القاهرة – في خطوة طال انتظارها، أقر مجلس النواب المصري رسميًا قانون العمل الجديد، تتويجا لسنوات من المناقشات والمراجعات المعمقة التي شارك فيها ممثلو الحكومة والبرلمان والمنظمات العمالية وأصحاب الأعمال.
يهدف القانون، بحسب الحكومة، إلى تحقيق توازن بين حقوق العمال ومصالح أصحاب الأعمال، وتحسين بيئة العمل لجذب الاستثمارات الأجنبية.
وتتطلع مصر، بعد إقرار قانون العمل الجديد، إلى طي صفحة الإدراج المتكرر في قائمة الحالات التي تثير قلق منظمة العمل الدولية ، والتي يُشار إليها إعلاميًا بـ "القائمة السوداء".
وقد سبق أن وُضعت مصر في هذه القائمة عدة مرات، كان آخرها في عام 2019، نتيجة لملاحظات المنظمة بشأن الحريات النقابية وعدم التوافق الكامل مع اتفاقيات العمل الدولية.
وفي عام 2024، لم يتم إدراج مصر على قائمة الملاحظات الدولية بعد اتخاذها عدة إجراءات لتعزيز حقوق العمال والحريات النقابية، بما في ذلك تعديل بعض التشريعات العمالية والتعاون مع منظمة العمل الدولية.
واعتبرت وزارة القوى العاملة حينها أن خروج مصر من القائمة السوداء لمنظمة العمل الدولية يؤكد امتثالها لمعايير العمل الدولية، وسياساتها المُتجهة نحو المزيد من الحماية والرعاية للعمال ويعزز موقف مصر في مجال الاستثمار.
إقرار قانون عمل جديد في مصر يُعد خطوة مهمة نحو تحديث الإطار القانوني لسوق العمل وجذب الاستثمارات، غير أن التحدي الأكبر يظل في ضمان التطبيق العادل والمتوازن لبنوده بما يخدم مصالح جميع الأطراف ويساهم في نمو الاقتصاد الوطني".
وأكد وزير العمل محمد جبران أن إعادة مناقشة واستحداث مواد في قانون العمل الجديد بناء على طلب الحكومة يهدف إلى تحقيق مصالح الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال على حد سواء، مثل:
وأقرّ المجلس القومي للأجور في فبراير/شباط 2025، رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص من 6 آلاف إلى 7 آلاف جنيه (حوالي 137 دولارا)، في محاولة لتحسين أوضاع العمال ومواكبة معدلات التضخم المرتفعة.
تضمن القانون الجديد العديد من التعديلات والمواد الجديد أبرزها:
نهاية الخدمة:
تسهيلات إضافية:
وصف عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريدي البياضي القانون الجديد "بأنه أفضل بكثير من القانون القديم رغم وجود بعض الملاحظات على بعض المواد، لكنه بشكل عام يراعي تحقيق التوازن بين طرفي العملية الإنتاجية وهما أصحاب العمل والعمال".
وأشار في تصريحات للجزيرة نت، أن المواد والتعديلات الجديدة حققت بعض المكاسب للعمال، وهم الحلقة الأضعف التي نحرص على دعمها، مثل إلغاء استمارة 6 والتي كانت تستخدم كورقة ضغط ضدهم، وتبسيط إجراءات التظلم والتقاضي وحمايتهم من الانتهاكات، والتوسع في وسائل فض المنازعات بشكل ودي، وتنظيم العمل عن بعد بما يواكب التغيرات في سوق العمل.
بخصوص المواد المتعلقة بحقوق العمال، أعرب النائب فريدي البياضي عن رغبته في أن يتضمن القانون مزيدًا من الضمانات المتعلقة بحرية الإضراب، بما يعزز الحق المشروع للعمال في التعبير عن مطالبهم بطريقة سلمية، دون تعقيدات إدارية أو قيود مفرطة.
كما شدد عضو مجلس النواب على أهمية تضمين نصوص واضحة تضمن تحسين الأجور بشكل منصف، وتطبيق الزيادات السنوية بما يحقق العدالة ويواكب ارتفاع تكاليف المعيشة، وذلك حفاظا على الحد الأدنى من الاستقرار المعيشي للعمال، وضمانا لتوازن العلاقة بين طرفي العملية الإنتاجية.
في المقابل، يرى الباحث الاقتصادي والعمالي إلهامي الميرغني أن "قانون العمل الجديد، في مجمله، يميل بشكل واضح نحو ترسيخ امتيازات أصحاب الأعمال على حساب حقوق العمال، ويركز على مواد فرعية بينما يتجاهل أو يقلل من شأن المواد الأساسية المتعلقة بحقوق العمال المادية والمعنوية. كما أن القانون صدر دون إجراء حوار مجتمعي حقيقي وبغياب مشاركة فعالة من النقابات العمالية المستقلة".
واعتبر الميرغني، في حديثه للجزيرة نت، أن تقنين وضع شركات التوظيف، التي وصفها بـ"تجارة العمالة" أو "نظام السخرة"، يمثل أحد أكثر المواد إجحافًا في القانون الجديد، وأن هذه الشركات تعتمد عليها المصانع حاليا لتوفير العمالة تحت مظلة شركات التعهيد، مع اقتطاع نسب خصم عالية من رواتب العمال لصالحها بهدف التهرب من الأعباء القانونية.
وأضاف إلهامي الميرغني، وهو أحد مؤسسي اللجنة التنسيقية للدفاع عن الحقوق والحريات النقابية والعمالية سابقًا، سببًا آخر لرفضه القانون، وهو خفض العلاوة الدورية من 7% إلى 3%. كما انتقد وجود خلل في تنظيم الإجازات، خاصة إجازات "الوضع" الخاصة بالمرأة العاملة.
علاوة على ذلك، يرى الباحث العمالي أن القانون لم يضع قيودًا كافية على سلطة أصحاب العمل في الفصل التعسفي للعمال، وقام بتقييد حق العمال في تنظيم الإضراب من خلال إجراءات مانعة ومعقدة.