آخر الأخبار

سلم أولويات بزشكيان في زيارته نيويورك

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

طهران- في لحظة بالغة الحساسية وقبيل عودة العقوبات الأممية على بلاده، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين تحولت أجندة الزيارة إلى موضوع جدلي في العاصمة طهران بشأن فلسفة التعامل مع الغرب وإدارة الملف النووي في لحظة مصيرية.

فبعد 3 أشهر من مشاركة الولايات المتحدة في استهداف منشآت إيران النووية إبان الحرب إسرائيلية التي شنتها في يونيو/حزيران الماضي واستمرت 12 يوما، كشفت ردود الفعل المتباينة داخل المشهد السياسي الإيراني عن عمق الانقسام حيال المسار الدبلوماسي الرامي لتجنيب طهران حربا ثانية قد تنخرط فيها قوى غربية أخرى.

ومع مغادرة بزشكيان الجمهورية الإسلامية متوجها إلى نيويورك، ظهر للعلن السجال بين الأوساط السياسية في طهران، حيث أصوات من التيار الإصلاحي مطالبة باستغلال فرصة نيويورك لحلحلة القضايا الشائكة بين طهران والعواصم الغربية تتقاطع مع دعوات التيار المحافظ إلى استخدام المنصة الدولية لإعلان مواقف إيران الصلبة ضد السياسات الغربية.

وفي حين يرى مراقبون سياسيون الجدل السياسي المتواصل في طهران نتيجة لافتقار إيران إلى إستراتيجية موحدة للتعامل مع الغرب عامة وواشنطن على وجه الخصوص، يذهب طيف آخر إلى أن الإشكالية الأساسية التي عرضت البلاد لعدوان أجنبي تتمثل في غياب حوار داخلي حقيقي يفضي إلى توافق وطني لرسم سياسة البلاد الخارجية.

مصدر الصورة صورة جوية تظهر الأضرار التي لحقت بمنشأة أصفهان النووية وسط إيران بعد الضربات الأميركية في يونيو/حزيران الماضي (الفرنسية)

مطالب الشارع

وللوقوف على آراء المجتمع الإيراني عن الجدل الدائر لدى الأوساط السياسية بشأن الزيارة، قامت الجزيرة نت بجولة بالعاصمة طهران.

يطالب الشاب علي رضا (28 عاما)، وهو طالب اقتصاد بجامعة العلامة الطباطبائي، الرئيس بحمل غصن الزيتون في يده وبندقية في يده الأخرى، وأن يسعى للسلام أولا وفقا لإرادة الشعب الإيراني رغم ما يمتلك من أدوات القوة الخشنة.

إعلان

وفي حديثه للجزيرة نت، يضيف رضا أنه -كونه طالب اقتصاد- يرى أن الأخبار اليومية عن نزاعات محتملة تثقل كاهل الأسواق وتزيد من حالة عدم اليقين؛ ذلك لأن الحرب تدمر البنى التحتية وتستهلك الموارد التي يمكن استثمارها في التنمية، بينما السلام يوفر بيئة مستقرة لجذب الاستثمارات وتحقيق نمو مستدام، والفارق بين السيناريوهين هو توفر الإرادة لحلحة القضايا الشائكة بين الأطراف المتنازعة من عدمه.

أما المدرسة فاطمة (38 عاما)، فتقول إن أولوياتها -بوصفها أمًا قبل أن تكون موظفة- بسيطة جدا: "أن أستطيع توفير الأدوية لابنتي المريضة داخل البلاد وبأسعار معقولة، وألا تتسبب الخلافات السياسية بين الدول بمزيد من الأسى للأبرياء".

وعبرت -في حديثها للجزيرة نت- عن أملها أن "تُفضي هذه الزيارة إلى تخفيف حقيقي للضغوط الاقتصادية التي نعيشها يوميا".

من جانبه، يعتقد الحاج محمد (73 عاما) أن عودة العقوبات الأممية المزمعة خلال الأيام القليلة المقبلة "تشكل عقبة خطيرة جدا للأمن الوطني"، وطالب الرئيس بزشكيان بالعمل على "تحييدها لمنع الأعداء من تشكيل جبهة دولية ضد إيران"، معتبرا جهود طهران الدبلوماسية المتمثلة في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة مع كل من واشنطن والعواصم الأوروبية خطوة في الاتجاه الصحيح.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتبر الحاج محمد ردود الفعل النقدية من بعض الأوساط الداخلية المعادية للدبلوماسية دلالة على نجاح نسبي لإستراتيجية حكومة بزشكيان.

وقال إن الحل الجذري لما تعانيه بلاده يكمن في المفاوضات المباشرة مع واشنطن، معربا عن اعتقاده بأن إيران تمتلك أوراق ضغط إقليمية يمكن استخدامها في مفاوضات شاملة مع الغرب.

مطالب جدلية

لكن في الأوساط السياسية ووسائل الإعلام تتحول مطالب النخبة الإيرانية إلى موضوع جدلي، حيث يعتقد المحافظون بأن التيار الإصلاحي المنافس يمارس ضغوطا لوضع أجندته على سلم أولويات الرئيس بزشكيان خلال زيارته إلى نيويورك، لا سيما بشأن مباحثاته ولقاءاته مع نظرائه الغربيين.

وتعمدت بعض الصحف الإصلاحية وضع صورة بزشكيان ونظيره الأميركي دونالد ترامب إلى جانب بعضهما بعضا في صفحتها الأولى، وأخرى اختارت عنوان "الفرصة الأخيرة" لحض الرئيس على تبني أجندة تفاوضية محددة.

وفي الوقت الذي يقرأ فيه المحافظون التوجه الإعلامي لدى المعسكر الإصلاحي بأنه محاولة لخلق دعاية ضاغطة لدعم مسار التقارب مع العواصم الغربية -وعلى رأسها واشنطن- في لحظة حاسمة من العلاقات الدولية، طالب 71 نائبا من التيار المحافظ بإعادة النظر في العقيدة الدفاعية النووية للبلاد، مُبررين ذلك بعجز المجتمع الدولي عن كبح جماح كيان الاحتلال الذي تجاوز كل الخطوط الحمر.

وأشار النواب -في رسالة إلى رؤساء السلطات الثلاث وعلى رأسهم بزشكيان- إلى أن فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تحرم تصنيع السلاح النووي كانت قد صدرت في ظروف مختلفة، مؤكدين أن تغير الظروف والمصلحة العليا للنظام تتيح مراجعة الحكم، ولفتوا إلى التمييز بين حرمة الاستخدام وجواز امتلاك التقنية لتكون وسيلة ردع.

مصدر الصورة مراسم توديع بزشكيان قبل مغادرته إلى نيويورك (الرئاسة الإيرانية)

فرصة أخيرة

في غضون ذلك، يعتقد علي بيكدلي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الشهيد بهشتي أن بعض مواقف التيارات السياسية تبدو موجهة للاستهلاك المحلي بهدف تهدئة الأجواء.

إعلان

وقال بيكدلي -للجزيرة نت- إن مشاركة الرئيس بزشكيان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تمثل "الفرصة الأخيرة للدبلوماسية ويجب أن تحمل رسائل جديدة قادرة على كسر الجمود في الملف النووي، وإلا فقد تفقد الزيارة جدواها، لأن استمرار الوضع الراهن ينطوي على مخاطر جسيمة وقد يفضي إلى تصعيد غير محسوب".

ويرى أن إهمال الاستجابة لمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد يؤدي إلى نقل الملف النووي إلى مجلس الأمن ويعيد البلاد إلى " الفصل السابع " من ميثاق الأمم المتحدة، مما سيفتح الباب لعقوبات دولية شاملة حتى من قبل الحلفاء التقليديين مثل روسيا والصين، معتبرا التعاون مع الأوساط الأممية والدولية أمرا لا بد منه لتفادي عواقب لا تحمد عقباها.

وخلص الأكاديمي إلى أن الإيرانيين يعقدون الأمل على قدرة الرئيس على عقد لقاءات فعالة مع نظرائه الأوروبيين، والإعلان عن استعداد طهران لقبول خطة عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشددا على "ضرورة تبني طهران خطابا دبلوماسيا واقعيا يتجاوز حدود التمني ليتمكن من مواجهة معطيات الميدان الصعبة".

عقدة الصلاحيات

من جانبه، يرى أستاذ العلاقات الدولية المتخصص بالملف النووي الإيراني، محسن جليلوند، أن تصاعد المطالب قبيل زيارة الرئيس إلى نيويورك "أمر طبيعي في ظل الظروف الدولية المعقدة التي تمر بها البلاد والمنطقة"، مشككا في قدرة هذه الزيارة على تحقيق اختراقات حقيقية، بسبب عدم تمتع الرئيس بصلاحيات كافية تتجاوز الإطار البروتوكولي التقليدي.

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد جليلوند أن الدبلوماسية الإيرانية تواجه اختبارا صعبا في المرحلة الراهنة، حيث تنتظر الدول الأوروبية -مع اقتراب موعد تفعيل آلية الزناد – خطوات عملية من طهران وليس مجرد خطاب تفاوضي.

وختم بالقول إنه لا يمكن لزيارة لا تستمر سوى أيام معدودة جدا أن تصلح ما أفسدته عقود من الخلاف النابعة من رؤية إستراتيجية متجذرة، مما يجعل أي حل تفاوضي جزئي غير قادر على معالجة الجذور الحقيقية للصراع بين طهران وواشنطن.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا