دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN ) -- تجدّد الجدل حول هجرة أعداد كبيرة من الأطباء المصريين للخارج، بسبب انخفاض الأجور مقارنة بدول خليجية وأوروبية، والبحث عن بيئة آمنة للتدريب والتعليم، وفق تصريحات تلفزيونية لنقيب الأطباء.
وانتقل الجدل إلى البرلمان بتقدم نائب بمقترح لتغريم خريجي كليات الطب مقابل دراستهم وتدريبهم فى الجامعات والمستشفيات المصرية، أو إلزامهم بعدم السفر لعدة سنوات تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات على الأقل قبل السفر إلى الخارج، فيما رفض نواب المقترح بحجة عدم دستوريته .
وظهر الجدل مرة ثانية حول هجرة الأطباء المصريين، بعدما نشرت جامعة الإسكندرية إعلانًا عن خلو 117 وظيفة للأطباء المقيمين في مستشفيات الجامعة، مما أثار تساؤلات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي حول أسباب سفر الأطباء خارج مصر، وردت الجامعة بأن ذلك يعود إلى بحث الأطباء فرص أفضل خارج الجامعة حسب رغبتهم الشخصية.
وتضاعفت أعداد الأطباء المتقدمين باستقالتهم للنقابة بمقدار 4 مرات، من 1044 استقالة في عام 2016 إلى 4127 استقالة بعام 2021. وزاد عدد الاستقالات إلى 4261 استقالة خلال عام 2022 بمعدل يومي 12 طبيبًا وطبيبة - وفق بيانات سابقة لنقابة الأطباء - واستمرت الزيادة لتصل إلى 7 آلاف استقالة عام 2023، بحسب تصريحات تلفزيونية لنقيب الأطباء أسامة عبد الحي .
وأوضح عبد الحي، في تصريحاته، أن النقابة تستدل على هجرة الأطباء المصريين للخارج، من خلال تقدمهم للنقابة للحصول على شهادة طبيب حر بغرض السفر للخارج، مرجعًا سبب الهجرة إلى عاملين، هما ضعف الرواتب والبحث عن بيئة عمل آمنة والتدريب والتعليم، إضافة إلى عدد ساعات العمل، وسكن الأطباء، والمعاملة في أقسام الطوارئ .
وتحاول الحكومة مواجهة الظاهرة عبر زيادة أجور العاملين بالمهن الطبية، من خلال رفع قيمة الرسوم والبدلات للأطباء، منها زيادة مقابل "السهرة" لتصل إلى 130 جنيهًا (2.55 دولار)، والمبيت إلى 195 جنيهًا (3.83 دولار) يوميًا، وكذلك زيادة بدل مخاطر المهن الطبية لتتراوح ما بين 250 إلى 300 جنيهًا (4.9 - 5.89 دولار) شهريًا، حسب بيان لوزارة الصحة.
وقالت الوزارة إنها تعتزم "الاستمرار في تحسين أجور الأطباء بموازنة السنة المالية المقبلة التي تبدأ في يوليو/تموز المقبل"، وتعيين 30 ألف طبيب، وفق تصريحات صحفية لوزير المالية .
وقال أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، أبو بكر القاضي، إن عدد أعضاء النقابة يصل إلى حوالي 260 ألفًا، يعمل ما بين 110 إلى 120 ألفًا منهم في مصر، أي أن أكثر من 50% من الأطباء المصريين خارج المنظومة الصحية المصرية، ما بين طبيب حر ومستقيل من وزارة الصحة وما بين أطباء هاجروا للخارج، بحسب القاضي.
وأضاف القاضي أن معظم أطباء الدفعات الجديدة يرفضون استلام تكليف العمل بوزارة الصحة، ففي آخر دفعة عام 2023 تقدم حوالي 7 آلاف طبيب باستقالات ومعظمهم سافروا للخارج .
وسبق أن علق وزير الصحة خالد عبد الغفار، على هجرة الأطباء، قائلًا: "أتألم من الزيادة المرتفعة في هجرة الأطباء للخارج"، وأشار إلى "التأثر بغياب الكفاءات وهجرتها للخارج ولكن هناك بعض التعويض من خلال الانفتاح في كليات الطب وزيادة أعدادها لتعويض هذا النقص"، على حد قوله في مؤتمر صحفي في ديسمبر/كانون الأول الماضي .
وأضاف القاضي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن سبب هجرة الأطباء في الخارج هو "ضعف الرواتب مقارنة بدول خليجية وأوروبية، وهذا هو العامل الأساسي وراء الهجرة، خاصة أن الأطباء المصريين يواجهون مشكلات في إصدار تراخيص العيادات الخاصة، مما يصعب من زيادة الدخول، علاوة على التعديات على الأطباء من أهالي المرضى، بسبب غياب الإمكانيات اللازمة من أدوية ومعدات لإسعاف المرضى في الحالات الحارجة والطارئة" .
وأشار إلى أن معظم الأطباء حديثي التخرج يفضلون الاستقالة من نقابة الأطباء، والسفر إلى دول أوروبية، خاصة ألمانيا وإنجلترا لاستكمال الدراسات العليا والعمل في كبرى المستشفيات هناك، فيما يفضل جزء من الأطباء السفر للدول الخليجية "بسبب التمسك بالعادات والتقاليد العربية والإسلامية".
واقترح القاضي مواجهة هذه الظاهرة عبر تحسين الأجور من خلال زيادة مخصصات وزارة الصحة بالموازنة العامة، لرفع أجور المهن الطبية، وتسهيل تراخيص العيادات الخاصة للمساهمة في تحسين دخول الأطباء .
وقال أمين صندوق نقابة الأطباء إن استمرار ظاهرة هجرة الأطباء سيؤدي إلى ما أسماه "تصحر طبي" من خلال نقص الأطباء اللازمين لتشغيل المنظومة الصحية في مصر، داعيًا إلى العمل نحو تنمية السياحة العلاجية عبر تقديم خدمة صحية عالية الجودة للمرضى من خارج البلاد، سواء من الدول العربية والإفريقية لزيادة عوائد البلاد من النقد الأجنبي، وتحسين أجور الأطباء بدلًا من تصدير الأطباء للخارج، حسب قوله.
وقالت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، إيناس عبد الحليم، إن البرلمان سبق أن أجرى دراسة حول هجرة الأطباء في عام 2022، وحدّد أسباب هذه الظاهرة في رغبة الأطباء في التدريب والتعليم المستمر في الخارج، واستكمال الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه). وفي هذا الصدد تم إقرار قانون بإنشاء المجلس الصحي المصري، والمعني بتنظيم عمليات التعليم الطبي المهني ما بعد الجامعي في كافة التخصصات الصحية .
وأضافت: "ثانيًا، التعدي على الأطباء، وتم مواجهة هذه المشكلة بإقرار قانون المسؤولية الطبية والذي حدد عقوبات تصل إلى الحبس حال التعدي على الأطباء، وثالثًا عدم توافر الإمكانيات اللازمة لتقديم خدمات الرعاية الصحية للمرضى"، وذكرت أنه "تم حل أسباب ظاهرة هجرة الأطباء، وتأثير هذه الحلول سيظهر مع الوقت" .
وتنص المادة 25 من قانون قانون المسؤولية الطبية وحماية المريض بأنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تجاوز 50 ألف جنيه (980.8 دولار)، كل من أتلف عمدًا شيئًا من المنشآت أو محتوياتها، أو تعدى على أحد مقدمي الخدمة أو قاومه بالقوة أو العنف أثناء تأدية مهنته أو بسبب تأديتها .
ووصفت عضو لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، اقتراح بعض النواب تغريم الخريجين مقابل دراستهم وتدريبهم فى الجامعات والمستشفيات المصرية، بأنه "غير دستوري"، خاصة أن مصروفات الدراسة في الجامعات الحكومية "ضئيلة، لا سيما أن دراسي كليات الطب من أوائل مرحلة الثانوية العامة، والذين يحصلون على تعليم مجاني لتفوقهم، كما أن هناك بعض الطلاب يدرسون في جامعات خاصة ويتحملون نفقة الدراسة"، بينما أيدت تطبيق مقترح بعدم السفر لعدة سنوات تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات على الأقل قبل السفر للخارج، حسب قولها..