آخر الأخبار

الشفافية ومكافحة الفساد.. حيث نجحت رواندا وأخفق آخرون

شارك الخبر

كيغالي- أمام مركز المؤتمرات في العاصمة الرواندية كيغالي تنتصب منحوتة شعار "جائزة الشيخ تميم الدولية للتميز في مكافحة الفساد"، التي منحتها إدارة الجائزة لهذه الدولة الأفريقية الصغيرة عام 2019 تقديرا لجهودها في ترسيخ قواعد الحكم الرشيد ومكافحة الفساد.

يطلق كثير من المراقبين على رواندا لقب "أيقونة التنمية الأفريقية الحديثة"، فهي الدولة التي نفضت عن نفسها غبار الحرب ونهضت من تحت ركامها، واحتلت خلال فترة قصيرة مراتب متقدمة على المؤشرات الدولية في التنمية والنمو الاقتصادي والشفافية ومكافحة الفساد.

أدت الحروب الأهلية ومن بعدها الإبادة الجماعية إلى تدمير الدولة ومؤسساتها، وأصبحت رواندا من أفقر دول العالم، ولديها أقصر متوسط أعمار متوقع، واجتمعت فيها جميع الشروط لتكون "دولة فاسدة"، كما تقول دراسة تحت عنوان "دور وسائل الإعلام في مكافحة الفساد السياسي في رواندا".

كما يقال "ليس من سمع كمن رأى"، ولقد رأيت على مدى أسبوعين من التطواف في البلاد -وأنا أراقب كل شيء فيها بعين الصحفي المختبر المعاين، لا بعين السائح المنبهر- "معالم للنجاح كثيرة في بلد أفريقي نجا من الموت".

منظر عام للعاصمة الرواندية كيغالي (الجزيرة)

نهضة شاملة

بعد الإبادة، وعلى مدى سنوات قليلة اعتمدت الدولة على المساعدات الخارجية، لكنها سرعان ما أدركت أن التخلص من حالة التخلف وآثار الإبادة لا يكون إلا باعتماد خطط تنموية تسهم في تحقيق الازدهار.

اعتبرت رواندا من أهم الدول التي استطاعت تحقيق نهضة شاملة، بحسب وصف تقرير للبنك الدولي الذي قال إن البلاد خطت خطوات واسعة في مسارها التنموي، كما أنها حققت نجاحات في مكافحة الفساد، رغم الأزمات التي عانت منها منذ حقبة الاستعمار وحتى الإبادة الجماعية عام 1994.

وجهت الحكومة طاقتها للتنمية وتطوير الاقتصاد، وقدم الخبراء والمختصون دراسات تحولت لرؤية "رؤية 2020" الاقتصادية، وتشمل 44 هدفا في مجالات مختلفة، وتمكنت هذه الأهداف من تحقيق المعجزة، وارتفع متوسط دخل الفرد عام 2015 إلى 30 ضعفا عما كان عليه قبل 20 عاما.

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي تيد كابيروكا للجزيرة نت إن مسيرة البلاد في تحقيق الازدهار الاقتصادي خلال سنوات قليلة يعتبر شيئا مذهلا مقارنة بالحالة المرعبة التي كانت عليها البلاد، موضحا أن الحكومة وضعت خططا للتنمية وجعلت توفير الغذاء والماء للمواطنين على رأس أولوياتها.

جائزة الشيخ تميم الدولية للتميز في مكافحة الفساد منحت لرواندا عام 2019 (الجزيرة)

شهادات دولية

جاءت شهادة البنك الدولي لتؤكد صحة هذا النهج، وذكر في تقريره عام 2016 أن رواندا احتلت المركز 62 من بين 189 دولة في إطار سهولة ممارسة الأعمال التجارية، وتقدمت إلى المركز 29 ضمن قائمة "أسهل مكان لممارسة الأعمال التجارية في العالم" عام 2020.

وفي عام 2020، ذكر تقرير البنك الدولي أن رواندا تعد واحدة من أفضل الأمثلة وأحدثها للنجاح في مكافحة الفسـاد فـي العقـود الماضـية، وحددت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها عام 2021 أن معدل الفساد المنخفض في رواندا "يعتبر حافزا رئيسيا للاستثمار في البلاد".

كما احتلت رواندا المرتبة الأولى كأقل البلدان الأفريقية فسادا، وحازت مراتب متقدمة في تصنيف السيطرة على الفساد ضمن مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية، وصنفت البلاد عام 2021 في المرتبة 42 من بين 139 دولة على مؤشر الدول الأقل فسادا التابع لمنظمة سيادة القانون لمشروع العدالة الدولية.

مكافحة الفساد

ارتبطت الإصلاحات الاقتصادية بجهود فعالة لمكافحة الفساد، كان في مقدمتها قوانين تقنين الإنفاق الحكومي، كما أطلقت حكومة الرئيس بول كاغامي عام 2000 مبادرات عدة للقضاء على الفساد الإداري والمالي في البلاد.

تبنَّت الحكومة السياسة الوطنية إستراتيجيات لمكافحة الفساد، وصاغت عدة قوانين اعتمدت تبني "سياسة صفر تسامح" (Zero tolerance policy) مع المتورطين بقضايا الفساد، وتحقيق الإصلاحات المؤسسية المختلفة، والمشاركة الاسـتباقية للجهـات المنوطـة بمهمـة مكافحـة الفسـاد.

كما خطت الحكومة خطوات كبيرة في مجال تطوير السياسات في إطار ترسيخ الحوكمة الرشيدة كلبنة أساسية في عملية التنمية الشاملة في البلاد، وانضمت رواندا وصدقت على معظم الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد.

وأنشأت العديد من الهيئات منها ديوان المظالم، ومكتب المراجع العام للنظر في قضايا الفساد العام، ولجنة الحسابات البرلمانية، وأطلقت حملات توعية لرفع وعي السكان بالنتائج السلبية للفساد، واعتبارهم خط الدفاع الأول لمواجهة الفساد.

واستثمر النظام فكرة الظلم المرتبطة في الذاكرة الجمعية بعمليات الإبادة الجماعية على تغيير نظرة المواطنين للفاسدين باعتبار أنهم يضرون بمصالح المواطنين والبلاد.

وأدى وجود نظام فعال للإدارة المالية العامة إلى تقليل فرص سرقة الأموال العامة وزيادة مخاطر الكشف عنها، كما ذكرت دراسة نشرها معهد الجزيرة للدراسات تحت عنوان "أفريقيا بين الديمقراطية المحدودة ومكافحة الفساد: حالة رواندا".

محامي حقوق الإنسان غاتيتي نيرنغابو (الجزيرة)

شبهات
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر


إقرأ أيضا