في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
الرباط- شارك مئات المغاربة، أمس الجمعة، في اعتصام شعبي بالرباط دعت إليه مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين في الساحة المقابلة لمبنى البرلمان تحت شعار "من إحراق الأقصى إلى محرقة غزة.. رباط ومقاومة".
وقالت المجموعة إن هذا التحرك الذي استمر من السابعة مساء إلى منتصف الليل، يأتي تنديدا باستمرار حرب الإبادة الجماعية والتجويع في غزة ، ويتزامن مع الذكرى 56 لجريمة إحراق المسجد الأقصى في 21 أغسطس/آب 1969.
وشارك في الاعتصام سياسيون ونقابيون وحقوقيون ومواطنون، ورفعوا شعارات تدعو إلى إنهاء الحرب في غزة وإلى استمرار مقاطعة البضائع التي تدعم الاحتلال وتطالب بإسقاط التطبيع. وحملوا أعلام فلسطين والمغرب وصور قبة الصخرة والمسجد الأقصى، ولافتات تدعو لوحدة الأمة وتدعم المقاومة حتى التحرير.
وقدّم أطفال جمعية الرسالة عروضا تعبيرية تجسد الوضع الإنساني في غزة والقتل الذي طال كل فئات المجتمع، وتدعو إلى مقاطعة المنتجات التي أظهرت دعمها لإسرائيل، في حين تم تخصيص ركن للأطفال يلونون فيه معالم فلسطينية. كما تم تقديم عروض غنائية وشعرية، وألقيت كلمات لممثلي النقابات والهيئات الدعوية والحقوقية، وكلمات عبر الفيديو لأسرى فلسطينيين محررين وغيرهم.
وقال الرئيس السابق ل لاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني إن القضية الفلسطينية لم تعد بحاجة إلى شرح أو تعريف أو إقناع. وأكد في كلمته أمام المعتصمين أن "الجرائم والوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والنزعة الاستيطانية والاستئصالية التي تتطلع إلى عدد من مناطق الدول العربية، كما صرح بذلك زعيم المجرمين"، أظهرت حقيقة الصراع.
ودعا الريسوني كل مسلم إلى التفكير فيما يمكنه فعله وما يستطيع تقديمه لنصرة الفلسطينيين، وعدد أشكالا مختلفة من الدعم مثل الاعتصامات والكلمات والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي وجمع الأموال، مشددا على ضرورة ابتكار وسائل وأساليب للعمل ونصرة فلسطين .
وأكد ضرورة العمل على نشر الوعي في الأمة الإسلامية، معتبرا ذلك جزءا من خدمة القضية الفلسطينية، كما أبرز أهمية إنفاق الأموال والجهود والأوقات من أجل غزة، وقال "لن نندم على شيء قدمناه في سبيل الله وإنما سنندم على ما لم نقدمه وهو بأيدينا".
وألقى الأسيران الفلسطينيان المحرران نائل البرغوثي و رمضان مشاهرة كلمات مصورة للمعتصمين، أكدا فيها أن صوت الفلسطينيين والمغاربة واحد وأيديهم موحدة من أجل تحرير المسجد الأقصى والقدس. واعتبرا أن الخطر لا يعترض غزة وحدها إنما كل الأمة الإسلامية، داعين إلى الانتقال من دائرة الأقوال إلى الأفعال وكسر قيود العجز.
من جانبه، أوضح رئيس حركة التوحيد والإصلاح أوس الرمال أن الاعتصام الشعبي جمع مغاربة على اختلاف أطيافهم وتوجهاتهم من إسلاميين ويساريين.
وأضاف للجزيرة نت أنه سيتبعه اعتصامات في عدة مدن وأشكال أخرى من التضامن مع الشعب الفلسطيني في رسالة واضحة "بأننا أحفاد أولئك المغاربة الذين شدوا الرحال إلى القدس وجاهدوا وحرروها مع القائد صلاح الدين الأيوبي ، حتى خُصص لهم حي كامل سُمّي بحارة المغاربة".
وتابع الرمال أن "المغاربة اليوم وإن لم يستطيعوا حمل السلاح كما فعل أسلافهم، فإنهم يواصلون دعمهم لفلسطين عبر الاعتصامات والوقفات والمسيرات التي تشهدها مختلف مدن البلاد، وسنظل على هذا النهج حتى نفرح بتحرير فلسطين وإعادة إعمار غزة بشكل أفضل مما كانت عليه".
من جهته، أكد الحقوقي وعضو سكرتارية مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين محمد الزهاري أن هذا الاعتصام مناسبة لتجديد التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة و الضفة الغربية . وأضاف للجزيرة نت أنه محطة للتنديد بما يجري في القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 من "جرائم حرب وإبادة ممنهجة استهدفت الشيوخ والأطفال والنساء، والمدارس والمستشفيات والطرق والمنازل".
وأشار الزهاري إلى أن ما يحدث "يستدعي الاستنكار من كل مكونات الشعب المغربي، ومن مختلف الشعوب في العالمين العربي والإسلامي، بل ومن الإنسانية جمعاء"، وأن هذا التحرك هو أيضا "إحياء لذكرى أليمة تتمثل في جريمة حرق المسجد الأقصى، عندما أقدم صهيوني من أصول أسترالية على إشعال النيران التي أتت على العديد من معالمه التاريخية".
وأكد أن استحضار هذه الذاكرة هو من أجل "التصدي لكل المحاولات التي ينهجها الاحتلال الصهيوني لطمس هوية الأراضي الفلسطينية واجتثاث صلتها بتاريخها الإسلامي".
من ناحيته، قال نائب الأمين العام ل حزب العدالة والتنمية والوزير السابق إدريس الأزمي الإدريسي إن الحراك المغربي لم يتوقف منذ " طوفان الأقصى المبارك"، مؤكدا للجزيرة نت أن الشعب المغربي ظل -كما كان دائما- وفيا للقضية الفلسطينية، بل إنه اليوم أكثر تمسكا بها بالنظر إلى حجم المآسي والانتهاكات التي يرتكبها "الكيان الصهيوني".
وأضاف الإدريسي أن هذا الاعتصام يتزامن مع ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك، مبرزا أن استحضارها يفرض تذكير الحكام والدول والعالم أجمع بأن الذي يُحرَق اليوم هو الشعب الفلسطيني من أطفال ونساء وشيوخ، مشددا على أن "حرمة دم المسلم أعظم عند الله من أي مكان مقدس".
وأوضح أن التاريخ شاهد على أن إحراق المسجد الأقصى دفع قادة وملوك ورؤساء الدول الإسلامية إلى الاجتماع في الرباط للإعلان عن تأسيس منظمة التعاون الإسلامي لمواجهة الاحتلال "الصهيوني"، متسائلا "إذا كان أسلاف القادة اجتمعوا آنذاك، فماذا ينتظر حكامنا اليوم أمام الإحراق اليومي والتجويع الممنهج الذي يتعرض له إخواننا في غزة؟".
وأكد أن ما يجري اليوم على الأرض لا يقل خطورة عن تلك الجريمة التاريخية، إذ "يقف الفلسطينيون على طوابير موت ترعاها هيئات أميركية صهيونية جاءت لتقتل بدل أن تقدم المساعدات الغذائية".
عرض تعبيري قدمه أطفال جمعية الرسالة في الاعتصام (الجزيرة)بدوره، اعتبر القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد العالي حامي الدين أنه "لم يعد مقبولا اليوم أن نقف صامتين أمام ما يجري في غزة من إبادة جماعية، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل ودمار واستهداف للإنسان وللبنية التحتية".
وأكد للجزيرة نت أن عملية التجويع الممنهجة التي تمارسها إسرائيل ضد أكثر من مليوني إنسان في القطاع لم يسبق أن عرفتها الحروب في التاريخ الحديث، وأن استعمال التجويع كسلاح جاء بعدما فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة، وفي استرجاع أسراها بالقوة، وفي القضاء على المقاومة وتركيع الشعب الفلسطيني.
ودعا حامي الدين المغاربة إلى الاستمرار في مساندة الفلسطينيين في غزة مثل كل أحرار العالم الذين يخرجون في الساحات وفي كبريات العواصم الدولية رفضا للعدوان، مضيفا أن على الشعب المغربي أن يكون بجانب كل من له اقتناع بمبادئ حقوق الإنسان والكرامة والإنسانية وكل من يؤمن بحق الشعب الفلسطيني في استرجاع أراضيه المحتلة.