في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
واشنطن- في مؤتمره الصحفي الثاني منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في 5 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب -الثلاثاء الماضي- رغبته في جعل جزيرة غرينلاند التابعة لمملكة الدانمارك وقناة بنما التابعة لجمهورية بنما جزءا من أميركا.
وعندما سئل عما إذا كان سيفكر في استخدام القوة العسكرية للقيام بذلك، رفض ترامب استبعاد ذلك. كما طرح فكرة استخدام "القوة الاقتصادية" لجعل كندا تنضم إلى الاتحاد الأميركي وتصبح الولاية رقم 51، وأعلن نيته تغيير اسم خليج المكسيك إلى خليج أميركا.
وأوضح ترامب أن رغبته في ضم هذه الأراضي تنبع من منطلقات اقتصادية بما توفره من موارد ضخمة مادية ومعدنية وبيئية، ومنطلقات عسكرية حيث تعد غرينلاند موطنا لمنشأة فضائية أميركية كبيرة، وقال إنها "ضرورية للجهود العسكرية لتعقب السفن الصينية والروسية المنتشرة في كل مكان" مؤكدا "أنا أتحدث عن حماية العالم الحر".
ينظر ترامب للعديد من قضايا العلاقات الدولية منطلقا من كونه مطورا عقاريا يؤمن بصفقات البيع والشراء حتى بين أراضي الدول المستقلة ذات السيادة. ولا يُعد استثناء بين الرؤساء الأميركيين من حيث رغبته في شراء المزيد من الأراضي لضمها للاتحاد الأميركي. ودائما ما واجهت هذه العمليات الضخمة جدلا مجتمعيا وقانونيا واسعا، وأبرزها:
وللتعليق، يقول خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك -للجزيرة نت- إنه "ربما يقول ترامب هذه الأشياء كتكتيك تفاوضي للاستفادة من التنازلات في أشياء مثل الصفقات التجارية والإنفاق الدفاعي لحلف شمال الأطلسي (الناتو)".
وتابع "من الصعب فصل طموحات ترامب الشخصية عن أجندة إدارته التي يعبئها بالموالين. وهناك تناقض بين النبرة العدوانية لتصريحاته بشأن السياسة الخارجية، وانعزالية جناحه في الحزب الجمهوري".
ومن جانبه، قال غريغوري كوغر أستاذ القانون والعلوم السياسية بجامعة ميامي -للجزيرة نت- إن ما يكرره ترامب من رغبته في توسع بقعة الأراضي الأميركية يعكس هدفين مشتركين:
وبعدما دخل التاريخ الأميركي من أوسع أبوابه بفوزه بالرئاسة فترتين غير متتاليتين، رغم إدانته جنائيا في عدة جرائم، يهتم ترامب خلال فترة رئاسته الثانية بدعم إرثه السياسي. ويتوقع الأكاديمي كوغر أن تعمل إدارة ترامب على أهداف سياسية محددة تجاه هذه الدول منها:
وبرأيه، لا يمكن لترامب إجبار هذه الدول على الانضمام إلى الولايات المتحدة أو استعادة السيطرة على قناة بنما.
وبدوره، اعتبر ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي (مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية) أنه "من الصعب معرفة من أين نبدأ في الرد على ما يقوله ترامب من سخافات. إن لديه نظرة تجارية للغاية للعالم والعلاقات بين الدول بشكل عام".
وأضاف "يبدو أنه يبني أفكاره حول استخدام القوة العسكرية من مصطلحات القرن الـ19. لقد بنى علامة تجارية حول مفهوم أن الولايات المتحدة تقع ضحية لدول أخرى، بما في ذلك حلفاؤها، ولا يحب أن يقال لها لا".
وحسب والين، فإن ترامب بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة يمكنه أن يقرر اتخاذ عمل عسكري لدعم أهدافه في بنما وغرينلاند، مع إدراكه احتمال مواجهة معارضة الكونغرس من خلال قانون سلطات الحرب، مؤكدا أنه "سيكون قرارا سيئا للغاية ينتهك المبادئ التي عملت واشنطن على بنائها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ويقوض الخطاب الأخلاقي الأميركي ضد القوى التوسعية".
ويضيف أن ترامب يميل أيضا إلى إطلاق، وبشكل عشوائي، الأفكار الاستفزازية التي تتعارض مع المألوف وتعمل خارج الحكمة التقليدية من أجل إبعاد الجميع على حين غرة وإلهام التنازلات التي قد تكون غير متوقعة، مستطردا "لكنني لا أرى جدوى من اختلاق الدراما والأزمات المحتملة عندما تكون هناك بالفعل قضايا كافية للتعامل معها في العالم".
يُذكر أن تصريحات ترامب جاءت في الوقت الذي زار فيه ابنه، دونالد ترامب الابن، غرينلاند. وقبل وصوله على متن طائرة خاصة إلى العاصمة نوك، قال إنه "ذاهب في رحلة شخصية ليوم واحد للتحدث إلى المواطنين" وإنه "لم يخطط لأي اجتماعات مع المسؤولين الحكوميين".
وعندما سُئلت رئيسة الوزراء الدانماركية ميتي فريدريكسن عن زيارة ترامب الابن، قالت للتلفزيون الدانماركي إن "غرينلاند ليست للبيع وهي تنتمي إلى سكانها المحليين الذين يمكنهم فقط تحديد مستقبلها" إلا أنها شددت على أن بلادها بحاجة إلى تعاون وثيق مع الولايات المتحدة حليفة الناتو.
ومن جانبها، لم ترفض مجلة إيكونوميست طرح ترامب بصورة مبدئية، بل قالت "إن احترام حق غرينلاند في تقرير المصير يعني احترام حق مواطنيها في النظر بمثل هذا العرض الذي يمكن طرحه للاستفتاء. ولكي يكون الاختيار حرا، سيتعين على ترامب التراجع عن تهديده باستخدام القوة، ثم يحاول وضع المغريات أمام مواطني غرينلاند".
وقال ستيفن سيستانوفيتش المسؤول السابق بالخارجية والخبير في مجلس العلاقات الخارجية والأستاذ الفخري بجامعة كولومبيا -للجزيرة نت- إنه إذا تمسك ترامب بالادعاءات التوسعية "فستصبح حتما جزءا من أجندة الإدارة، لكن كبار مستشاريه بالسياسة الخارجية لا بد أن يفكروا في هذا على أنه جنون رئاسي مع فرصة محدودة للنجاح".
وتساءل "مع وجود تكاليف عالية، وعمليا لا يوجد مردود حقيقي، هل سيخبرون ترامب بما يفكرون به حقا؟ ربما لا. هل سيعملون بجد لتحقيق أهدافه؟ أيضا مشكوك في ذلك جدا".