مصادر تؤكد انسحاب القوات الأمريكية من قاعدة عين الأسد في العراق على دفعات كبيرة.. ما التفاصيل؟ pic.twitter.com/6Z77ifyD16
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 27, 2025
بغداد- تشهد الساحة العراقية تطورات عسكرية هامة، يأتي في مقدمتها قرار إعادة تموضع القوات الأميركية في البلاد. وتُعد هذه الخطوة جزءًا من إستراتيجية أوسع للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ، والتي تهدف إلى تعديل انتشار القوات بما يتناسب مع التطورات الأمنية على الأرض.
ويأتي إخلاء قاعدة عين الأسد الجوية، الواقعة غربي الأنبار ، وبعض المقرات في بغداد كخطوة رئيسية ضمن هذا التموضع، حيث تعكس الانتقال من مرحلة القتال المباشر إلى ما تسمى مرحلة تقديم الدعم اللوجستي والاستشارات للقوات الأمنية العراقية.
وأشارت مصادر أمنية إلى وجود تحركات لإعادة تموضع للقوات الأميركية وإخلاء تكتيكي لبعض المقرات، وتم رصد تفكيك بعض نقاط المراقبة والمقار الإدارية، أو المستودعات التي كانت تستخدمها تلك القوات، كما تم رصد قوافل من الشاحنات والناقلات التي تحمل معدات ومستلزمات عسكرية تتحرك بين القواعد، وتحديدا من عين الأسد في الأنبار وقاعدة في بغداد، باتجاه إقليم كردستان وسوريا.
وأشارت المصادر ذاتها إلى هبوط طائرات شحن عسكرية عدة مرات خلال الأيام الأخيرة في عين الأسد، وأقلعت منها حاملة للمعدات العسكرية الثقيلة والمركبات، كما أن عدد العسكريين قد بدأ في الانخفاض بشكل ملحوظ.
يقول المستشار العسكري صفاء الأعسم أن ما يجري حاليا هو "عملية إعادة تموضع" للقوات إلى مواقع بديلة باستثناء نقل نحو 600 مقاتل من القوات البرية الأميركية إلى الأراضي السورية.
وقال الأعسم -للجزيرة نت- إن هذه الخطوة تندرج ضمن الإجراء التكتيكي العملياتي المدروس من قبل القوات الأميركية، مرجحا أن يكون ذلك تحسبا لأية تطورات إقليمية محتملة، لا سيما في ظل التوتر القائم بين إسرائيل وإيران.
وشدد المستشار العسكري على أن هذه التحركات لا تمثل انسحابا من العراق، بل خطة لإعادة الانتشار.
وتوقع الأعسم أن يتم إنهاء وجود قوات التحالف بالكامل في العراق بحلول عام 2026، وذلك بناء على الاتفاقيات المبرمة، مشيرا إلى أن هذا الانسحاب لن ينهي الشراكة، بل سيتيح للعراق بناء علاقات ثنائية قوية مع واشنطن ودول التحالف بشكل مستقل، وهو ما بدأت بغداد بالفعل في تنفيذه.
وفيما يتعلق بأمن الحدود، أكد الأعسم أن الحدود العراقية مؤمّنة بشكل محكم، وأن التأمين يتم عبر 3 خطوط دفاعية، تضم قوات الحشد الشعبي، والشرطة الاتحادية، وجهاز مكافحة الإرهاب، بالإضافة لأنظمة مراقبة متطورة تشمل المُسيرات والكاميرات الحرارية، مما يجعل أي اختراق محتمل صعبًا للغاية.
يقرّ الأعسم بأن العراق لا يزال يفتقر إلى بعض القدرات الحيوية، أبرزها منظومات الدفاع الجوي والطائرات الحديثة لحماية أجوائه، لكنه أكد أن بلاده بدأت بالفعل في التحرك لتعويض هذا النقص عبر استيراد طائرات رافال وكاراكال ورادارات من كوريا الجنوبية.
وأكد أن خطر تنظيم الدولة لا يزال قائما، لكنه أعرب عن ثقته التامة بقدرة المؤسسة العسكرية العراقية على منع التنظيم من العودة إلى سابق عهده.
وأكد الدكتور عماد علو رئيس "مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والإستراتيجية" أن عدد قوات التحالف الدولي في العراق بلغ خلال الفترة السابقة حوالي 6100 مقاتل ومستشار ومدرب، من بينهم نحو 2500 عنصر من الجنسية الأميركية.
وأشار -في حديث للجزيرة نت- لوجود تحركات فعلية جارية لإعادة تموضع هذه القوات، وتتضمن انسحاب بعض العناصر إلى قواعد في سوريا والكويت، ويتم نقل البعض الآخر إلى قاعدة الحرير في إقليم كردستان ، حيث تم الانسحاب من قاعدتي "عين الأسد" في الأنبار و"فيكتوريا" في بغداد كجزء من هذه العملية.
وتوقع المتحدث ذاته أن يتم تقليص عدد القوات المتبقية في العراق بحلول نهاية سبتمبر/أيلول من العام المقبل إلى ما بين 500 و600 عنصر من التحالف الدولي، والذين سيقومون بمهام استشارية وتدريبية فقط.
كما توقع أن يصدر التحالف الدولي بيانا رسميا بنهاية سبتمبر/ أيلول الحالي لتوضيح آخر التطورات المتعلقة بتحركات قواته ضمن عملية "العزم الصلب" (الاسم العسكري للتدخل العسكري الأميركي ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، والتي أطلقتها الولايات المتحدة عام 2014).
ولفت علو إلى أن القوات البرية العراقية تمتلك القدرة البشرية على ملء الفراغ الذي سيتركه انسحاب قوات التحالف. ومع ذلك، شدد على حاجة العراق الماسة إلى دعم جوي واستخباري من قبل التحالف، حيث لا تزال الأجهزة الاستخبارية تفتقر إلى الأنظمة الجوية المتقدمة للمراقبة.
وأشار رئيس "مركز الاعتماد للدراسات الأمنية والإستراتيجية" إلى وجود انقسام بين القوى السياسية العراقية:
وحذّر علو من أن انسحاب قوات التحالف قد يرفع الغطاء الأمني عن العراق، مما يجعله أكثر عرضة للتهديدات الإقليمية، مثل الوجود العسكري التركي في الشمال، أو اختراقات الحدود من قبل تنظيمات إرهابية. كما أن هذا الانسحاب قد يغري خلايا تنظيم الدولة النائمة بالعودة إلى النشاط في الساحة العراقية، حسب رأيه.
وعرض علو 3 سيناريوهات محتملة للانسحاب:
وأكد علو أن هذه السيناريوهات المحتملة قد تزيد من حدة التنافر والصراع داخل دائرة صنع القرار العراقي، مما قد يؤدي إلى توترات مجتمعية وأمنية.
من جهته، أكد السياسي العراقي المستقل عائد الهلالي أن وجود القوات الأميركية في البلاد لن ينتهي بشكل كامل، بل سيتحول إلى شراكة جديدة تدعم هذا التحول.
وقال الهلالي للجزيرة نت إن انسحاب قوات قتالية سيرافقه بقاء المدربين والخبراء، بالإضافة إلى الحضور الدبلوماسي الكبير للسفارة الأميركية في بغداد.
وأوضح أن هذا التطور يحمل رسالتين رئيسيتين:
وتأتي خطوة إعادة التموضع وخروج بعض القوات الأجنبية عقب اتفاق سابق بين بغداد و واشنطن نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، بهدف تحديد موعد رسمي لإنهاء مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في البلاد، على ألا يتجاوز نهاية سبتمبر/أيلول الجاري.
وأكد الهلالي أن الحكومة تعمل على إبعاد العراق عن الصراعات الإقليمية لتجنب تداعياتها السلبية، وترسيخ دور بغداد كلاعب محوري وعامل تهدئة في المنطقة .