نفت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس الصور ما يتم تداوله لصورة شخص قيل إنه خرج من أحد السجون السورية، وأنها للمطران بولس يازجي، مطران أبرشية حلب للروم الأرثوذكس، المختفي منذ 11 عاماً.
جاء هذا ردا على الأخبار التي انتشرت مؤخرا حول العثور على المطران يازجي، في أحد السجون السورية عقب سقوط نظام بشار الأسد، وذلك بعد سنوات من الغموض الذي أحاط بمصيره وكان معه مطران حلب للسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم، بعد اختطافهما عام 2013 أثناء قيامهما بمهام إنسانية في سوريا.
وقالت البطريركية في البيان: " أن ما يتم تداوله عارٍ من الصحة وأن الشخص المشار إليه ليس المطران بولس يازجي".
وأضافت أن البطريركية قامت بتقصي الحقائق بشكل مباشر والتعرف على الشخص المعني في المستشفى ومعاينته بشكل دقيق طبيا وعلميا، وتأكدت "أنه ليس المطران المفقود".
وشددت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، على أنها تضع هذا الملف في "مقدمة اهتماماتها"، ودعت أبناءها إلى الاعتماد على "مصادر موثوقة" لتجنب انتشار الأخبار الكاذبة التي قد تزيد من معاناة الأسر المسيحية.
وذكرت تقارير إعلامية لبنانية أن الشخص الذي انتشرت صورته ليس المطران المفقود، ولكنها لمسن لبناني يدعى "محمد قباني"، من بيروت، وكان يتلقى العلاج في مستشفى بيسان بحمص، ولم يكن معتقلا في سجن عدرا في سوريا.
ويعد المطران يازجي نموذجا للمأساة المستمرة في سوريا طوال سنوات الحرب الأهلية، والتي أدت إلى وجود آلاف المفقودين ولم يتم العثور عليهم حتى الآن منذ سقوط نظام بشار الأسد.
تمتع المطران بولس يازجي، بمكانة دينية بارزة في سوريا والعالم المسيحي، نظرا لإسهاماته الكبيرة في تعزيز الحوار بين الأديان وخدمته للشباب والمجتمع، ومنذ انتخابه متروبوليتا لحلب، كان يدعو للتعايش السلمي بين الطوائف المختلفة.
هو من مواليد مدينة اللاذقية على الساحل السوري لعائلة مسيحية متدينة، عام 1959، وحصل على شهادة الهندسة المدنية من جامعة تشرين السورية، قبل أن يقرر التوجه لدارسة العلوم الدينية اللاهوتية في جامعة سالونيكي في اليونان.
حصل على الماجستير في اللاهوت عام 1989، ثم الدكتوراه عام 1992 بإمتياز، ليبدأ حياته الكنسية بتدريس مواد اللاهوت في جامعة البلمند بلبنان، ووصل إلى منصب عميد كلية اللاهوت.
انتُخب يازجي مطرانا لحلب، عام 2000، وأصبح من الشخصيات المؤثرة في الكنيسة الأرثوذكسية في سوريا.
مع اندلاع الأزمة السورية، قرر المطران يازجي تكثيف العمل الإنساني ومساعدة المتضررين من الأحداث.
وفي يوم الاثنين 22 أبريل/نيسان 2013، اعترضت مجموعة مسلحة مجهولة سيارة المطران يازجي وكان معه المطران يوحنا إبراهيم، أثناء قيامهما بمهمة إنسانية في محافظة حلب بشمال سوريا، واختفى أثرهما منذ ذلك الوقت.
وأعلنت الحكومة السورية وقتها أن "مجموعة إرهابية مسلحة" اختطفت المطرانين يوحنا إبراهيم رئيس طائفة السريان الأرثوذكس في حلب وتوابعها، والمطران بولس يازجي رئيس طائفة الروم الأرثوذكس في حلب وتوابعها، أثناء قيامهما بعمليات إنسانية في قرية كفر داعل بريف حلب.
كما أكد التحالف الوطني السوري المعارض وقتها، إن المطرانين خطفا على الطريق المؤدية إلى حلب، من معبر باب الهوى، الذي تسيطر عليه المعارضة والواقع على الحدود مع تركيا.
وأضاف أنهما كانا في مهمّة إنسانية لإنقاذ كهنة أرثوذكس وكاثوليك مخطوفين، حين اعترضت مجموعة مسلحة في بلدة المنصورة بالريف الغربي لحلب سيارتهما في الطريق المؤدي إلى أنطاكيا، التي تخضع لسيطرة مسلحين من كتيبة نور الدين زنكي، وقتلت سائق السيارة، واقتادتهما إلى جهة مجهولة"، وقيل وقتها إن المجموعة الخاطفة شيشانية.
وأثارت هذه الحادثة اهتماما كبيرا في الأوساط الدينية والإنسانية في العالم، وتحول اختفاءهما إلى رمز لمعاناة الشعب السوري واختفاء الألاف منهم منذ تصاعد الأحداث.
ورغم المحاولات الدولية والمحلية للبحث عنهما، لم يُعرف أي شيء عن مصيرهما، مما أثار مخاوف حول سلامة رجال الدين والأقليات الدينية في مناطق النزاع.
وبحسب تقارير دولية فقد أدت هذه الحادثة إلى زيادة الهجرة المسيحية من سوريا، حيث شعر الكثيرون بعدم الأمان، وطالبت الأمم المتحدة النظام السوري والجماعات المسلحة بالكشف عن مصير المطرانين المختطفين دون جدوى.