تسعى إسرائيل منذ 7 أكتوبر إلى فرض واقع جغرافي جديد في الشرق الأوسط، عبر استخدام القوة العسكرية والتهجير القسري لتحقيق رؤيتها لمشروع "إسرائيل الكبرى".
هذا التوجه بدأ واضحا في قطاع غزة، حيث عمدت إسرائيل إلى تقسيمه إلى ثلاثة محاور رئيسية، وفي لبنان، حيث تسعى إلى إعادة تشكيل الحدود الجنوبية بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
التقسيم والتشريط.. قطاع غزة نموذجا
تشير آخر التطورات الميدانية في غزة إلى سعي إسرائيل لتقسيم القطاع إلى ثلاثة أجزاء رئيسية:
وأوضح الخبير العسكري والاستراتيجي صالح المعايطة لـ"سكاي نيوز عربية" أن هذه المحاور تستخدم كخطوط إمداد للقوات الإسرائيلية، وتتحول تدريجيا إلى قواعد عسكرية محصنة.
وأشار إلى أن غزة باتت تعاني من "التشريط والإرهاب والتمزيق"، ما يعزز المخاوف من تقسيم دائم للقطاع تحت سيطرة إسرائيلية.
لبنان.. حدود جديدة وتوازن هش
في لبنان، تسعى إسرائيل إلى فك الارتباط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان، حيث تمثل الأهداف الإسرائيلية المعلنة إبعاد حزب الله شمال نهر الليطاني وتكليف الحكومة اللبنانية ببسط سيادتها جنوبا.
وأكد المعايطة أن إسرائيل تعمل على إنشاء خطوط أمان مشابهة لتلك الموجودة في غزة، مع التركيز على دفع قوات حزب الله بعيدا عن الحدود الدولية وتقويض قدراتها الصاروخية المتوسطة والقصيرة المدى.
وأشار إلى أن استمرار هشاشة وقف إطلاق النار في لبنان قد يتيح لإسرائيل التوسع جنوب الليطاني تحت ذرائع "تأمين الحدود".
التأثيرات الإقليمية والدولية
يشير المعايطة إلى أن إسرائيل تعتمد على استراتيجية متدرجة بدأت بـ"التقسيم"، مرورا بـ"التجزئة"، وصولًا إلى "التفتيت".
وأوضح أن سيطرة إسرائيل على محاور غزة تترجم ميدانيا إلى قدرة عسكرية أوسع، ما يهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها.
سيناريوهات المستقبل
بينما تمكنت إسرائيل من تحقيق تقدم ملحوظ في خططها الجغرافية والعسكرية، تبقى الأهداف بعيدة عن الاكتمال. فوقف إطلاق النار الحالي في غزة ولبنان قد يتحول إلى هدنة طويلة الأمد، مع احتفاظ إسرائيل بما تسميه "حرية العمل"، ما يعني إمكانية التدخل العسكري في أي وقت.
وفرض إسرائيل لواقع جغرافي جديد في الشرق الأوسط يضع المنطقة أمام تحديات غير مسبوقة. فهل ستتمكن من تحقيق حلمها الكبير أم أن مقاومة الشعوب ستُبقي هذه المخططات مجرد أحلام مؤجلة؟.