آخر الأخبار

المقاطعة في المغرب.. ضغط اقتصادي متزايد وتحدي التفاعل الشعبي

شارك

الرباط – أطلقت حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (بي دي إس) فرع المغرب في الأسبوع الأول من سبتمبر/أيلول الجاري حملة تستهدف متاجر كارفور الفرنسية تزامنًا مع الدخول المدرسي. ودعت الأسر المغربية إلى الامتناع عن شراء الأدوات المدرسية من هذه المتاجر، كما شملت الدعوة مقاطعة بعض العلامات التجارية المنتجة للأدوات المدرسية.

وتندرج هذه الخطوة ضمن سلسلة حملات مقاطعة أطلقها ناشطون منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد طالت الحملات علامات تجارية عالمية مثل كارفور، وماكدونالدز، وستاربكس، وكوكاكولا، إضافة إلى شركات مغربية تصدّر منتجاتها إلى إسرائيل .

منذ انطلاق هذه الحملات، نُظمت وقفات احتجاجية وتوعوية، أبرزها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حين دعت الجبهة المغربية لدعم فلسطين إلى وقفات أمام متاجر كارفور في 30 مدينة.

تعود بداية ارتباط مجموعة كارفور الفرنسية بالمغرب إلى فبراير/شباط 2009 عبر اتفاقية امتياز مع مجموعة "لابيل في"، حيث افتتح أول متجر يحمل العلامة في مدينة سلا يوم 19 فبراير/شباط من العام نفسه. وتؤكد حركة المقاطعة "بي دي إس" أن كارفور متورطة بشكل مباشر في دعم الاحتلال الإسرائيلي ، سواء عبر مساعدات مجانية للجيش الإسرائيلي أو عبر استثمارات في الأراضي المحتلة.

خسائر كارفور

تقول حركة بي دي إس بالمغرب إن سنتين من الحملات أسفرتا عن إغلاق 4 متاجر لكارفور في الدار البيضاء .

وكان رئيس مجلس إدارة مجموعة "لابيل في" قد قلل عام 2024 من تأثير المقاطعة على متاجر المجموعة، لكنه عاد ليقرّ في فبراير/شباط 2025 بأن العلامة التجارية واجهت صعوبات عام 2024، وأن جهودًا كبيرة بُذلت لاستعادة الزبائن.

مصدر الصورة متجر كارفور بمدينة تمارة ضواحي الرباط (الجزيرة)

ووفق التقرير المالي للمجموعة لعام 2024، وسّعت "كارفور ماركت لابيل في" شبكتها بافتتاح 12 متجرًا جديدًا، ليبلغ مجموع المتاجر 102. غير أن التقرير أظهر أن رقم معاملات المجموعة لم ينمُ سوى بنسبة 3.9% عام 2024، مقارنة بـ13% عام 2023. كما سجلت مبيعات "كارفور لابيل في" انخفاضًا بنسبة 2.8% خلال الأشهر التسعة الأولى من 2024.

إعلان

يشرح ناشطون أن الإقبال على كارفور تراجع أساسًا في المدن الكبرى حيث تتركز الحملات. ودفع ذلك المجموعة إلى فتح متاجر جديدة في مدن أصغر.

ويضيف إسماعيل الغزاوي، عضو حركة بي دي إس المغرب، أن المجموعة لجأت إلى الترويج لعلامات بديلة مثل "أتقداو" و"سوبيكو"، معتبرا أن ذلك "خطوة تمويهية" لأن العلامتين مملوكتان بالكامل للمجموعة الفرنسية الداعمة للاحتلال، ويشير الغزاوي إلى أن التقرير المالي كشف عن أرباح كبيرة لهذه العلامات البديلة مقابل تراجع أرباح كارفور.

شركات أخرى

ولم يقتصر تأثير المقاطعة على كارفور، فقد أشار الغزاوي إلى أن عمال شركة كوكاكولا في المغرب أكدوا تراجع المبيعات، بعدما كانت تحقق أرقامًا عالية خصوصًا في الصيف والأعياد قبل اندلاع حرب غزة.

أما سلسلة ماكدونالدز، فلم تعلن عن إغلاق مطاعم في المغرب، غير أن تقارير محلية تحدثت عن انخفاض الإقبال بنسبة 35% عام 2024. الوضع نفسه انسحب على مقاهي ستاربكس التي تراجع الإقبال عليها دون أن تغلق أيا من فروعها الـ18 المنتشرة في 5 مدن.

مصدر الصورة أحد مطاعم ماكدونالدز في العاصمة الرباط (الجزيرة)

وكانت مجموعة الشايع الكويتية، المشغلة لستاربكس في المنطقة، قد نشرت بيانًا عبر الموقع الإلكتروني للعلامة بالمغرب أكدت فيه أنها لا تقدم أي دعم مالي لإسرائيل أو لجيشها.

من جانب آخر، دفعت المقاطعة بعض الشركات المغربية إلى التراجع عن تصدير منتجاتها إلى إسرائيل. ومن أبرزها شركة "داري" للمعجنات التي أعلنت في بيان رسمي أنها لا تعتزم تصدير أي من منتجاتها إلى السوق الإسرائيلي، وهو ما أكدته أيضًا تقارير إعلامية إسرائيلية.

ويرى الغزاوي أن تكثيف الشركات المدرجة في لائحة المقاطعة لحملاتها الإشهارية وتخفيضاتها بهدف استرجاع ثقة المستهلكين، يشكل دليلا على نجاح حملة المقاطعة. ويضيف أن الوعي الشعبي ارتفع بشكل ملحوظ، قائلا: "انتقلنا من مرحلة الإنكار إلى مرحلة التفاعل، وأصبح القرار بالمقاطعة أمرا متداولا بين فئات مختلفة في مدن عديدة".

كما انتقلت الحملة بقوة إلى الفضاء الرقمي مع انخراط مؤثرين مغاربة وصفوا المقاطعة بأنها "سلاح سلمي فعال ومتاح للجميع".

وسيلة ضغط

منذ بداية العدوان على غزة قبل عامين، بدأت المغربية نسيبة الكحلون بتراجع عاداتها الاستهلاكية. تقول للجزيرة نت إنها تعتبر المقاطعة "تكتيك حرب ووسيلة ضغط"، وتضيف: "قبل كل شيء أحاول تبرئة نفسي من دم إخوتي في غزة".

تتابع نسيبة لوائح المنتجات التي تنشرها حركة المقاطعة العالمية، وتوضح: "أبحث دائمًا عن بدائل، وإذا لم أجد أذكر نفسي أنني لن أموت إن قاطعت، لكن الفلسطينيين يموتون إذا اشتريت". وهي تعتقد أن نتائج المقاطعة ستظهر مع مرور الوقت، معتبرة أن الهدف ليس فقط إيقاف الحرب، بل إنهاء الاحتلال برمته.

مصدر الصورة متظاهرة تحمل لافتة تضم علامات تجارية مشمولة بالمقاطعة في إحدى المسيرات المساندة لفلسطين في الرباط (الجزيرة)

في المقابل، يرى محمد الغفري، منسق الجبهة المغربية من أجل فلسطين ومناهضة التطبيع، أن التفاعل الشعبي مع المقاطعة "ليس قويًا" في كل المدن. ويوضح: "في طنجة مثلًا تراجع الإقبال على ماكدونالدز، لكن في الرباط ظل عاديًا".

إعلان

ويضيف الغفري أن المقاطعة في المغرب تبقى نسبية، وغالبًا ما تقتصر على النخب، بينما لا يلتزم عامة الناس رغم تعاطفهم الكبير مع فلسطين. ويشرح: "حين نطلق حملة نجد تفاعلًا في البداية، لكنه يتراجع تدريجيًا، وهو ما أفسره بضعف الوعي الجماهيري بأهمية المقاطعة كفعل فردي مؤثر اقتصاديًا".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار