آخر الأخبار

توتر جديد بين الجزائر وباريس بعد "إحباط" مؤامرة استخبارية فرنسية

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

الجزائر- دخلت العلاقات الجزائرية الفرنسية منعرجا جديدا من التوتر بعدما استدعت وزارة الخارجية الجزائرية، سفير فرنسا لدى البلاد، ستيفان روماتيه، لإبلاغ باريس برفض السلطات القاطع لما اعتبرته محاولات متكررة لاستهداف سيادتها.

وحسب ما نقلته صحيفة "المجاهد" الجزائرية الحكومية عن مصادر دبلوماسية وصفتها بالموثوقة، يأتي استدعاء السفير الفرنسي في الجزائر في أعقاب ثبوت المشاركة المباشرة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية وضلوعها في مخططات تهدف إلى زعزعة استقرار الجزائر.

وشددت الجزائر وفقا للمصدر نفسه، على أن "الأفعال الاستفزازية الفرنسية لن تمر دون رد مناسب".

وفي أول رد رسمي على خلفية استدعاء سفيرها في الجزائر، قالت فرنسا على لسان وزير الشؤون الخارجية، جون نويل بارو، في حديث لإذاعة " فرانس إنتير" المحلية إن الاتهامات "غير مؤسسة، ونتأسف لذلك" دون الدخول في تفاصيل الموضوع، مؤكدا أنه على اتصال مع سفير بلاده.

ويأتي هذا التطور بعد أيام من إعلان مصالح الأمن الجزائري تمكنها من إحباط مؤامرة تقول إنها "من تخطيط المخابرات الفرنسية لزعزعة استقرار الجزائر عن طريق تجنيد شاب جزائري نشأ في المهجر لتحقيق غاياتها العدائية، غير أنه كان أكثر وعيا بالنشاط العدائي الذي كان وما زال يحاك ضد وطنه الجزائر".

إعلان

وتشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية توترا منذ إعلان فرنسا دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، وهو ما وصفته الجزائر بأنه تجاوز غير مسبوق من قبل أي حكومة فرنسية سابقة، وخفض تمثيلها الدبلوماسي مع باريس في يوليو/تموز الماضي، إلى جانب إلغاء الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، زيارته المبرمجة إلى فرنسا.

ويشن الإعلام الفرنسي مؤخرا هجوما على الجزائر على خلفية اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، في الجزائر بتهمة الاعتداء على أمن الدولة، ما اعتبرته وكالة الأنباء الجزائرية دليلا إضافيا على "وجود تيار حاقد على الجزائر، وهو لوبي لا يفوت فرصة التشكيك في السيادة الجزائرية".

مصدر الصورة ألغى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارته المبرمجة إلى فرنسا في يوليو/تموز الماضي (الرئاسة الجزائرية)

المخطط

وبث التلفزيون الجزائري وقناة الجزائر الدولية الحكومية وثائقيا يتناول اعترافات الشاب محمد أمين عيساوي، عن محاولة المخابرات الفرنسية تجنيده لصالحها.

وحسب تصريحات عيساوي في الوثائقي، فقد استغلت المخابرات الفرنسية التجربة المرّة التي عاشها في وقت سابق بعدما تم استدراجه ليلتحق من أوروبا حيث نشأ وترعرع رفقة أهله بتنظيم الدولة في سوريا والعراق قبل أن يتم اعتقاله وينقل إلى تركيا، ثم يرحل إلى الجزائر ويقضي محكومية 3 سنوات سجنا انقضت سنة 2019 ليعود بعدها تدريجيا إلى حياته الطبيعية.

وقال إنه تلقى سنة 2022 اتصالا هاتفيا يدعي مساعدته لتدارك تصنيف ملفه لدى وزارة الدفاع الفرنسية ضمن الملفات السوداء مما يسمح بعودته إلى أوروبا، من قبل جمعية "أرتميس" التي سبق لها أن قامت بعمليات تقرب من جزائريين أصحاب قضايا ذات طابع إرهابي مقيمين في فرنسا.

وأورد الوثائقي أن كل ما كان يحدث مع أمين كان محل مراقبة، حيث رصدت الصور الملتقطة القاء الأول الذي جمعه بمصالح الاستخبارات الفرنسية تحت غطاء جمعية "أرتميس" في أبريل/نيسان 2023 بالجزائر العاصمة وكان الشخص الذي التقاه موظفا تابعا للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية ويشغل منصب سكرتير أول على مستوى السفارة الفرنسية بالجزائر.

إعلان

وقال إن العميل الفرنسي اصطحبه مباشرة إلى المركز الثقافي الفرنسي، حيث جرت بينهما محادثة مطولة قبل أن يكشف له أنه عنصر من المخابرات الفرنسية.

وتواصلت مصالح الأمن الوطني مع الشاب وزودته بتعليمات لمواصلة العمل مع الجهات الفرنسية وإعلامها بكل الاتصالات والرسائل المتبادلة عبر تطبيق الواتساب.

وأكد المعني أنهم أرادوا إرساله إلى النيجر، كما طلبوا منه التقرب من المتطرفين في الجزائر العاصمة وكسب ثقتهم قصد إنشاء جماعة إرهابية يترأسها دون الكشف عمن يقف وراءها، متعهدة بتزويدهم بالأسلحة الضرورية في نشاطهم من خارج الجزائر، كما طلبوا منه تحديد أماكن وجود كاميرات المراقبة ودوريات الشرطة بالزي المدني وغيرها.

عملية استهداف

ووصف الخبير الأمني، أحمد ميزاب، ما كشفت عنه الأجهزة الأمنية الجزائرية بـ"عملية استهداف قوبلت بيقظة أمنية وعمل استخباراتي بامتياز، خاصة مع وجود أدلة وبراهين".

وأكد ميزاب في حديثه للجزيرة نت، أن فرنسا ما زالت تعتمد على شبكات تقليدية لتنفيذ أجندات معينة، لكنها فشلت في تقييم التطور الكبير في المنظومة الأمنية الجزائرية التي تعتمد على رصد التحركات الاستخباراتية المشبوهة والأنشطة التخريبية قبل تنفيذها.

واعتبر الخبير الأمني أن خطوة الجزائر في استدعاء السفير الفرنسي وتقديم أدلة عن المشاركة المباشرة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية وضلوعها في مخططات تهدف إلى زعزعة استقرار الجزائر "خطوة دبلوماسية محسوبة تهدف لإحراج فرنسا على الساحة الدولية وتوثيق التدخلات الأجنبية أمام الرأي العام الدولي".

وكشفت وزارة الدفاع الجزائرية في أغسطس/آب الماضي، عن تواطؤ مصالح استخباراتية أجنبية في مخطط حاولت جماعة "الماك" المدرجة محليا على لوائح الإرهاب تنفيذه في الجزائر، عن طريق محاولة إدخال أسلحة بمدينة بجاية قادمة من ميناء مارسيليا الفرنسي.

إعلان

ويعلق ميزاب على ذلك بالقول إن "ميناء مارسيليا معروف تاريخيا بأنه نقطة سوداء ومركز عبور وتصدير أسلحة، وهذا يدفعنا لتأكيد ضلوع الأجهزة الفرنسية بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه المسألة، في محاولة لاستنساخ سيناريوهات الفوضى"، مشيرا إلى أن بيئة الجزائر لا تسمح بذلك.

من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية، عبد القادر سوفي، إن إبلاغ السفير الفرنسي بمدى خطورة الوقائع المثبتة جاء مدعوما بأدلة لا تقبل الشك، وإن استغلال المقرات الدبلوماسية من قبل الأجهزة الاستخباراتية يمثل تهديدا مباشرا لأمن الدولة، كما يعتبر انتهاكا صارخا للقوانين الدولية.

ويؤكد استاذ العلوم السياسية في حديثه للجزيرة نت أن هذه التصرفات من منظور الواقعية تتجاوز الريب إلى خانة الفعل العدائي الذي تعبر عنه الوسائل المستخدمة لزعزعة الاستقرار وضرب المصالح الجزائرية، خاصة أن الخارجية الجزائرية هيئة رسمية لا تفتح القضية بدون وجود أدلة، وهذا ما يؤكد مقولة الجزائر في وصفها هذه التصرفات بأنها "اعتداء على سيادتها".

نفاد الصبر

واعتبر سوفي أن تأكيد الجزائر على أهمية أن تتخذ فرنسا خطوات فعلية لوقف التصرفات العدائية التي تضر بالعلاقات الثنائية، والدعوة إلى ضرورة الالتزام بالأعراف والقوانين الدولية واحترام السيادة إنما هو نابع من رشد العقل الجزائري وسعة الصدر الرحب ونفاد الصبر إزاء تصرفات تجاوزت كل الخطوط بعيدا عن حدود المعقول المسموح بها.

وأكد أن تحقيق الاستقرار في المنطقة يتطلب تعاونًا إيجابيًا، وليس تصعيدًا يعمق الفجوات بين البلدين.

ويصف الإعلامي والمحلل السياسي، عبد النور تومي، أن استدعاء السفير رسالة قوية إلى باريس قد يكون لها تأثير كبير في العلاقات ما بين البلدين.

وقال تومي في حديثه مع الجزيرة نت، إن التطورات الأخيرة بين الجزائر وباريس تمثل منعرجا خطيرا في مسار العلاقات بعد مرورها بمرحلة معقدة خلال السنوات والأشهر القليلة الماضية، رغم محاولات التقارب بين الجانبين.

إعلان

وأرجع المحلل السياسي، توتر العلاقات إلى إعلام اليمين المتطرف المقرب من اللوبي الصهيوني، والذي ما زال يبالغ في سرديته بخصوص السلطات الجزائرية بالتزامن مع الأزمة السياسية التي تعيشها فرنسا، مما أثر على سياستها تجاه الجزائر.

وتطرق إلى إمكانية قطع العلاقات بين الجانبين الجزائري والفرنسي إن واصلت فرنسا القيام بمثل هذه الأفعال، إلى جانب تواصل الحملة الإعلامية الفرنسية الممنهجة ضد الجزائر وتدخلها في الشأن الداخلي للبلاد.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



إقرأ أيضا