحجز وتراكم الأعداد. أزور عمّان بين الحين والآخر حيث تعيش ابنتاي، واليوم لدي ظرف عاجل، لكنني لا أعلم متى أتمكن من السفر. نطالب بتنظيم الإجراءات وتبسيطها لتخفيف معاناة المسافرين عند إعادة فتح المعبر ".
وحاولت CNN بالعربية التواصل مع القائمين على منصة الحجوزات التي تديرها شركة النقليات السياحية الأردنية "جت"، للاستفسار عن أعداد الحجوزات المقبلة وصلاحيتها مع الإغلاق، دون الحصول على رد .
ويشكو سائقو حافلات وسيارات عاملة على خطوط عمّان والزرقاء وإربد–جسر الملك حسين من خسائر متكررة بسبب الإغلاقات. إذ يعمل على هذه الخطوط نحو 7 حافلات و135 سيارة من عمّان، و38 سيارة من الزرقاء، و20 سيارة من إربد، وجميعها تحت إشراف هيئة النقل البري .
وقال السائق هاني أبو زينة لشبكة CNN بالعربية، إن آلاف المسافرين اضطروا خلال أيام الإغلاق الجزئي والكامل الأخيرة إلى المبيت في فنادق وسط عمّان لعدم وجود أقارب لهم في المملكة، مشيرا إلى أن البعض استطاع أن يغادر من الضفة الغربية إلى دول أخرى عبر الأردن خاصة الطلبة الدارسين في الخارج بشق الأنفس .
ويُعد معبر الكرامة المنفذ الوحيد لأكثر من 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية إلى الخارج، وفق وزارة الخارجية الفلسطينية، إذ لا يُسمح لهم باستخدام معبر الشيخ حسين( نهر الأردن) شمالًا أو معبر وادي عربة (إسحق رابين) جنوبًا .
كما رصدت CNN بالعربية عشرات النقاشات على صفحات فيسبوك أنشأها مسافرون لمتابعة أخبار المعابر، مثل صفحة "جسر الملك حسين (معبر الكرامة)"، دون إخفاء قلقهم من تأخر استئناف العمل في المعبر مع ضيق الأوضاع الاقتصادية وصعوبة تأمين إقامة طويلة الأمد خارج الضفة الغربية .