قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنه أبلغ أعضاء مجلس الأمن رسميًا بوقف تعاون إسرائيل مع الأونروا خلال 48 ساعة.
وتستعد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) لوقف عملياتها بمقرها في القدس المحتلة مع دخول الحظر الإسرائيلي على الوكالة… pic.twitter.com/SGPr9X0Eec
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 29, 2025
القدس المحتلة- تؤلم ملايين اللاجئين داخل فلسطين وخارجها خطوة إيقاف كافة أنشطة وخدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وإغلاق مقرها في القدس بأمر من الاحتلال الإسرائيلي.
ومع إغلاق المقر في حي الشيخ جراح بالمدينة المحتلة، انطلقت إعلانات تدعو المستوطنين للاحتفال بهذه الخطوة أمام مقر الوكالة، ويعتبر أرييه كينغ نائب رئيس بلدية الاحتلال أبرز قادة الحراك المناهض لوجود الأونروا في القدس.
وخلال دعوته الجمهور للتجمع يوم الخميس في تمام 11 صباحا للاحتفال أمام المقر، وصف كينغ نفسه عبر صفحته على موقع فيسبوك بـ"الناشط ضد الأونروا في القدس لسنوات" وطلب من المستوطنين تلبية دعوته والاحتشاد من أجل شكر أعضاء الكنيست الذين مرروا قانونين أفضيا نهاية المطاف إلى إنهاء وجود هذه الوكالة بالمدينة المحتلة.
التقرير التالي يجيب عن أسئلة أساسية تتعلق بالأونروا ودورها وأهميتها وضرر إغلاقها.
في أعقاب حرب عام 1948 أُسست الأونروا بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر/كانون الأول 1949 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين، وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من مايو/أيار 1950.
ووفقا للموقع الإلكتروني للأونروا فإنه في ظل غياب حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، عملت الجمعية العامة للأمم المتحدة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الوكالة، وكان آخرها تمديد عمل الأونروا حتى 30 يونيو/حزيران 2026.
وعندما بدأت الوكالة عملها عام 1950، كانت تستجيب لاحتياجات نحو 750 ألف لاجئ فلسطيني، واليوم فإن حوالي 5 ملايين و900 ألف لاجئ يحق لهم الحصول على خدمات الأونروا، أكثر من 100 ألف منهم في القدس، و850 ألفا في الضفة.
حسب موقع الأونروا الإلكتروني فإن الوكالة تعمل في مجال التنمية البشرية والخدمات الإنسانية، وتشمل التعليم الابتدائي والمهني والرعاية الصحية الأولية، وشبكة الأمان الاجتماعي والدعم والبنية التحتية وتحسين المخيمات بالإضافة لخدمة الإقراض الصغير والاستجابة الطارئة.
وتورد الوكالة الدولية على موقعها أرقاما حول الخدمات التي تقدمها وهي كالآتي:
تعمل وكالة الأونروا في كل من الضفة والقطاع وسوريا ولبنان والأردن، وتطلق على هذه الأماكن مناطق عملياتها الخمس.
ويقع تحت مسؤوليات الأونروا 58 مخيما للاجئين الفلسطينيين، وهي موزعة على النحو الآتي: 19 مخيما بالضفة، 12 مخيما بلبنان، 10 مخيمات بالأردن، 9 مخيمات في سوريا، 8 مخيمات بالقطاع.
في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024 صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة على قانونين يمنعان الأونروا من ممارسة أي أنشطة لها داخل "المناطق الخاضعة للسيادة الإسرائيلية" وسحب الامتيازات والتسهيلات منها ومنع إجراء أي اتصال رسمي إسرائيلي بها.
وقد صوت لصالح القانون الأول 92 عضو كنيست وعارضه 10 أعضاء، ويُلزم الوكالة الدولية بعدم تشغيل أي ممثلية، وعدم تزويد أي خدمات أو أي أنشطة بشكل مباشر أو غير مباشر من داخل "المناطق السيادية لإسرائيل".
أما القانون الثاني فصوت إلى جانبه 87 عضو كنيست وعارضه 9 أعضاء، وينص على عدم سريان امتيازات حصلت عليها الوكالة بموجب الرسائل المتبادلة بينها وبين إسرائيل عام 1967 والتي تتناول موضوع التسهيلات التي أقرتها حكومة إسرائيل بما يخص وظائف الأونروا، كما ينص على عدم إجراء أي سلطة من سلطات إسرائيل أي اتصال مع الأونروا ومع أي جهة من قبلها.
يرى نضال العزّة مدير مركز بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين أن الحملة الهادفة لتفكيك الأونروا وإنهاء وجودها تكثفت بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وأصبحت لاحقا من القضايا الدائمة على أجندة مؤتمر "هرتزليا" السنوي للتخطيط الإستراتيجي الإسرائيلي الذي انطلق عام 2000.
ويبحث هذا المؤتمر السياسات الأمنية والدفاعية والعلاقات الخارجية لإسرائيل، ويشارك فيه باحثون وسياسيون وأكاديميون ومتخصصون من داخل إسرائيل وخارجها، ويؤكد العزّة أنه منذ عام 2003 باتت آليات تصفية الأونروا تناقش بشكل سنوي في هذا المؤتمر.
وأكد العزّة -بحديث سابق للجزيرة نت- أن حملات التصفية تدرجت من التشكيك في كفاءة الوكالة وأدائها، ثم انتقلت إلى مرحلة شيطنتها واتهامها بالإرهاب، فالعمل على نقل صلاحياتها إلى مؤسسات دولية ومحلية غير مكلفة من قبل الأمم المتحدة، إلى أن وصل الحال أخيرا إلى اتهام الأونروا بعدم الحيادية والمشاركة بالإرهاب خلال أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وما تبعها.
وفي فترة الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، أصبح قرار تصفية وتجفيف مصادر تمويل الأونروا واضحا، وتزامن ذلك مع حملات تحريض قادها مسؤولون إسرائيليون على مدار السنوات الماضية وصولا إلى المصادقة على قانونين بالكنيست أحدهما يحظر نشاط الوكالة في "إسرائيل" والآخر يحظر أي اتصال معها.
ويكمن الخطر الإستراتيجي المترتب على حظر عمل الأونروا في إسقاط المسؤولية الدولية عن اللاجئين الفلسطينيين وتصفية قضيتهم، وبالتالي يُزاح العبء عن المجتمع الدولي تجاه اللاجئين الموجودين خارج فلسطين، وتُرفع الحماية عن اللاجئين الذين يعيشون داخلها.
الأونروا تستعد لوقف عملياتها بالقدس بعد الحظر الإسرائيلي: تستعد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) إغلاق مقرها في القدس مع دخول الحظر الإسرائيلي على الوكالة حيز التنفيذ يوم الخميس. https://t.co/LoQZeWq5GT
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) January 28, 2025
وفقا لسامي مشعشع الخبير في شؤون المنظمات الدولية والإعلام، والناطق الرسمي السابق باسم الأونروا، فإن هذه الوكالة الدولية لم تنجح في التغلب على الحملات الإسرائيلية ضدها، رغم أنه منذ عام 2000 بات واضحا أن مراكز الأبحاث الإسرائيلية وبعض الصحفيين طوروا خطة ممولة تمويلا كبيرا من أجل شيطنة الوكالة وربطها بالإرهاب، وكانوا مدركين منذ اليوم الأول أن الهدف مزدوج: تثبيت القدس عاصمة موحدة بشطريها لإسرائيل، وطرد أونروا من القدس ليكون ذلك مدخلا لإضعاف حق العودة.
وفشلت هذه المحاولات في الماضي -وفقا للخبير مشعشع- لأن المجتمع الدولي وقف لها بالمرصاد بدعمه للوكالة الدولية، كما أن الوكالة كانت تمتلك خطة قوية للرد على كل اتهام بعد توثيق وفضح كل محاولات الشيطنة، وساعد ذلك في الإبقاء على دعم الدول المتبرعة والدعم السياسي للأونروا.
والآن هناك تراجع في رد الوكالة من ناحية واشتداد للهجمة عليها من جهة أخرى، والواقع يقول اليوم -وفقا لمشعشع- إن إسرائيل نجحت في حشد عدد من الدول لإيقاف دعمها للأونروا وهناك دول أخرى بدأت تقتنع بأن الوكالة شيطان رجيم، بادعاء أنها تدعم الإرهاب وتحرض على العنف، في ظل غياب الخطط والتنسيق من الأمم المتحدة أو الجهاز الرسمي الفلسطيني، وينحصر دور الجانبين في دائرة الشجب والاستنكار والإشارة إلى المخاطر دون أن يكون هناك خطة عمل واضحة للتحرك.
ما مصير طلبة مدارس "أونروا" بالقدس بعد حظرها؟: وفق بيانات وكالة “أونروا” يدرس أكثر من 1800 طالب وطالبة في 7 مؤسسات تعليمية تابعة لها داخل حدود بلدية القدس، في حين تسعى البلدية إلى ضمهم لمدارسها بعد حظر الوكالة. https://t.co/jmXqMvlN2v
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) December 21, 2024
تتلقى الأونروا-وفقا لموقعها الإلكتروني-دعما من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما في ذلك الحكومات الإقليمية والاتحاد الأوروبي، وتمثل هذه المصادر مجتمعة ما يقرب من 92.6% من المساهمات المالية للوكالة.
يعمل نحو 550 موظفا وموظفة في مكتب الوكالة بالقدس، ونصف هؤلاء يحملون هوية الضفة الغربية الفلسطينية الخضراء، ومنعوا منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 من الوصول إلى مكاتبهم، واضطروا للعمل من أماكن مختلفة بالضفة.
ومع إغلاق مقر الرئاسة سيكون مصير الموظفين المقدسيين وغيرهم قاتما والمستقبل المهني لهؤلاء مجهولا بسبب الضائقة المالية الكبيرة التي تعاني منها الوكالة الدولية التي ستحرص على استيعاب بعض الموظفين في الضفة، لكن السواد الأعظم منهم سيصار إلى إنهاء خدماتهم.
ويلاحق كابوس فقدان الأمان الوظيفي المعلمين والإداريين في مدارس الوكالة بالقدس، كما يلاحق الأطباء والممرضين وغيرهم من الموظفين في عيادة "الزاوية" التابعة للأونروا في البلدة القديمة.
وفي القدس يترقب هؤلاء اليوم الأول بعد الإغلاق وما سيحدث في أماكن عملهم، وما إذا كانت قوات الاحتلال في القدس ستمنع معلمي الوكالة من الدخول إلى الصفوف الدراسية التي يتلقى 1100 طالب وطالبة تعليمهم فيها، وما إذا كانت ستقتحم عيادة الزاوية وتوقف العمل فيها بقوة السلاح متجاهلة لافتة وضعت على مدخل العيادة تمنع دخولها بالسلاح كونها تتمتع بالحصانة التي تتمتع بها كافة المؤسسات الدولية.