تحليل بقلم أليسون مورو من شبكة CNN
(CNN)-- حتى لو كانت المؤشرات واضحة منذ سنوات، فإن الانفصال بين أمريكا والصين ليس سهلا أبدا .
ولا تتفق بكين وواشنطن في كثير من الأحيان، ولكنهما اتفقتا على نطاق واسع لعقود على أن من الأفضل أن تكونا شريكين تجاريين بدلا من أن تكونا عدوين تجاريين .
وهذا التحالف الآن على حافة الهاوية، والأضرار الجانبية الحقيقية تتراكم بالفعل .
ولا يبدو أن رئيسي أكبر اقتصادين في العالم مستعدان للتفاوض بشكل قاطع، فقد أشارت الصين، الأربعاء، إلى أنها ستكون منفتحة على المفاوضات فقط إذا كانت المحادثات قائمة على "الاحترام" و"الاتساق والمعاملة بالمثل" من إدارة ترامب، وفقًا لما ذكره شخص مطلع على الأمر لزملائي في CNN ، وأنا شخصيًا لا أعلق آمالي على ذلك .
وبدون أي تخفيض في الإنفاق، من المتوقع أن تنخفض التجارة بين الولايات المتحدة والصين بأكثر من 80%، وهو حجم "يعادل فك الارتباط"، وفقا لمديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو إيويالا، التي أصدرت تقريرا مماثلا قاتما حول التجارة العالمية، الأربعاء.
والخلاصة أن قبل فرض ترامب للرسوم الجمركية، كان من المتوقع أن تنمو التجارة العالمية بنسبة 2.7% هذا العام. أما الآن، فمن المتوقع أن تنكمش بنسبة 0.2%.
وأثرت حرب ترامب التجارية بالفعل على الاقتصاد، حيث ارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية بنسبة 1.4% في مارس/ آذار مدفوعةً بشكل كبير بمبيعات السيارات وقطع غيار السيارات حيث يسعى الأمريكيون إلى استباق الزيادات المتوقعة في الأسعار .
ووردت تقارير عن أن بوينغ، أكبر شركة تصدير أمريكية وأحد أكبر جهات التوظيف، مُنعت من تسليم طائراتها إلى شركات الطيران الصينية.
وفرضت بكين مؤخرًا قيودًا على تصدير 7 أنواع من معادن الأرض النادرة، وهي مكونات حيوية لكل شيء، من هواتف آيفون إلى السيارات الكهربائية، والتي تحتكرها الصين تقريبا .
وصرحت شركة إنفيديا، الشركة الأمريكية الرائدة في صناعة الرقائق، بأنها ستتكبد خسارة قدرها 5.5 مليار دولار بعد أن أمرت واشنطن الشركة بوقف مبيعاتها إلى الصين .
وسترفع شركة شي إن، متجر الأزياء السريعة الصيني، ومنصة تيمو الإلكترونية أسعارهما الأسبوع المقبل، وفقا لوكالة "رويترز" للأنباء .
وتراجعت الأسهم الأمريكية، الأربعاء، متأثرة باستبعاد إنفيديا من الصين، والتوقعات القاتمة لمنظمة التجارة العالمية، وتعليقات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) جيروم باول، الذي حذر من "سيناريو صعب" تؤدي فيه الرسوم الجمركية إلى ضربة ثلاثية تتمثل في ضعف النمو الاقتصادي، وارتفاع البطالة، وتسارع التضخم، في آن واحد .
وقال باول في فعالية استضافها النادي الاقتصادي في شيكاغو، الأربعاء: "لا توجد تجربة حديثة لكيفية التفكير في هذا الأمر " .
وقد تعتقد أن ترامب مؤلف كتاب "فن الصفقة" سيكون حريصًا على إبرام الصفقة مع الصين لكن إذا كان ترامب قد علّم العالم شيئًا، فهو توقع ما هو غير متوقع .
وقال إد يارديني، المستثمر المخضرم ورئيس شركة يارديني للأبحاث، للمستثمر لويس نافيلييه في بودكاست هذا الأسبوع: "قد تكون هناك خطة أخرى، ومن الممكن ألا يكون لديه أي اهتمام بعقد صفقة مع الصين. من الممكن أن تكون الولايات المتحدة قد توصلت إلى استنتاج مفاده أن الصين تشكل تهديدا جيوسياسيا، وما نحاول فعله هو تدمير اقتصادهم " .
وتدعم بعض التقارير الجديدة من وكالة بلومبيرغ الإخبارية هذه النظرية .
ووفقا للوكالة، التي نقلت عن مصادر لم تُسمّها، فإن إدارة ترامب "تستعد للضغط على الدول لكبح التجارة مع الصين".
وأضافت أن أحد الخيارات المطروحة هو في الأساس عقوبة نقدية تطلب فيها الولايات المتحدة من الدول الأخرى فرض رسوم جمركية على دول معينة تربطها علاقات وثيقة بالصين .
وسواء كان الهدف هو التوصل إلى صفقة تجارية أم لا، فكما يقول يارديني: "الأمر ليس بالأمر السهل، فترامب يحاول استخدام القوة الاقتصادية الأمريكية للتنمر على الدول الأخرى لكن سيكون من الصعب جدًا التنمر على الصين" .
كما لاحظ العديد من المراقبين، قد تكون الصين في وضع أقوى لمقاومة حرب تجارية انتقامية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تُحكم قبضتها الاستبدادية على كل جانب من جوانب اقتصادها .
ولكن ربما الأهم من ذلك، أن بكين تعلمت من جولتها الأولى مع ترامب في 2017، فبكين تجاوزت بالفعل إجراءات الانتقام التي ميزت الخلاف التجاري السابق .
وقالت ماري لوفلي، الزميلة البارزة في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، في مقابلة: "وقف الصين لتسليم شحنات بوينغ وقيودها على صادرات المعادن النادرة يُظهران أنها تعلمت كيفية تسليح وارداتها بطريقة جديدة " .
وتُشير لوفلي إلى أن "الصين لا تزال ترغب في الظهور بمظهر صاحب مصلحة محترم" أمام شركاء تجاريين مثل أستراليا والاتحاد الأوروبي وجنوب شرق آسيا، حيث زار الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الأسبوع، ويريدون القول: الباب مفتوح، ونحن عقلانيون، نحن فقط نواجه العدوان الأمريكي، وهم يفعلون ذلك الآن بمجموعة أدوات أكبر بكثير" .