آخر الأخبار

إيران تجند مراهقين سويديين في"حربها الخفية" ضد إسرائيل

شارك
مصدر الصورة صورة أرشيفية للسفارة الإسرائيلية في ستوكهولم Credit: HENRIK MONTGOMERY/TT News Agency/AFP via Getty Images

( CNN )-- في إحدى أمسيات مايو/ أيار الماضي، خيّم الظلام على عاصمة السويد، ستوكهولم، ودخلت المدينة في إيقاعها الليلي، وازدهر عالمها الإجرامي.

وفي منزل بفاستيروس، وهي مدينة تقع على ضفاف بحيرة تبعد 60 ميلاً غرب العاصمة، أكملت أم روتينها الليلي، وقد أراحها رؤية ابنها البالغ من العمر 15 عاماً وهو نائم بأمان في فراشه ولكن، قبيل منتصف الليل، استيقظ المراهق بصمت وتسلل إلى الخارج.

وكانت تنتظره مهمة كان يعتقد أنها ستنتهي قبل طلوع الفجر، قبل وقت طويل من امتحان الرياضيات.

في الخارج، وصلت سيارة أوبر، وقد رتب شخص آخر وسيلة النقل له، وفقاً لوثائق المحكمة والشرطة.

وتُفصّل الوثائق، التي تتضمن رسائل نصية تبادلها، رحلته.

وبعد وقت قصير من بدء المرحلة الأخيرة من رحلته، ومضت أضواء زرقاء، وحاصرته الشرطة، وأُلقي القبض عليه.

ولكن بعد أكثر من 24 ساعة بقليل، نجح فتى آخر، يبلغ من العمر 14 عامًا، في الوصول.

وبمسدس نصف آلي عيار 9 ملم في يده، أطلق عدة طلقات نارية بالقرب من السفارة الإسرائيلية في الساعة الثانية صباحًا قبل أن يُعتقل.

ولم يُحاكم الفتى البالغ من العمر 14 عامًا لأنه قاصر، بينما أُدين الفتى البالغ من العمر 15 عامًا بجريمة خطيرة تتعلق بالأسلحة، وحُكم عليه بقضاء 11 شهرًا في دار رعاية للأحداث.

وتقول الشرطة إن محاولات الهجوم كانت من بين عدة محاولات استهدفت السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم العام الماضي.

وأفادت مصادر في الاستخبارات السويدية، لـ CNN ، بأن عصابات تعمل لصالح إيران نفذت هذه الهجمات، مما يزيد من خطورة الأزمة القائمة.

وتواجه السويد موجة من عنف العصابات التي شملت بشكل متزايد الأطفال والمراهقين.

ووفقًا لمقابلات أُجريت لهذا التحقيق مع أكثر من 20 مصدرًا، من بينهم أعضاء سابقون في عصابات، وعدد من الأخصائيين الاجتماعيين، ومدعين عامين، ومحامين، وخبراء في علم الجريمة، وأفراد من الأجهزة الأمنية، تُجنّد العصابات أطفالًا صغارًا جدًا على السجن للقيام بأعمال عنيفة.

وذكرت المصادر أن وسائل التواصل الاجتماعي أداة رئيسية في استغلالهم، حيث يُدرّبهم رجال العصابات عبر الإنترنت على ارتكاب جرائم تتراوح من التخريب إلى التفجيرات والقتل المأجور.

وفي العام الماضي، حذّرت الاستخبارات من أن إيران تستخدم شبكاتها الإجرامية لتنفيذ مخططاتها في توسيع نطاق صراعها الإقليمي مع إسرائيل، لكنها لم تقدم سوى القليل من التفاصيل.

ورفضت السفارة الإيرانية في ستوكهولم هذه المزاعم آنذاك، واصفةً إياها بأنها "معلومات كاذبة ودعائيّة" تُروّج لها إسرائيل.

وتحدثت CNN مع العديد من مصادر الشرطة والأمن السويدية حول النشاط الأجنبي المزعوم في إطار هذا التحقيق، ولم يُعلّق جميعهم علنًا، لكن من علّقوا قالوا إن الحكومة الإيرانية تعمل مع عصابات محلية للتخطيط لهجمات سياسية على المصالح الإسرائيلية واليهودية، وأضافوا أن أطفالًا متورطون في كثير من الحالات.

ورفضت السلطات الإيرانية التعليق على تحقيق CNN .

وذكر مصدر في الاستخبارات السويدية لشبكة CNN أن عصابتين سويديتين متنافستين، تُعرفان باسم “فوكستروت” و”رومبا”، خططتا لعدة هجمات تستهدف السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم بأمر من إيران العام الماضي.

وشملت هذه الهجمات محاولة هجوم بعبوة ناسفة في 31 يناير/ كانون الثاني، ومحاولة أخرى أُحبطت في 16 مايو، وإطلاق نار في 17 مايو، بالإضافة إلى ما وصفه المدعي العام السويدي بحادث إطلاق نار في الأول من أكتوبر/ تشرين الأول.

وأفاد المدعي العام الذي يتولى قضية إطلاق النار في أكتوبر بأنه تم التعرف على المشتبه به على خلفية الانفجارات التي وقعت بالقرب من السفارة الإسرائيلية في كوبنهاغن، في الدنمارك المجاورة، في اليوم التالي.

ولا تزال هذه القضية قيد النظر.

وشملت معظم الهجمات التي راجعتها CNN مشتبه بهم دون سن 18 عامًا، والذين يُعاملون معاملة مختلفة عن البالغين في نظام العدالة الجنائية السويدي، مع التركيز على إصلاح الضرر وزيادة احتمالية التنازل عن الملاحقة القضائية.

ووفقًا لسجلات المحكمة، بدا أنهم لا يعرفون سوى القليل عمن كان يُوجه تحركاتهم.

وقال فريدريك هالستروم، رئيس العمليات في الاستخبارات السويدية، لشبكة CNN : "تصبح مشكلة بالنسبة لنا عندما تستخدم دولة أخرى مثل إيران هؤلاء الأطفال كوكلاء"، واصفًا هذه الممارسة بأنها "قتل مأجور أو جرائم مقابل خدمة"، وأضاف: "الجريمة المنظمة في السويد حاليًا نقطة ضعف كبيرة تستغلها جهات حكومية".

وتابع: "بعد هجوم أكتوبر، شهدنا هذا النوع من أساليب العمل"، في إشارة إلى الهجمات التي قادتها حركة "حماس" على إسرائيل في 2023 والتي أشعلت فتيل الحرب في غزة. حماس مدعومة من إيران.

انخرطت إيران وإسرائيل في "حرب خفية" لسنوات، حيث نشرتا جواسيس وقتلة مأجورين وشبكات إجرامية وأنشطة إلكترونية ووسائل سرية أخرى لضرب بعضهما البعض، لا سيما في الشرق الأوسط لكن في السنوات الأخيرة، حذرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من تصاعد تهديدات الدولة الإيرانية في الغرب، مع مؤامرات ينفذها وكلاء تستهدف المعارضين والصحفيين، بالإضافة إلى الإسرائيليين واليهود.

وكشفت CNN عن أمثلة حديثة لهجمات مُخطط لها على مواقع إسرائيلية ويهودية في أوروبا، حيث يُزعم أن شبكات إجرامية مرتبطة بإيران مارست ضغوطًا على السكان المحليين لتنفيذ الجرائم.

وكان من بين الأهداف: كنيس يهودي ومركز تذكاري يهودي في ألمانيا، ومطعم يهودي في اليونان.

ولم يكن لمرتكب إحدى الحوادث في ألمانيا سجل جنائي سابق، ووجدت المحكمة أنه تعرض لضغوط للتصرف.

وأثناء وجوده في اليونان، قدم أحد المتهمين، وهو مهاجر غير شرعي من باكستان، للمحكمة أدلة على تعرضه للإكراه.

وفي المقابل، أنكرت إيران وقوفها وراء الحوادث.

وتشير هذه القضايا مجتمعةً إلى استخدام عملاء غير موثوق بهم لتنفيذ عمليات في أوروبا.

وتقول مصادر أمنية إن إيران تجند أطفالًا.

وقال خبير مكافحة الإرهاب في جامعة الدفاع السويدية ماغنوس رانستورب، إنه "على الرغم من أن العمليات ليست معقدة للغاية، نظرًا لكون الجناة المزعومين صغارًا وعديمي الخبرة، إلا أنها خطيرة للغاية".

وقال متحدثًا عن الشباب: "إنهم مجرد أداة. إنهم حقًا تحت ضغط للقيام بذلك".

كارثة وطنية

السويد، المعروفة بامتلاكها إحدى أكثر شبكات الأمان الاجتماعي سخاءً في العالم، وثقافة راسخة في رعاية الفئات الضعيفة، أصبحت في السنوات الأخيرة مرادفًا للجرائم العنيفة في أوروبا.

وتسجل الآن أحد أعلى معدلات جرائم الأسلحة في القارة، وفقًا لدراسة أجراها المجلس الوطني السويدي لمنع الجريمة (برا).

وهيمن القلق بشأن الأزمة على المشهد السياسي في السويد، ولعب دورًا في وصول الائتلاف اليميني إلى السلطة في 2022، متعهدًا بـ"اتخاذ إجراءات صارمة لمكافحة الجريمة".

وشددت الحكومة سياسات الهجرة، وفرضت عقوبات أشد على جرائم الأسلحة، ووسعت صلاحيات المراقبة الشرطية.

ويقول المنتقدون إن هذه الإجراءات تجاهلت القضايا الأساسية التي تُحرك صراع العصابات، مثل اتساع فجوة التفاوت الاقتصادي والفصل الاجتماعي.

وفي يناير وحده، وقع 33 انفجارًا مرتبطًا بالعصابات في السويد - وهو أعلى رقم شهري سُجل على الإطلاق في البلاد، وفقًا لتقرير الشرطة السويدية لـ2025.

وفي عام 2024، كان 30٪ من المشتبه بهم في جرائم القتل المتعلقة بالأسلحة النارية دون سن 18 عامًا، مقارنةً بحوالي 20٪ في السنوات الأخيرة، وفقًا للتقرير نفسه.

وظلّ العنف المسلح السبب الأكثر شيوعًا للوفاة العنيفة في السويد في عام 2024، لكن معدل جرائم القتل والقتل غير العمد في البلاد انخفض وسط زيادة المراقبة، وفقًا لإحصاءات أصدرها "برا" في مارس/ آذار.

وارتفع عدد الشباب في السويد المشتبه بهم في جرائم الأسلحة 7 أضعاف خلال عقد.

وارتفعت نسبة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عامًا بين المشتبه بهم في حيازة مسدس أو سلاح آلي بشكل غير قانوني في السويد من 5٪ في عام 2012 إلى 11٪ في عام 2022.

وقال جون فورسبيرج، المشرف على الشرطة السويدية، لـ CNN : "إنها كارثة وطنية"، مضيفًا أن الأطفال يعبرون الحدود الآن لارتكاب جرائم، مما يجعلها مشكلة على مستوى أوروبا.

وغالبًا ما تغري العصابات الأطفال والمراهقين بأغراض باهظة الثمن، حيث تُكلفهم في البداية بمهام تبدو بريئة، ثم تتفاقم مع مرور الوقت.

ويقول لؤي محجب، محقق سابق في الشرطة السويدية عمل على قضايا متعددة تتعلق بأطفال في العصابات: "إنهم يُعميهم السعي وراء المال والمكانة الاجتماعية والأشياء المادية إنهم مهووسون بفكرة امتلاك المال لشراء الملابس".

ولكن هناك دوافع شخصية واجتماعية واقتصادية أخرى تلعب دورًا أيضًا وتشمل هذه العوامل السعي وراء الانتماء والمكانة الاجتماعية والمكاسب المالية خاصةً عندما تكون الفرص المشروعة نادرة.

وقال رينيه لوبوس، عضو سابق في عصابة ويساعد الآن الأطفال على الخروج من العصابات، لـ CNN : "عليك أن ترى جذور المشكلة"، مضيفًا أن الشباب "يشعرون بانعدام الأمن في هويتهم، ولا يجدون قدوة لهم عندما يكبرون"، وأضاف أن الانتماء إلى هذه العصابات يمنحهم شعورًا بالانتماء للمجتمع.

وكانت والدة الفتى البالغ من العمر 15 عامًا، والذي أُلقي القبض عليه وهو في طريقه إلى السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم، أخبرت السلطات أنها تعتقد أن ابنها يُستغل.

وقالت إن كبار السن الذين كان يقضي معهم وقتًا، والذين ربما كانوا وراء حصوله على "الوظيفة"، كانوا بمثابة "أخوته الأكبر"، يحمونه ويدعمونه - ويجعلونه يشعر بالأمان.

وتُجنّد الشبكات الإجرامية المراهقين بشكل استراتيجي، ليس فقط لسهولة التلاعب بهم، بل أيضًا لحصولهم على عقوبات أخف، وفقًا لخبراء أمنيين تحدثت معهم CNN .

وفي السويد، لا يُمكن تحميل الأطفال دون سن 15 عامًا المسؤولية القانونية عن الجرائم، بينما يُحال عادةً من تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عامًا إلى سلطات الرعاية الاجتماعية بدلاً من الحكم عليهم بالسجن.

وذكرت المدعية العامة السويدية ليزا دوس سانتوس لـ CNN أن استخدام القاصرين يُمكّن أعضاء العصابات الأكثر خبرة من التهرب من إنفاذ القانون. "إنهم يفتقرون إلى الصلة بكل من الهدف وزعيم العصابة الذي يُريد إنجاز المهمة. وهذا يُصعّب تعقبهم."

ويقول الخبراء إن عصابة “فوكستروت”، إحدى أكثر العصابات رعبًا، قد أججت تصاعد العنف في شوارع البلاد، مستخدمةً المراهقين لارتكاب الجرائم.

وتفاقمت حروب العصابات عام ٢٠٢٣ عندما بدأ زعيم “فوكستروت”، راوة ماجد، عداءً مع حليفه السابق، إسماعيل عبده، الذي أصبح زعيم العصابة المنافسة المعروفة باسم “رومبا”.

ويُطلب القبض على الرجلين بتهم متعددة، بما في ذلك جرائم مخدرات جسيمة، وفقًا للنشرات الحمراء الصادرة عن الإنتربول.

ويواجه ماجد تهمة التحريض على القتل، بينما يواجه عبده تهمة التحريض على الشروع في القتل.

وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية مؤخرًا عقوبات على عصابة “فوكستروت” وزعيمها ماجد، الذي قالت إنه يتعاون مع وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، واتهمت العصابة بتدبير هجمات على إسرائيليين ويهود في أوروبا نيابة عن إيران، بما في ذلك محاولة الهجوم على السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم في، مضيفةً أن العصابة "تستخدم المراهقين بشكل روتيني".

وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية عن العقوبات في أوائل مارس، وقالت إن "النظام الإيراني استخدم الشبكات الإجرامية بشكل متزايد كوكلاء".

وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت: "إن استخدام إيران السافر للمنظمات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية وتجار المخدرات يُبرز محاولات النظام لتحقيق أهدافه بأي وسيلة، دون مراعاة للتكلفة التي تتحملها المجتمعات في جميع أنحاء أوروبا".

وغادر ماجد السويد في أبريل/نيسان 2019، ويقيم منذ ذلك الحين في السليمانية، وهي مدينة كردية في شمال العراق، وفقًا لملفات الشرطة السويدية المتعلقة بتحقيق مع زعيم العصابة.

و تشير الملفات إلى أنه استمر في التواصل مع شركائه الإجراميين والإشراف على العمليات عبر محادثات مشفرة، غالبًا باستخدام الاسم المستعار "الثعلب الكردي" في إشارة إلى لقبه.

وقال سعيد قاسمي نجاد، كبير مستشاري الشؤون الإيرانية في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة بحثية مقرها واشنطن، موضحًا سبب احتمال تجنيد إيران لماجد: "لإيران نفوذ كبير في كردستان العراق". وأضاف أن التعاون بين النظام الإيراني والأكراد العراقيين نما خلال الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت 8 سنوات وانتهت في 1988.

ولا يزال مكان عبده غامضًا، لكن تقارير محلية أفادت في مايو 2024 باعتقاله في ولاية أضنة جنوب تركيا، ثم إطلاق سراحه بكفالة.

وزعمت الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) العام الماضي أن كلاً من ماجد وعبدو كانا يعملان مع إيران، وألقت باللوم على عصاباتهما في محاولات الهجوم على السفارة الإسرائيلية في ستوكهولم، وفقًا لتقارير إعلامية إسرائيلية.

وتواصلت CNN مع "الموساد" للحصول على مزيد من المعلومات حول مزاعمها والتعليق على هذا التقرير، لكنها لم تتلقَّ ردًا.

لعبة حرب العصابات

وتلجأ العصابات بشكل متزايد إلى المنصات الإلكترونية لتجنيد الشباب، وعرضت عليهم المال مقابل عمليات قتل مستهدفة.

وأوضحت دوس سانتوس أن المهام الإجرامية تُنشر على مجموعة متنوعة من المنصات العامة، بما في ذلك سناب شات وإنستغرام.

وأضافت أنه غالبًا ما يُطلب من المهتمين مراسلة الشخص الذي يأمر بالقتل بشكل خاص. ثم يُدرجون في مجموعات خاصة على منصات مشفرة مثل "سيغنال".

واجتمع وزراء العدل من السويد والدنمارك ودول شمال أوروبا الأخرى مع ممثلين من شركات "ميتا" و"غوغل" و"تيك توك" و"سناب شات" في ديسمبر لمناقشة كيفية منع هذه المنصات للعصابات من استخدام خدماتها لتجنيد الشباب. وتتعاون الشركات الأربع تحت مظلة (TechSweden) لإنشاء منتدى لتبادل المعرفة في دول الشمال الأوروبي يهدف إلى معالجة هذه القضية، على الرغم من أن سناب شات صرحت لشبكة CNN بأنها لم ترَ "مؤشرات واضحة على تجنيد العصابات" على منصتها.

وقال وزير العدل الدنماركي بيتر هوميلجارد آنذاك إنه يجب اتخاذ "إجراءات أكثر واقعية" لضمان عدم تسهيل المنصات الرقمية للجرائم العنيفة. كما انتقد سيجنال وتيليجرام لعدم حضورهما الاجتماع.

وذكرت "ميتا" و"غوغل" و"تيك توك" و"سناب شات" و"تيليغرام" لشبكة CNN بأنها تراقب وتحدد وتزيل المحتوى الضار الذي ينتهك سياساتها والقانون باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي والمراقبة البشرية، كما أكدت أنها تحظر وتكافح التحريض على الجريمة والنشاط الإجرامي والتجنيد، وتعمل مع وكالات إنفاذ القانون للحفاظ على سلامة الناس - وخاصة الأطفال.

وذكر أوسكار والدنر، طالب دكتوراه في جامعة مالمو، يُجري أبحاثًا حول كيفية استخدام الشبكات الإجرامية لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، أن العصابات تُعلن عن أنشطة غير مشروعة عبر الإنترنت "بطريقة صريحة للغاية" مقابل مبالغ طائلة.

حللت CNN قنوات تيليغرام العامة التي ربطها والدنر بالشبكات الإجرامية. هناك، تستخدم الجماعات رموزًا تبدو بريئة لشن هجمات: رمز الجمجمة يُشير إلى القتل، بينما يُمثل رمز الدولار الدفع، وفقًا للمدعين العامين والأكاديميين السويديين الذين تحدثت معهم CNN .

وصرح متحدث باسم تيليغرام لـ CNN أن الشركة أزالت محتوى تجنيد المجرمين في السويد عندما تم اكتشافه في أغسطس، وأن المشرفين واصلوا إزالة المحاولات الجديدة. وأضاف المتحدث أن الشركة تلتزم بمحتوى الاتحاد الأوروبي.

وأكد علماء الجريمة وخبراء مكافحة الإرهاب والأخصائيون الاجتماعيون لشبكة CNN أن تطبيع عنف العصابات على وسائل التواصل الاجتماعي يخلق حلقة مفرغة خطيرة تُمجّد فيها الجريمة، مضيفين أن الأطفال غالبًا ما يُستدرجون عبر الإنترنت بشكل فوري.

وقال محجب، في إشارة إلى المنشورات الإلكترونية التي تعرض فيها العصابات المال مقابل ارتكاب الجرائم: "هؤلاء الأطفال يصورون كل شيء. يلتقطون صورًا لأنفسهم مع ذلك المسدس ويرسلونها إلى أصدقائهم، كما تعلمون، قبل إطلاق النار أو بعده، ويتفاخرون بذلك لأنهم يعلمون أنهم يكتسبون مكانة اجتماعية من خلال هذه الإعلانات".

ويُثير تعرّض الأطفال للمحتوى العنيف عبر الإنترنت قلق السلطات الأوروبية على نطاق أوسع.

وقالت آنا سيوبرغ، رئيسة المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب التابع لليوروبول: "تتشكل مجموعات من الأفراد، غالبًا صغار السن، عبر الإنترنت حول روايات العنف، بدلاً من الأيديولوجيات".

وأضافت: "يتبادلون محتوى عنيفًا وخيالاتٍ حول كيفية ممارسة العنف، وهذا التأثر بالروايات العنيفة يجعلهم مصدر تجنيدٍ مربح للمنظمات الإرهابية أو جماعات الجريمة المنظمة".

"سأترك له ملابسًا أنيقة".

وفي شهادته، قال الفتى البالغ من العمر 15 عامًا من فاستيراس، والذي أُلقي القبض عليه في طريقه إلى السفارة الإسرائيلية، إنه اعتقد في البداية أن المهمة في مايو الماضي هي نقل القنب، وأنه شعر "بالخداع والغضب" عندما طُلب منه حمل سلاح.

وادعى أنه قبل ثلاثة أيام فقط، سُئل عما إذا كان سينفذ عملية سطو على السفارة الإسرائيلية، ورفض لطبيعتها السياسية، مضيفًا أنه لم يكن يعرف إلى أين سيذهب تلك الليلة إلا عندما استقل سيارة أوبر.

وقال شقيق الفتى البالغ من العمر 14 عامًا، والذي اعتُقل لإطلاقه النار بالقرب من السفارة في اليوم التالي، إنه لم يعتقد أن شقيقه "قادر" على تنفيذ الهجوم المزعوم، وفقًا لتسجيل صوتي طلبته الشرطة السويدية عقب الحادثة، ومُدرج في وثائق المحكمة.

وتُشير المكالمات الهاتفية إلى مدى بساطة المكافآت على ارتكاب مثل هذه الجرائم الخطيرة.

وفي إحدى المحادثات المُسجلة، سُمع شقيق الصبي وهو يُخبر متصلًا مجهولًا أنه استلم المال وأخفاه. "أستلم نصيبي. (هو) لديه نصيبه. نعم. عندما أزوره في (المجلس الوطني السويدي للرعاية المؤسسية)، أترك له ملابس وأغراضًا رائعة. أشياء يريدها".

وعثرت الشرطة على هاتف شقيقه، في ملفات محذوفة، على صورة لشخصين مُقنعين يقفان مع مبلغ كبير من المال، يحملان أكوامًا كبيرة من الأوراق النقدية من فئة 500 كرونة (حوالي 50 دولارًا).

وفي محادثة أخرى، كرر مخاوفه على أخيه الأصغر، وحاول متحدث مجهول طمأنته. قال: "لا، ولكن سيتم رفضه تلقائيًا. أعني، لا يزال من الممكن وضعه في مركز إعادة تأهيل أو شيء من هذا القبيل... لكنه لن يحصل على أي علامات في سجلاته".

زأكد أخصائيون اجتماعيون تحدثت إليهم شبكة CNN على أنه يجب اعتبار الأطفال المجندين في العصابات ضحايا لنظام فشل في حمايتهم، وليسوا مجرمين. وقالوا إنه بدون تدخل قوي، سيظل الأطفال معرضين لخطر المزيد من الاستغلال، عالقين في دوامة من العنف.

ومباشرة بعد اعتقاله، وهو جالس في سيارة الدورية، أخبر الفتى البالغ من العمر 15 عامًا أحد ضباط الشرطة أن الوقت قد فات عليه للخروج من العصابة، وقال، وفقًا لتقرير الشرطة: "سيجدونك أينما كنت"، مضيفًا أن العنف في السويد سيزداد سوءًا.

سي ان ان المصدر: سي ان ان
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا