في عرض الصحف اليوم، نتناول ردود فعل إسرائيلية وفلسطينية حول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة والإفراج المتبادل عن الرهائن والسجناء بين إسرائيل وحركة حماس، بالإضافة إلى الوضع السياسي لنتنياهو بعد قبول الاتفاق.
ونبدأ بما كتبه جدعون ليفي، في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، تحت عنوان "نعتقد أننا متحدون".
ويستعرض ليفي في غُرة مقالته اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل وعملية تبادل الرهائن والسجناء، ويعرج على ما حصل السبت عند إطلاق أربع مجندات إسرائيليات واصفاً ما حدث "احتفالات كاذبة بالنصر".
وقال ليفي: "لم تعد الجنديات الأربع المختطفات إلى بيوتهن يوم السبت فحسب، بل عادت البلاد كلها إلى نفسها، إلى تجميل الذات، إلى التضامن الخادع، إلى الاحتفالات الكاذبة بالنصر، إلى التطرف القومي والتحريض".
ورأى الكاتب أن ما حصل يوم السبت عند إطلاق سراح المجندات كذب ووهم، وقال: "لقد كُذّبنا يوم السبت، لقد تحطمت كذبة النصر الكامل على حماس، في ضوء قيام حماس المنظمة المسلحة، صاحبة السيادة في غزة، بإقامة احتفال تحرير على مسرح مع بعض التفاصيل الأخرى".
"إذا كان هناك أي نصر في الأفق يوم السبت، فهو انتصار لمنظمة نهضت من الرماد والأنقاض بعد 16 شهراً من الغارات الجوية والقتل والدمار، وما زالت قائمة"، وفق ليفي.
طرح الكاتب سؤالاً عن القيمة التي يعطيها جنود إسرائيل وطياروها إلى الحياة البشرية قائلاً "لا يوجد في إسرائيل ما هو أرخص من حياة الفلسطيني، في الحرب وفي الحياة اليومية".
ويقول ليفي إنه "وبعد مقتل 50 ألف شخص على يد قوات الجيش الإسرائيلي، معظمهم من الأبرياء، فلا جدوى من إهدار الكلمات على هذه الفكرة، فإسرائيل لا تقدس حياة أبنائها مع مقتل أكثر من 800 جندي في الحرب، فإنها بالتأكيد لا تقدس حياة أي إنسان".
وأشار إلى "تزوير التضامن بشكل مثير للغثيان يوم السبت، إن وضع شريط أصفر (المخصص للتضامن مع الرهائن) على سيارة لا يعتبر تضامناً، هل يهتم الإسرائيليون ببعضهم البعض؟ لا بد أنك تمزح، سافر على الطرق السريعة، و قف في الطوابير، هذا ليس تضامناً أو رعاية متبادلة، إنه حكم الأقوياء؛ كل شخص لنفسه، ولا يمكن لأي كلمات نبيلة أن تخفي هذا الواقع".
وأوضح أن "إسرائيل احتفلت بعودة أربع رهائن يوم السبت، كانت الفرحة صادقة ومؤثرة وغامرة، لكن المكياج كان رديئاً، والديكورات رخيصة، والأشياء المبتذلة تذكرنا بأفلام بوليوود، ولو كان الاحتفال أكثر صدقاً وأقل كذباً لكان أكثر اكتمالاً".
وننتقل إلى صحيفة نيويورك تايمز، ونطالع فيها مقالاً كتبه نيكولاس كريستوف، تحت عنوان "غزة الحبيبة رحلت".
وقال الكاتب إنه على مدار حرب غزة، كان يستشهد أحياناً بأقوال أحد علماء اللغويات في غزة، وهو محمد الشناط، الذي لا يتفق مع حماس.
وأشار كريستوف إلى أن الشناط في كتاباته قبل الحرب، كان معجباً بالديمقراطية الغربية، ويدين التفجيرات الانتحارية، ويتوق إلى أن يعيش العرب واليهود في سلام ووئام، ومع وقف إطلاق النار، بينما يحاول الآن استعادة جثث أقاربه ودفنها.
"غزة الحبيبة رحلت"، هكذا كتب الشناط باللغة الإنجليزية، مضيفاً أن الناجين يحسدون الموتى: "ليس عليهم أن يروا ذلك".
وأوضح الكاتب أنه يتفهم حزن هذا الرجل المنهك بعد شهور من الجوع والتشرد ورؤية ابنه مصاباً، مؤكداً أن "وقف إطلاق النار أمر مرحب به، ولكن لا يوجد طريق واضح للمضي قدماً ولا يوجد ما يستحق الاحتفال به".
وتساءل كريستوف "ما الذي حققته كل هذه الحرب؟"، ويجيب قائلاً: "لقد تدهورت قوة حماس عسكرياً، ولكنها ما زالت في السلطة وتستمر في احتجاز الرهائن الإسرائيليين، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق زعماء إسرائيليين وحماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وتعرض آلاف الأطفال الفلسطينيين للبتر، وقُتل 377 عامل إغاثة، ويبدو أن الكأس المقدسة للسلام المستدام في الشرق الأوسط لم تعد قريبة".
"اليوم، يبدو أن حماس في غزة تحت سيطرة محمد السنوار، الشقيق الأصغر ليحيى السنوار، زعيم حماس الذي قتلته إسرائيل، ويقوم ضباط حماس بدوريات في شوارع غزة مرة أخرى"، واستشهد بما كتبه زملاؤه في الصحيفة: "لم يكن مظهر المسلحين يوحي بأنهم في آخر أيامهم: فقد بدوا وكأنهم يرتدون زياً نظيفاً، وفي حالة جيدة ويقودون سيارات لائقة".
وقال كريستوف: "لقد أدى تبادل الجانبان نزع الصفة الإنسانية عن كل طرف إلى استنتاج مفاده أن الشيء الوحيد الذي يفهمه الطرف الآخر هو القوة الغاشمة، لذا فقد انخرط كل من الطرفين في أعمال عنف مروعة، مع وجود روايات موثوقة عن التعذيب والاغتصاب والفظائع التي ارتكبها كل جانب".
"الآن لدينا وقف لإطلاق النار، ولكن هل هذا أكثر من مجرد وقف إطلاق نار؟ أنا عادة ما أجوب السوق بحثاً عن الأمل، ولكنني أجد صعوبة في التفاؤل بشأن السلام في الشرق الأوسط"، يضيف الكاتب.
وأبدى كريستوف تخوفاً من عدم الوصول إلى المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق وقف إطلاق النار، "تماماً كما لم نصل إلى نهاية عملية السلام في أوسلو"، وقال: "وفي الوقت نفسه، أرجأ المفاوضون بشأن غزة القضايا الأكثر تعقيداً إلى مراحل لاحقة من هذا الاتفاق. وهذا ما يفعله المفاوضون في الشرق الأوسط دائماً، لأن هذا هو السبيل الوحيد للوصول إلى أي مكان".
ونختتم جولتنا بمقال للكاتب حمادة فراعنة، في صحيفة القدس الفلسطينية، تحت عنوان "مأزق نتنياهو وهزيمته".
ويرى الكاتب أن "نتنياهو بات مهزوزاً، متناقضاً بين أفعاله وتحالفاته، ومشاريعه السياسية متعارضة، فهو من ناحية يقع أسيراً بين حراكات الشارع الإسرائيلي المطالبة باستمرار وقف إطلاق النار، وتنفيذ خطوات صفقة التهدئة وإطلاق سراح الأسرى، وفق معادلة التبادل".
من جانب آخر، يقول فراعنة إن "نتنياهو يتعرض لضغوط داخلية من أحزاب الائتلاف اليمينية والدينية المتطرفة برفض وقف إطلاق النار، ورفض تبادل الأسرى، ومواصلة الحرب، ومن جهة ثالثة، يواجه المؤسسة العسكرية والأمنية التي تتقدم قياداتها بالاستقالة، احتجاجاً أو تقصيراً أو رغبة في أولويات غير تلك التي تطالب بها أحزاب الائتلاف الحكومية".
وأوضح أن "جنرالات الحرب الإسرائيليين يستقيلون الواحد بعد الآخر، أو كما تقول أوساطهم الصحفية يتساقط الواحد منهم بعد الآخر، على خلفية الإخفاقات، فقد تعرضوا لإخفاق غير مسبوق يوم السابع من أكتوبر/ تشرين أول عام 2023، شكلت صدمة أو مفاجأة لم تكن من قبل".
وأشار فراعنة إلى "رفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق مدنية وعسكرية، تحت حجة أنه ما زال في حالة الحرب، ولن تتوقف حتى يحقق النصر الكامل، ولكنه أخفق في تحقيق مراده، وزاد إخفاقه وتراكم مع وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الملطخة أياديهم بدماء اليهود، وفق وصف بن غفير الذي انسحب من الحكومة بسبب ذلك، وسموتريتش الذي يهدد بالانسحاب وإسقاط الحكومة على خلفية هذه النتائج".
ولفت الكاتب إلى "استعمال نتنياهو كل الذرائع والحجج للتهرب من تشكيل لجنة تحقيق رسمية ستؤدي إلى محاكمته بالتقصير، وسيتم الإطاحة به على خلفية التقصير يوم السابع من أكتوبر، كما حصل لجولدا مائير عام 1973، وكما حصل مع مناحيم بيغن عام 1982 على إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان".