تستمر العملية العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي في مدينة جنين ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة، لليوم الثالث على التوالي.
وأسفرت العملية حتى مساء الخميس عن مقتل 12 فلسطينياً، وإصابة 40 آخرين.
وتسببت العملية في نزوح المئات من مخيم جنين إلى البلدات والقرى المجاورة. وقال شهود عيان لبي بي سي إن الجيش الإسرائيلي يضع نقاط تفتيش في عدة مناطق بالمخيم، ويفحص هويات النازحين عن طريق بصمة العين وتدقيق الهويات الشخصية قبل السماح لهم بمغادرته.
ووثقت بي بي سي شهادات من النازحين وسكّان المناطق المحيطة بالمخيم، وصفوا فيها الأوضاع داخل المخيم في ظل استمرار العملية العسكرية، وظروف نزوحهم.
قال أحمد الحواشين، وهو أحد النازحين من مخيم جنين، لبي بي سي، إن أفراد عائلته خرجوا من منزلهم في مخيم جنين إلى منطقة أخرى داخل المخيم، لكن وبسبب "خطورة الأوضاع"، قرروا الانتقال إلى خارجه.
وأضاف الحواشين، أنهم توجهوا إلى المدخل الغربي لمخيم جنين، والمعروف بدوّار العودة، حيث وجدوا مركبة تتبع الهلال الأحمر الفلسطيني، وإلى جانبها ثكنة عسكرية للجيش الإسرائيلي داخل أحد المنازل، وأن طائرة مسيرة إسرائيلية بقيت تحوم فوقهم طوال مسيرهم باتجاه مدخل المخيم.
وقال إن الجيش الإسرائيلي طلب منهم فور وصولهم مدخل المخيم تقسيم أنفسهم إلى مجموعات مكونة من خمسة أشخاص، ثم صورهم بواسطة آلة تصوير؛ للتدقيق في هويات النازحين، و"تحديد المطلوبين منهم".
ووصفت نادين أبو شملة، وهي من سكان جنين، خلال حديثها مع بي بي سي، ما يحدث بمخيم جنين بـ "التهجير القسري"، وقالت إن خروج السكّان من المخيم، مسموح فقط خلال ساعات محددة من اليوم، وعبر طريق معينة تتمركز فيها القوات الإسرائيلية.
وأضافت أبو شملة أن هويات النازحين تخضع للتدقيق عند خروجهم من المخيم، و"يجري اعتقال أي أحد مشتبه به، أو الاعتداء عليه"، وفق تعبيرها.
وحول الظروف داخل المخيم، قالت أبو شملة، إن غالبية الأهالي غادروه بسبب عدم توفر الكهرباء والماء والغذاء.
وقال أحد النازحين، لبي بي سي، إنهم اضطروا للخروج بسبب "إطلاق النار والقصف"، وإنه رأى أثناء خروجه، رجلاً وامرأة يتعرضان للإصابة عند مدخل "حارة الدمج" داخل المخيم.
وقالت نازحة من المخيم لبي بي سي، إنه وبعد "إعطائهم مهلة للخروج من المخيم"، تجمع الأهالي ضمن مجموعات، واتجهوا نحو منطقة دوار العودة، حيث مدخل المخيم، وشاهدوا "آليات عسكرية، وكانت القوات الإسرائيلية تجري تحقيقاً ميدانياً، وتدقق في هويات النازحين".
وأضافت: "جرى اعتقال المطلوبين من النازحين، وخضع آخرون للتحقيق لبعض الوقت قبل الإفراج عنهم".
وقال نازح آخر لبي بي سي، إن الأهالي تجمعوا للخروج من المخيم بشكل جماعي، وكان من بينهم أطفال وكبار سن ومعاقون.
ووصف شاهد عيان لبي بي سي الأوضاع بالمخيم ومحيطه، بالقول: "نحن في الحقيقة محاصرون في بيوتنا، والخروج خارج المنازل غير آمن، ونعاني من انقطاع الكهرباء، وخدمات الإنترنت".
وأضاف: "كان دخول القوات الإسرائيلية مفاجئاً، لذلك لم يحظَ الأهالي بفرصة للذهاب والتزود بالمواد التموينية، ولم يكن أمامنا خيار سوى الذهاب إلى المنازل بأقصى سرعة. لدينا بعض المأكولات، لكن مع انقطاع الكهرباء وتوقف المبرّدات، ستصبح فاسدة خلال يومين".
وحول نزوح العائلات من مخيم جنين، قال شاهد العيان، إن الجيش الإسرائيلي "أفرغ المخيم"، وتقوم قواته بـ "تفتيش البيوت وإخراج سكانها منها".
وأضاف: "شاهدنا النازحين وهم يمرّون من أمام منازلنا متجهين إلى المناطق الريفية حول مدينة جنين".
وأشار شاهد العيان إلى أن المدارس في المنطقة مغلقة منذ شهر، بسبب "الحملة الأمنية التي شنتها أجهزة أمن السلطة في المخيم ومحيطه"، كما أن الطرق المؤدية إلى مستشفى جنين الحكومي مجرّفة، ومن الصعب الوصول إلى المستشفيات إلا عبر سيارات الإسعاف وبالتنسيق مع القوات الإسرائيلية.