في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في تصعيد ميداني جديد، شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية عنيفة على مواقع جنوب لبنان، استهدفت مناطق في النبطية وكفر تبنيت، وسط تحذيرات من تل أبيب بأن أي تحرّك لحزب الله لإعادة بناء مواقعه سيُقابل برد مباشر.
الرد الإسرائيلي جاء بعد تصريحات لافتة للأمين العام المساعد لحزب الله، نعيم قاسم، لوّح فيها باستعداد الحزب للقتال في حال قررت الدولة اللبنانية "إخراج القوات الإسرائيلية بالقوة من الأراضي المحتلة"، في إشارة إلى المناطق الحدودية المتنازع عليها.
وفي خطاب بمناسبة وقف إطلاق النار الإيراني الإسرائيلي، اعتبر قاسم أن الحرب الأخيرة سقطت فيها أهداف إسرائيل الثلاثة، وهي: "تدمير البرنامج النووي الإيراني، القضاء على المنظومة الصاروخية، إسقاط النظام في طهران".
وقال قاسم إن ما جرى هو "انتصار سياسي وعسكري لإيران"، وإن حزب الله "لن يخضع للإملاءات"، مشيراً إلى "جاهزية الحزب للمواجهة على الحدود في حال قررت الدولة اللبنانية ذلك".
التصعيد في الجنوب رسالة سياسية
في مداخلة مع "ستوديو وان مع فضيلة" على سكاي نيوز عربية، قال الكاتب والباحث السياسي اللبناني رضوان عقيل إن الغارات الإسرائيلية على الجنوب تحمل طابعاً "سياسيا أكثر منه عسكريا"، مشيراً إلى أن إسرائيل تريد الضغط على الدولة اللبنانية لتحمّل مسؤولية سلاح حزب الله.
وأضاف عقيل: "الرسائل الميدانية تهدف لإبقاء الضغط، لكن تصريحات نعيم قاسم تعكس رغبة الحزب في تأكيد الجاهزية أمام بيئته، دون الذهاب إلى مواجهة مباشرة في هذا التوقيت".
وأكد أن الجيش اللبناني والحكومة "لن يلتقيا مع موقف حزب الله، إلا في حال حصل احتلال إسرائيلي واسع جديد"، مثل التقدم إلى نهر الليطاني.
الغموض السياسي... وسلاح الحزب على الطاولة
حول تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بأن "إيران ليست لبنان"، اعتبر عقيل أن التصريح "خلّف عاصفة سياسية في الداخل اللبناني"، وأن "الكثير من المتحالفين مع حزب الله لم يتلقوه بارتياح".
وأشار إلى أن حلّ ملف سلاح حزب الله ما زال معقّداً، لكنه يصبح "أكثر قابلية للنقاش إذا انسحبت إسرائيل من كامل النقاط الحدودية المحتلة وتم تثبيت وقف إطلاق النار".
معاهدة سلام؟ لبنان ليس سوريا
ردًا على تقارير إسرائيلية عن إمكانية ضمّ لبنان لموجة التطبيع، قال عقيل: "الوضع في لبنان يختلف عن سوريا... لا بيئة سياسية ولا شعبية قادرة على الذهاب إلى معاهدة سلام، لا في المدى القريب ولا المتوسط".
ورأى أن أفضل ما يمكن تحقيقه في المرحلة الحالية هو العودة إلى اتفاقية الهدنة لعام 1949، مع حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، مضيفًا أن ذلك "يتطلب انسحابًا إسرائيليا شاملا أولا".
التصعيد الأخير في الجنوب اللبناني ليس مجرد حادثة ميدانية عابرة، بل مؤشر على هشاشة الوضع القائم. فبين رسائل إسرائيلية واضحة بأن الرد سيكون سريعًا، وتصريحات حزب الله التي تستعرض الجهوزية للقتال، تبقى الدولة اللبنانية رهينة قرارين لا تملكهُما: قرار السلم من جهة، وقرار الحرب من جهة أخرى.
ومع تمسك كل طرف بمواقفه، وتضاؤل فرص التوافق الداخلي، سيبقى لبنان يدور في حلقة مفرغة من التوترات، مؤجلًا الاستحقاقات الكبرى، ومعلّقًا بين "الهدنة غير المعلنة" والانفجار المحتمل. والجنوب، كالعادة، سيكون أول من يدفع الثمن.