آخر الأخبار

إيران تضخ الأموال للدعاية - محاولة لاستعادة ثقة الجماهير؟

شارك
هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الحكومية تخضع للزعيم الديني والسياسي آية الله علي خامنئيصورة من: leader.ir

ميزانية هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الحكومية سترتفع نحو 50 بالمائة مع بداية العام الفارسي الجديد، الذي يبدأ مع بداية الربيع في 21 آذار/مارس. وهذه الزيادة تأتي الآن في وقت تعاني فيه إيران من أزمة اقتصادية مستمرة ويزداد فيه فقر سكانها يوما بعد يوم بسبب التضخم المتسارع.

وبحسب تقرير من مركز أبحاث البرلمان فإنَّ حصة ميزانية هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية من إجمالي ميزانية الحكومة ستبلغ ما يعادل 35 مليون يورو، وهذا أعلى من ميزانيات عشر وزارات مجتمعة.

ووفقًا للدستور الإيراني تخضع وسائل الإعلام في إيران لسيطرة الدولة، التي لا تسمح بوجود وسائل إعلام خاصة. وكذلك تخضع هيئة الإذاعة والتلفزيون للزعيم الديني والسياسي آية الله علي خامنئي، الذي يتولى تعيين مديرها بشكل مباشر.

الكثير من الإيرانيين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبارصورة من: Morteza Nikoubazl/NurPhoto/picture alliance

"لقد أعرب آية الله خامنئي مرارًا وتكرارًا خلال الأعوام الماضية عن استيائه من أداء هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية. وهو ينتقد هيئة الإذاعة والتلفزيون لأنَّ هذه المنظمة الكبيرة وكثيرة الموظفين غير قادرة على مواجهة تأثير وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية خارج إيران - مع شبكات المعارضة والقنوات المستقلة ووسائل التواصل الاجتماعي"، كما قال عبد الله عبدي في حوار مع DW. وعبد الله عبدي يعيش في الخارج منذ عام 2019 وهو مؤسس ومدير شركة عبدي ميديا الإعلامية المستقلة، وقد عمل طيلة سنين في إيران لدى هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.

ويقول عبد الله عبدي إنَّ هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية فقدت منذ فترة طويلة سيطرتها على الرأي العام، بالرغم من فرضها رقابة صارمة على وسائل الإعلام. ويشير إلى الاستطلاعات الحالية: "بحسب معهد "وكالة استطلاع رأي الطلبة الإيرانيين" (ISPA) في طهران، فإنَّ 12.5 بالمائة فقط من سكان إيران يتتبعون حاليا معلوماتهم من أخبار هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية. وهذا يمثل خسارة كبيرة في الثقة بالمقارنة مع عام 2017، عندما كان 51 بالمائة لا يزالون يتابعون أخبارها".

اغتراب متزايد عن المجتمع

وهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية تعاني من أزمة مستمرة بسبب انخفاض معدلات مشاهدتها في جميع المجالات. وحتى المسلسلات والأفلام المنتجة في المقام الأول من أجل فئات الشعب التقليدية باتت تفقد شعبيتها بشكل متزايد. ولم يعد سوى 11.5 بالمائة من السكان يشاهدون أعمال هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.

أما الأفلام والمسلسلات، التي يتم إنتاجها بأموال خاصة على الرغم من القيود وإجراءات الرقابة العديدة، فتلعب دورًا اجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا مهمًا. كما يتم بيعها في أقراص DVD وVCD للاستخدام المنزلي أو يتم عرضها على منصات البث الرقمي - وشعبيتها أكبر بكثير من محتويات هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية.

الممثلة ليلي فرهادپور تم استدعاؤها للمثول أمام المحكمة الثورية بسبب دورها في فيلم "كعكتي المفضَّلة" (صورة من الفيلم)صورة من: Hamid Janipour

"من الممكن أن تكون السينما والأفلام الوسيلة الأكثر فعالية للدعاية السياسية - وكذلك الوسيلة الأقوى ضدها"، كما قالت الناقدة السينمائية مهشيد زماني في حوار مع DW على هامش مهرجان برلين السينمائي الدولي. ومهشيد زماني كانت تعمل لمجلات الأفلام في إيران في تسعينيات القرن العشرين، وتعيش اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية. وتقول إنَّ "الفنانين الإيرانيين المستقلين يستخدمون هذه الوسيلة - ولكنهم يخاطرون بحريتهم من أجل ذلك".

ومن أحدث الأمثلة على ذلك فيلم "کیک محبوب من" (كعكتي المفضَّلة)، الذي تم الاحتفال به في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2024، ويحكي قصة أرملة عمرها 70 عامًا تعيش وحيدة وتكتشف رغبتها في الحب من جديد. ولم يمثُل مخرجو هذا الفيلم وحدهم أمام القضاء بتهمة "الدعاية ضد الدولة"، بل كذلك كانت حال الممثلة ليلي فرهادپور أيضًا. وقد تم اتهامهم بـ"إنتاج وتوزيع واستنساخ أشرطة ووسائط نقل بيانات تحتوي على محتويات مخلة بالآداب".

احتكار الأخبار من قبل الدولة

"ميزانية هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية تزداد كثيرًا كل عام من أجل تعزيز أساليب الحياة ووجهات النظر والقيم، التي تتوافق مع أيديولوجية الجمهورية الإسلامية"، كما يقول عبد الله عبدي: "لأنَّ الدولة تريد فرض رواياتها الرسمية من دون منازع. ووسائل الإعلام الأجنبية المستقلة تهدد احتكار الأخبار من خلال تقديمها معلومات وتحليلات بديلة".

والدولة في إيران تموّل بالإضافة إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون وكالات أنباء أيضًا، من بينها وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إيرنا) ووكالة أنباء الطلاب الإيرانيين (إسنا) ووكالة أنباء مجلس الشورى الإسلامي(إيكانا). وتتولى مؤسسات حكومية أخرى في مجالات الثقافة والاستخبارات والأمن دعم روايات هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية. وهذه المؤسسات تتبع وزارات الثقافة والإرشاد الإسلامي والاتصالات وأجهزة الاستخبارات وكذلك الحرس الثوري ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية.

وهذه المنظمات تم توسيعها باستمرار منذ الثورة الإسلامية في عام 1979، وذلك لتترسَّخ في المجتمع منظومة قيم جديدة تتوافق مع أيديولوجية الدولة. وتأثيرها الحقيقي على غالبية المواطنين الإيرانيين - الذين يعد بحسب الإحصائيات نحو 95 بالمائة منهم تحت سن 65 عامًا - لا يتجلى فقط في الاحتجاجات المتكررة ضد النظام السياسي، بل يتجلى أيضًا في معدلات المشاهدة الحالية لبرامج التلفزيون الحكومي.

ومع ذلك وعلى العكس من نتائج الاستطلاعات فإنَّ مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، بيمان جبلي، ما يزال يدعي أنَّ أكثر من 41 بالمائة من الإيرانيين يشاهدون برامج التلفزيون الحكومي.

أعده للعربية: رائد الباش

DW المصدر: DW
شارك

حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار