آخر الأخبار

راشد الغنوشي من داخل سجنه: التهم ضدنا سياسية وملفقة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تونس- عشية صدور أحكام ابتدائية "قاسية" في حق المعتقلين السياسيين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة، وجّه رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رسالة من سجن المرناقية في الذكرى الثانية لاعتقاله، انتقد فيها ما اعتبره توظيف القضاء لتصفية المعارضين.

وأصدرت الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية في تونس، في ساعة متأخرة أمس الجمعة، أحكاما تتراوح بين 13 و66 عاما ضد المتهمين في هذه القضية، منهم مُوقفون وآخرون بحالة سراح أو فرار.

وتشمل القضية عشرات المعارضين السياسيين، بينهم رؤساء أحزاب كرئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، و زعيم جبهة الخلاص المعارضة نجيب الشابي ، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والناشط المعارض جوهر مبارك وغيرهم.

ووجهت لهؤلاء المساجين المعتقلين منذ أكثر من عامين تهما "ثقيلة" بالتآمر على أمن الدولة والتخابر مع جهات أجنبية وداخلية للإطاحة بالرئيس قيس سعيد وتكوين مجموعة إرهابية، وحوكموا بمحاكمة عن بعد مثيرة للجدل، وفقا لقانون الإرهاب الصارم والمجلة الجزائية.

من الزنزانة

واستبق الغنوشي، بساعات قليلة، قبل صدور تلك الأحكام التي توقعها المحامون وعائلات المعتقلين، ونشر رسالته في خضم الجلسة الثالثة للمحاكمة التي شهدت منعا أمنيا للصحفيين وعائلات المعتقلين مما دفعهم للاحتجاج أمام المحكمة.

إعلان

ورفضت المحكمة طلبات المحامين المتعلقة بإحضار المتهمين لاستنطاقهم أو تأخير النظر في المحاكمة إلى حين البت في طعون قدمها 3 متهمين لمحكمة التعقيب، ووسط احتجاج المحامين رفعت المحكمة الجلسة دون استنطاق أو قراءة التهم على المتهمين للنظر في إصدار أحكامها.

واعتبرت هيئة الدفاع وأهالي المعتقلين ومراقبون أن إصدار الأحكام الصادرة بشكل سريع يدّل على أن سعي السلطة لغلق هذا الملف كان جاهزا منذ البداية، وأن المحاكمة ليست سوى فضيحة قضائية "ووصمة عار ضد الرئيس سعيد".

وفي رسالته المطولة، اعتبر الغنوشي (83 عاما) أن التهم الموجهة إليه، "ليست إلا محاولة لإسكات صوته"، وقال إنها "تهم سياسية ملفقة وخالية من أي أدلة مادية ملموسة".

واسترجع لحظة اقتحام منزله في 17 أبريل/نيسان 2023، واعتقاله دون سابق إنذار، معتبرا أنها كانت فارقة بمسيرة التضييق على الحريات، ومثَّلت مرحلة كئيبة لدى أنصاره بينما أشاد أنصار الرئيس سعيد بالقبض عليه بسبب العداء الأيديولوجي.

وقال الغنوشي "كان الهدف منذ البداية صناعة صورة إرهابي خطير، في حين أن جريمتي الوحيدة أني عارضت الانقلاب ودافعت عن الديمقراطية"، في إشارة للتدابير الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز2021.

توظيف القضاء

وتفاعلا مع رسالته، اعتبر القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي، أن استهداف الغنوشي "استهداف لرمز فكري وسياسي من طينة الكبار"، وأكد أن "السلطة لم تراع سنّه ولا وضعه الصحي ولا رمزيته الاعتبارية والتاريخية، بل مارست عليه كل أشكال التنكيل والتشفي".

وقال الشعيبي -الذي يحاكم بدوره بقضية التآمر على أمن الدولة في حالة سراح- للجزيرة نت إن "القضية سياسية بحتة وإن الإجراءات القضائية ليست سوى فعلة لتمرير أحكام قاسية معدة سلفا في ملف مفبرك يعتمد على شهود سريين ووقائع خيالية".

إعلان

وقد حركت السلطات التونسية هذه القضية إثر حملة مداهمات واعتقالات واسعة انطلقت في فبراير/شباط 2023 شملت عشرات السياسيين ورجال أعمال، بناء على رواية مخبرين اثنين سريين لكن لم يكشف قرار ختم البحث لقاضي التحقيق عن هويتهما.

ويؤكد الشعيبي أن "السلطة الحالية وظفت القضاء لتصفية خصومها السياسيين"، وأن "الغنوشي يدفع ثمن وقوفه ضد الانقلاب منذ لحظته الأولى بوصفه الرئيس الشرعي للبرلمان".

وتضاف الأحكام الجديدة إلى سلسلة أحكام أخرى ضد الغنوشي في حكم سعيد، ففي مطلع فبراير/شباط الثاني 2025 أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس أحكاما قاسية ضد متهمين بقضية الشركة المختصة في إنتاج المحتوى الرقمي "أنستالينغو"، بينهم الغنوشي الذي حكم بـ22 عاما سجنا إضافة لأحكام متفاوتة ضد متهمين آخرين.

مصدر الصورة احتجاجات عائلات المعتقلين السياسيين أمام المحكمة الابتدائية بتونس (الجزيرة)

انتكاسة للديمقراطية

بدوره، يقول الناشط السياسي بلقاسم حسن للجزيرة نت، ردا على الأحكام الصادرة ابتدائيا ضد الغنوشي وبقية المعتقلين السياسيين إنها كانت جاهزة مسبقا، معتبرا أنها "أحكام جائرة" لأن التهم كانت "ملفقة ولم ترتكز على براهين".

ويضيف أن رسالة الغنوشي من سجنه "دليل على أنه رجل ثابت وصامد وحر طليق وراء القضبان شامخ بمعاني الديمقراطية والحرية والمساواة"، وأكد أن اعتقاله تعسفيا أو الحكم عليه بالسجن لن يسلبه صوته الحر ومكانته.

ويرى أن اعتقال الغنوشي مثل انتكاسة للمسار الديمقراطي، خاصة وأن "الرجل، في عقده الثامن، ما يزال يرافع من أجل التوافق والتعايش والوحدة الوطنية، بينما يُلاحَق اليوم بسبب مداخلة فكرية دعا فيها لجمع كل المدارس الفكرية داخل وطن واحد".

ويعتقد حسن أنه "رغم ما يتعرض له الغنوشي من أحقاد هذه السلطة، لا يزال يحمل الأمل ويبعث برسائل الوحدة والصمود من داخل زنزانته"، معتبرا أنه كان ضحية وقوفه ضد انقلاب شعبوي على الشرعية ودفاعه عن الديمقراطية والإسلام الديمقراطي والتعايش.

إعلان

وبعد صدور الأحكام القضائية، يقول حسن إن "مسار الدفاع عن المساجين السياسيين سيتواصل عبر مسارين متكاملين؛ أحدهما قانوني عبر الطعن لدى محكمة الاستئناف، والآخر نضالي عبر وقفات احتجاجية وتكثيف الضغط الدولي لفضح ما يجري من محاكمات سياسية".

متوافق ومتقارب

ويُعد الغنوشي أحد أبرز المفكرين والسياسيين في العالم العربي والإسلامي. وأسهم في تأسيس حركة النهضة في سبعينيات القرن الماضي، وسجن في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة ثم نفي خلال حكم الرئيس زين العابدين بن علي .

وبعد الثورة التونسية في 2011، عاد الغنوشي من منفاه في لندن إلى تونس، ورسم معالم المرحلة الانتقالية بعد فوز حزبه في انتخابات المجلس التأسيسي بأغلبية المقاعد.

كما تبنّى خلال السنوات الأخيرة مقاربة التوافق السياسي التي أثمرت التحالف مع الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي ، في تجربة تعد من أكثر فترات ما بعد الثورة استقرارا، ويعتبر من أوائل المفكرين الإسلاميين الذين طرحوا مفهوم الإسلام الديمقراطي.

وشغل الغنوشي منصب رئيس البرلمان التونسي من 2019 إلى حين تعليقه بقرار من الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، وهي خطوة وصفها الغنوشي ومعارضون آخرون أنها انقلاب على الشرعية الانتخابية ودستور 2014.

وكان الرئيس سعيد قد أطاح في 25 يوليو/تموز 2021 بحكومة هشام المشيشي وحلَّ البرلمان السابق والمجلس الأعلى للقضاء، وحكم البلاد بصلاحيات واسعة من 2021 قبل أن يضع دستورا جديدا بصلاحيات واسعة ويعيد الفوز بولاية رئاسية جديدة بانتخابات 2024.

وبالمقابل، تحمّل أطراف يسارية وأخرى دستورية راشد الغنوشي مسؤولية الإخفاق الاقتصادي والاجتماعي وانتشار العنف السياسي باعتباره رئيس القوة السياسية الأولى في البلاد، كما حمَّلته المسؤولية السياسية لاغتيال المعارضين شكري بلعيد و محمد البراهمي في 2023، في حين تنفي حركة النهضة تلك التهم وتعتبر نفسها الضحية الأولى لها بعد التنازل عن الحكم آنذاك.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا