في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في تحليل نقدي نشرته مجلة فورين بوليسي، وصف الكاتب ستيفن كوك المبادرات والسياسات الأميركية المعاصرة في الشرق الأوسط بأنها نتاج أوهام واستطرادات سياسية بعيدة عن الواقع.
وعلى الرغم من الإخفاقات خلال العقود الماضية، كما يقول الكاتب، فلا يزال صانعو السياسات في الولايات المتحدة يواصلون السعي وراء أهداف في الشرق الأوسط تتجاهل الحقائق على الأرض.
وأضاف الباحث في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، أن نهج واشنطن ما يزال يستند إلى رؤى عفا عليها الزمن وفشلت مرارا في تحقيق السلام أو الاستقرار، ومع ذلك ما انفكت "الأوهام" مستمرة.
نهج واشنطن ما يزال يستند إلى رؤى عفا عليها الزمن وفشلت مرارا في تحقيق السلام أو الاستقرار، ومع ذلك ما زالت "الأوهام" مستمرة
ولعل أوضح مثال على ذلك -من وجهة نظره- هو المسعى الأخير الذي قاده النائب رو خانا بدعم من 26 عضوا ديمقراطيا في الكونغرس، لدفع الولايات المتحدة نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.
ووفق التحليل، فإن خانا يعتقد أن مثل هذا الاعتراف يمكن أن ينعش حل الدولتين ويقدم بديلا عن حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ).
لكن كوك يشير إلى أنه بعيدا عن الجانب الأخلاقي، فإن رؤية خانا هذه تكاد تتطابق مع ما طرحه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن قبل عقدين، والذي يرتكز على مبدأ قيام دولتين ديمقراطيتين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام.
وفي تقدير الكاتب أن خانا يواجه صعوبة في شرح كيف يمكن للاعتراف وحده أن يحلّ الانقسامات العميقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لا سيما بعد هجمات الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، والحرب المدمرة في غزة.
فهذه الأحداث -بحسب كوك- جعلت تحقيق حل الدولتين أقل واقعية من أي وقت مضى.
ويعكس استشهاد خانا المتكرر بقادة إسرائيليين راحلين مثل يتسحاق رابين وشمعون بيريز وإيهود باراك -برأي كوك- نزعة أميركية دائمة التعلق بالآمال بدلا من مواجهة الحقائق السياسية على الأرض.
على أن الأوهام لا تقتصر على الديمقراطيين وحدهم، كما ورد في المقال التحليلي الذي يؤكد كاتبه أن إدارة الرئيس دونالد ترامب وقعت في فخ مشابه في لبنان مدفوعة بأهدافها الطموحة الخاصة، وأبرزها نزع سلاح حزب الله .
وطبقا للمقال التحليلي، فإن المعضلة تكمن في أن حزب الله -الذي يجمع بين الدور العسكري والسياسي- يستمد شرعيته داخل المجتمع الشيعي من سلاحه في ظل نظام لبناني يقوم على المحاصصة الطائفية.
وأشار كوك إلى أن مسؤولين أميركيين -من بينهم توماس براك سفير الولايات المتحدة لدى تركيا ومبعوث ترامب إلى بيروت- ظلوا يروّجون لخطة من 4 مراحل تقضي بأن يتولى الجيش اللبناني تفكيك البنية العسكرية لحزب الله.
وقد وصف حزب الله بالفعل خطة الجيش بأنها "خضوع للأميركيين"، وأصرّ على لزوم انسحاب إسرائيل أولا من مواقعها الحدودية.
لكن كوك يحذّر من أن الجهود الأميركية تقلل من خطورة القضية، "فحزب الله ما زال مسلحا، ومعبأ أيديولوجيا، ومدعوما من إيران ".
وأردف قائلا إن أسلحة الحزب تشكل ركيزة أساسية في بسط نفوذه داخل المجتمع الشيعي اللبناني، الذي يرى منذ زمن بعيد في الحزب مصدرا للقوة ضمن النظام الطائفي في البلاد.
أهداف إقامة دولة فلسطينية ونزع سلاح الجماعات المسلحة، رغم "نبلها"، تظل غير واقعية، وعندما تتناقض السياسات مع الواقع تكون النتيجة هي الفشل
وفي اعتقاد الكاتب أن الوضع شبيه بوضع حركة حماس، التي لن تتخلى -في تقديره- عن سلاحها إلا بالإكراه، وهو ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه حتى الآن.
ويخلص كوك إلى أن أهداف إقامة دولة فلسطينية ونزع سلاح الجماعات المسلحة، رغم "نبلها"، تظل غير واقعية.
وعندما تتناقض السياسات مع الواقع، يقول الكاتب، تكون النتيجة الفشل، مشيرا إلى أن السجل الأميركي طوال العقود الـ3 الماضية خير دليل على ذلك.