آخر الأخبار

هل تتمرد هاريس على شبح بايدن؟

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

في 21 أغسطس/آب الفائت، اعتمد الحزب الديمقراطي الأميركي رسميا نائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس مرشحة رسمية عن الحزب في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2024)، وذلك عقب إعلان الرئيس جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، إثر أداء هزيل في مناظرة أمام الرئيس السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب أواخر يونيو/حزيران، أسال الكثير من الحبر حول مدى اللياقة العقلية لبايدن، الذي كان يتعرض بالفعل لحملات سخرية واسعة من الجماهير وانتقادات كبيرة من الخصوم، بسبب تراجع حضوره الذهني، وهو ما استفاد منه ترامب بشدة لتعزيز موقفه في السباق الرئاسي المنتظر.

في الواقع، كان ترامب يقترب من تحقيق انتصار انتخابي "إكلينيكي"، خاصة في أعقاب رصاصة أخطأت هدفها بمليمترات قليلة في 13 يوليو/تموز الماضي، تاركة ترامب مع جرح في أذنه اليمنى وطريقا ممهدا نحو البيت الأبيض. لكن اختيار كامالا هاريس رسميا لخوض الانتخابات بدلا من بايدن خلط الأوراق بشدة، على الأقل وفقا لنتائج استطلاعات الرأي. على سبيل المثال، يشير استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" وصحيفة "واشنطن بوست" ومعهد "إبسوس" حتى يوم 13 أغسطس/آب تقدم كامالا على ترامب وسط صفوف الناخبين المسجلين بنسبة 49% مقابل 45%، فيما أظهر استطلاع آخر لشبكة "سي بي إس" تفوق المرشحة الديمقراطية بنسبة 51% مقابل 48% للمرشح الجمهوري.

بشكل لا يقل أهمية، أظهر استطلاعان لصحيفة نيويورك تايمز وكلية سيينا كوليدج -نُشرت نتائجهما يوم 10 أغسطس/آب- تقدم هاريس على ترامب بفارق 4 نقاط مئوية كاملة (50% مقابل 46%) في 3 ولايات متأرجحة هي ويسكونسن، وميشيغان وبنسلفانيا. والولايات المتأرجحة هي تلك الولايات التي لا تتمتع بميول ديمقراطية أو جمهورية حاسمة، وغالبا ما تكون نتائج التصويت فيها مؤثرة بشدة في النتيجة النهائية. هذا ولا تعطي الاستطلاعات حتى الآن إشارات واضحة إلى نتائج السباق الرئاسي المنتظر، لكنها تشير بوضوح إلى تحسن موقف الديمقراطيين بعد تنحي بايدن وصعود هاريس، كما تلفت النظر ربما للارتباك الذي تواجهه حملة ترامب التي صُممت لاستهداف نقاط ضعف بايدن، ولا تزال تتكيف بعد مع مواجهة مرشح جديد، أصغر سنا، وأكثر لباقة وحضورا، وأوسع شعبية وسط فئات بعينها على ما يبدو.

ومع اعتدال كفة المنافسة الانتخابية، يتابع العالم بمزيج من الترقب والقلق هوية ساكن البيت الأبيض المحتمل، بين ترامب، الرئيس السابق الذي اختبره العالم 4 سنوات كاملة ويمتلك قائمة مثيرة من الحلفاء المتحمسين والخصوم الألدّاء على السواء، مع قائمة أخرى لا تقل أهمية من السياسات المثيرة للجدل التي تثير المخاوف في مناطق عدة حول العالم، من الجوار الأميركي القريب في المكسيك إلى الحلفاء الغربيين على الضفة المقابلة للأطلسي، وليس انتهاء بالشرق الأوسط، خاصة مع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة التي تشارف عاما كاملا، وبين هاريس التي ستكون حال نجاحها أول امرأة تتبوأ المقعد الأكثر نفوذا في العالم، والتي يراها كثيرون مجرد امتداد سياسي لرئاسة بايدن، لكن مع وجه أكثر حيوية وشبابا، فيما يعتقد آخرون أن رؤيتها تختلف (نسبيا) عن بايدن في بعض الملفات، وتتراوح من الاقتصاد والبيئة إلى السياسة الخارجية.

من الاقتصاد إلى الذكاء الاصطناعي

على صعيد الاقتصاد، أظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن الناخبين يثقون في هاريس أكثر من ترامب حين يتعلق الأمر بالاقتصاد، ومن ثم فإن المسائل الاقتصادية تعد من نقاط القوة المفترضة التي ترتكز عليها المرشحة الديمقراطية في حملتها. أكثر من ذلك، كشف موقع أكسيوس الإخباري أن هاريس تخطط لأن تنأى بنفسها حتى عن النقاط التي لا تحظى بشعبية في سجل جو بايدن الاقتصادي، الذي شهدت البلاد في عهده زيادة واضحة في معدلات التضخم منذ عام 2021، ما يدفع المرشحة الجديدة لسلوك خط جديد في الملف الاقتصادي، وتقديم نفسها إعلاميا على أنها "نسخة مختلفة من الديمقراطيين قادرة على تلافي أخطاء جو بايدن"، بالطبع دون أن توجه انتقادات صريحة لسجل الإدارة التي انتمت إليها في هذا الشأن. ويخبر مستشارو هاريس المرشحة الرئاسية أن 80% من البالغين في الولايات المتحدة -حسب استطلاعات مؤسسة جالوب- غير راضين عن توجهات البلدان الاقتصادية، وهو ما يدفع هاريس لمحاولة إبراز اختلافها عن بايدن وليس عن ترامب وحده.

وبحسب أكسيوس، فإن جزءا من خطة هاريس يكمن في التراجع بهدوء عن مواقف سابقة لها كانت قد اتخذتها أثناء حملتها لمحاولة نيل بطاقة الترشح للرئاسة عن الحزب الديمقراطي في 2019، لكن دون أن تقدم اعتذارا صريحا عن تلك المواقف، مثل موقفها السابق الداعي لإلغاء تجريم عبور الحدود بشكل غير قانوني، وموقفها المناهض لصناعة التكسير الهيدروليكي، وهي عملية استخراج البترول والغاز بوسائل ميكانيكية حديثة والتي يرى بعض الخبراء أن لها تأثيرات بيئية سيئة. وأبعد من ذلك، تتجه هاريس لنسخ بعض من أفكار ترامب الشعبوية الاقتصادية، مثل فكرة إلغاء الضريبة على الإكراميات للعاملين في مجال الخدمات والمستشفيات، وهي مسألة تحظى بأهمية كبيرة في بعض الولايات مثل ولاية نيفادا، إحدى كبريات الولايات المتأرجحة.

لكن هذا لا يعني أن هاريس سوف تتبنى رؤية إستراتيجية أكثر ميلا لليمين في العموم، بقدر ما ستحاول التحلي بقدر أكبر من البراغماتية عبر الادعاء أن وجودها في السلطة دفعها لتغيير نظرتها نسبيا تجاه بعض القضايا، وهو ما سيسهم في تعزيز صورتها كسياسية مرنة. وبشكل عام، تركز كامالا هاريس في خطتها الانتخابية على مشاكل الطبقة الوسطى بشكل أساسي، وتحاول أن تقدم نفسها باعتبارها المنقذة لهذه الطبقة، التي تهتم بخفض تكاليف الرعاية الصحية والإسكان والغذاء، كما تقدم نفسها كبطلة في مواجهة الشركات الكبرى التي تتحكم في الأسعار، في مقابل دونالد ترامب الذي يناصر أباطرة الشركات وأصحاب المليارات بحسبها، في محاولة لإبراز "تباين" بينهما وبين ترامب يمكن توظيفه في الدعاية الانتخابية.

من المرجح المرجح أن سياسة كمالا هاريس الاقتصادية ستثير حفيظة اليمين الذي يرى توجه هاريس في ملف الاقتصاد بمثابة "إجابات شعبوية كسولة" على الأسئلة الاقتصادية الصعبة (الجزيرة)

قبل أيام، كشفت كامالا هاريس الملامح الرئيسية لخطتها الاقتصادية، التي تشمل بناء ملايين المنازل الجديدة ومساعدة المشترين الساعين لامتلاك أول مسكن لهم من خلال خصم ضريبي فريد من نوعه لهذه الفئة يبلغ 25 ألف دولار يمكن أن يستفيد منه زهاء 4 ملايين أسرة. وأكثر من ذلك، وعدت هاريس بأنها في حال انتخابها ستفرض أول حظر من نوعه على التلاعب بأسعار منتجات البقالة بطريقة تستغل المستهلكين على نحو غير عادل لزيادة أرباح شركات المواد الغذائية.

تشير العديد من التقارير الاقتصادية في الواقع إلى أن برنامج كامالا هاريس الانتخابي يظهر قدرا من الاصطفاف مع الطبقة الوسطى لم يظهره ولم يصل له جو بايدن على الإطلاق، وبحسب تقرير مطول للشبكة الإخبارية الاقتصادية "سي إن بي سي" فإن برنامج هاريس الانتخابي يمثل تصعيدا حادا على صعيد ما أسمته "الشعبوية الاقتصادية" والتي تستبطن تدخلا أكبر من الدولة في الاقتصاد، مقارنة ببايدن الذي كان قد سحب بالفعل الحزب الديمقراطي إلى اليسار اقتصاديا أكثر فأكثر مقارنة بأسلافه الديمقراطيين.

غير أن كامالا هاريس سوف تسعى في الوقت نفسه إلى أن تقدم بعض المبادرات لنخبة الأعمال حتى لا تخسر كل أصواتهم ودعمهم، في الوقت الذي تستجيب براديكالية لإحباط الناخبين من الطبقة المتوسطة بسبب ارتفاع الأسعار، خاصة أسعار السلع والضروريات اليومية، عبر تدخل أكثر عدوانية من الدولة لصالح المستهلكين، وليس من الواضح بعد كيف ستعمل هذه الموازنة الاقتصادية الصعبة، لكن المرجح أنها ستثير حفيظة اليمين الذي يرى هذه السياسات بمثابة "إجابات شعبوية كسولة" على الأسئلة الاقتصادية الصعبة التي تستهدف حوز رضا الجماهير بدلا من إصلاح المشاكل الأساسية للاقتصاد.

هناك مسألة أخرى في سياسات هاريس تتعلق بالاقتصاد بصورة غير مباشرة، وهي قضية الذكاء الاصطناعي التي يظهر فيها -حسب صحيفة بوليتيكو- اختلاف بين رؤية هاريس ورؤية بايدن، إذ ترى هاريس ضرورة التدخل الحكومي بشكل أكبر في هذه المسألة لأن شركات التكنولوجيا لو تُركت بلا إشراف ومحاسبة س ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا