آخر الأخبار

لقاءات في الظل.. دمشق وتل أبيب على طاولة واحدة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

لقاءات في الظل.. دمشق وتل أبيب على طاولة واحدة

في مشهد لم تعهده منطقة الشرق الأوسط، كشفت تقارير إعلامية دولية عن لقاءات مباشرة بين مسؤولين سوريين وإسرائيليين، عقدت في أجواء من السرية الشديدة، تحت رعاية تركية وبوساطة أذربيجانية.

خطوة قد تفتح بابا كان موصدا منذ عقود بين دمشق و تل أبيب. ورغم صمت القيادة السورية، إلا أن هذا الحراك يعيد رسم معادلات طالما ظن أنها جامدة. فهل تلوح في الأفق تسوية محتملة أم أن الحديث عن "صفحة جديدة" لا يعدو كونه تكتيكا ظرفيا؟

لقاءات غير معلنة وتوقيت دقيق.. ماذا يجري؟

بحسب وكالة "رويترز"، فإن اللقاءات بين الجانبين السوري والإسرائيلي جرت بوجوه غير مألوفة، منها قائد الأمن في محافظة السويداء أحمد الدالاتي، في محاولة لاحتواء التصعيد على الحدود الجنوبية

وفي تقاطع مثير، أكد مصدر مطلع لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية أن لقاءات أخرى عقدت في العاصمة الأذربيجانية، بوجود مسؤولين أتراك وإسرائيليين، ما يعكس وجود رغبة إقليمية لتبريد جبهة الجنوب السوري.

اللافت أن الحديث الإسرائيلي عن تلك المحادثات جاء متزامنا مع تصريحات أكثر ليونة من تل أبيب، إذ أبدى وزير الخارجية جدعون ساعر استعداد بلاده لفتح قنوات اتصال مع دمشق، في خطاب أقل حدة من المعتاد، يربط بين الاستقرار الأمني والانفتاح السياسي، وهي لهجة نادرة في العلاقات السورية الإسرائيلية.

إسرائيل لا تسعى إلى سلام بل إلى استسلام

يرى الخبير العسكري والسياسي عبد الجبار العكيدي في حديثه لبرنامج "التاسعة" عبر سكاي نيوز عربية أن إسرائيل تستغل الهشاشة السورية لتوسيع نفوذها الجغرافي والسياسي.

ففي تصريحاته، شدد العكيدي على أن "القيادة السورية لم تعلن صراحة عن محادثات مباشرة، وكل ما يقال في هذا الإطار يبقى في خانة التسريبات الإعلامية". لكنه لم ينكر وجود قنوات دبلوماسية غير معلنة، تسعى لوقف الانتهاكات الإسرائيلية التي تصاعدت بعد انهيار الجيش السوري.

وأوضح أن "إسرائيل تسعى إلى فرض معادلة استسلام بالقوة، وليس إلى سلام يعيد الحقوق"، محذرا من أن إسرائيل ترى في المرحلة الانتقالية السورية فرصة لتثبيت وقائع ميدانية في الجولان و جبل الشيخ، بل وتمددها العسكري في الجنوب السوري يعكس طموحا استراتيجيا طويل الأمد.

وأكد العكيدي أن الجيش السوري فقد أكثر من 80% من بنيته القتالية، وأن إسرائيل تعي تماما ضعف الداخل السوري في ظل غياب الدولة المركزية عقب سقوط نظام الأسد. وهذا ما يجعل دمشق في موقع تفاوضي هش، غير قادر على فرض شروط أو حتى حماية السيادة بشكل فعلي، بحسب تعبيره.

وفي سابقة سياسية، كشف تقرير لـ"رويترز" عن موافقة الرئيس السوري أحمد الشرع على تسليم متعلقات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين إلى تل أبيب، في إشارة واضحة إلى رغبة دمشق في خفض التوتر مع إسرائيل، وإرسال رسالة "حسن نية" للبيت الأبيض. العكيدي لم يغفل عن هذا التطور، مشيرا إلى أن "دمشق تريد فتح صفحة جديدة مع العالم".

ويشدد العكيدي على أن دمشق "لا يمكن أن تنزلق إلى تفاهمات فردية مع إسرائيل"، معتبرا أن أي تسوية قادمة يجب أن تكون جزءا من المبادرة العربية للسلام. ويضيف: " سوريا لا تفكر في حل مشكلتها على حساب الفلسطينيين، ولن تقبل بسلام يفرض من خارج الإجماع العربي".

ويؤكد أن أولويات القيادة السورية في المرحلة الراهنة تنحصر في "استعادة الأمن، بناء مؤسسات الدولة، رفع العقوبات، وتأمين الحد الأدنى من الخدمات الأساسية بعد سنوات من الجوع والحرمان"، وبالتالي فإن أي مسعى نحو السلام يجب أن يكون مدفوعا بالحفاظ على السيادة، لا التنازل عنها.

التكتيك أم الاستراتيجية.. أي مسار ستسلكه دمشق؟

السؤال الأبرز الذي يفرض نفسه اليوم: هل تنخرط سوريا فعليا في مسار تطبيع تدريجي مع إسرائيل؟ أم أن هذه اللقاءات، كما يرى العكيدي، "مجرد أدوات مرحلية، تهدف إلى كبح التصعيد وضمان عدم انفجار الجبهة الجنوبية في وجه الدولة الناشئة من ركام الحرب؟"

العكيدي يرى أن إسرائيل تعي طبيعة المرحلة، وتستغلها لفرض وقائع جديدة، خاصة في ظل عودة سوريا التدريجية إلى الحاضنة العربية. "تل أبيب تدرك أن أي ترتيب إقليمي قادم سيشمل سوريا لا محالة، لذلك تسابق الوقت لتأطير حدود المصالح قبل أن يفرض عليها أي نوع من التوازن"، يقول العكيدي.

بين الحسابات السرية والخرائط القادمة

لقاءات الظل بين دمشق وتل أبيب تكشف أن الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة من الغموض السياسي، والتقاطعات الاستراتيجية. ما كان من المحرمات في العلن بات مقبولا ضمن غرف مغلقة ترسم معالم ما بعد الحرب. لكن تبقى هوية تلك المرحلة مرهونة بقدرة دمشق على إدارة التوازنات، وعدم السقوط في فخ التسويات المجتزأة التي قد تمنح شرعية لإسرائيل دون مقابل حقيقي.

كما قال العكيدي، فإن سوريا اليوم في لحظة إعادة تشكل، لكنها لا تزال تقاتل من أجل الحفاظ على ما تبقى من كرامة وطنية وسيادة تاريخية. وهنا، لا يكفي الحديث عن رغبة في السلام، بل عن ضمانات للعدالة، وتوازنات لا تنكسر على عتبة الضغط العسكري أو الاقتصادي.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا