آخر الأخبار

هل احتلت فرنسا الجزائر بسبب حادثة المروحة وإهانة سفيرها؟

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

حين سقطت غرناطة آخر معاقل الإسلام في الأندلس في يد الإسبان عام 1492م اضطر المسلمون إلى مغادرة الأندلس فارين من القهر الإسباني، وقد استقر عدد كبير من هؤلاء المهاجرين الإسبان في بلدان شمال أفريقيا، ومنذ ذلك الحين بدأ الإسبان يفكرون في احتلال بلدان شمال أفريقيا لا سيما المغاربية منها؛ ليحولوا دون عودة المسلمين إلى الديار التي هُجِّروا منها، ولنهب خيرات هذه البلدان والسيطرة عليها، وقد شجعهم على اتخاذ هذه الخطوات ضعف البلدان المغاربية في ذلك التوقيت وتشرذمها.

بدأ الإسبان غارتهم على السواحل الجزائرية فاستولوا على عدة مدن منها مثل المرسى الكبير سنة 1505م، ووهران سنة 1509م، وبجاية سنة 1510م وصخرة البنيون الواقعة في بوابة ميناء مدينة الجزائر العاصمة اليوم لتكون الخطوة التالية احتلالهم المدينة، ولما رأى أهل الحل والعقد في المدينة أن المقاومة لم تفعل الكثير من أجل صد الإسبان؛ ذهب وفد منهم إلى مدريد لعقد اتفاقية سلام مع ملكها، ووافقوا في تلك الاتفاقية على دفع ضريبة سنوية للقائد الإسباني المقيم في بجاية مقابل عدم التعرض لمدينة الجزائر.

الجزائر في العهد العثماني

ولكن الخطر الإسباني كان متفاقمًا ومثلما لم يلتزموا باتفاقهم مع أهل الأندلس وغرناطة وشرعوا في سياسة محاكم التفتيش والإبادة قبل الطرد النهائي، كان اتفاقهم مع الجزائريين لشراء للوقت، وخديعة لأهل البلد حتى يتسنّى لهم الهجوم المباغت، وفي هذه الأثناء ظهر في غرب البحر المتوسط القائدان الكبيران خير الدين بربروس وأخوه عروج اللذان كانت لهما أياد بيضاء في استنقاذ مسلمي الأندلس، وجهادهم المستمر والمستميت لتخليص بلدان شمال أفريقيا من الاحتلال الإسباني.

وقد أدرك الأخوان أنهما بحاجة ماسّة إلى وقوف دولة إسلامية قوية خلفهما، وكانت هذه الدولة هي الدولة العثمانية التي شرعت منذ وقت قليل في السيطرة على الأقطار العربية في مصر وبلاد الشام، ولها أسطول قوي في بحر إيجة وشرق البحر المتوسط، وفتوحات مشتهرة في شرق ووسط القارة الأوروبية؛ وكانت أيضًا على علم بتحركات وتطورات القضية الأندلسية؛ فقد جاء عدد كبير من المهاجرين الأندلسيين واستقروا في إسطنبول عقب سقوط الأندلس.

وأيضًا أدركت الدولة العثمانية مدى خطورة الإسبان والطليان على هيمنتها التجارية والاقتصادية في البحر المتوسط، ورأت في التحالف مع الأخوين ابنَي بربروس، وتلبية استغاثة أهل الجزائر بالسلطان سليمان القانوني واجبًا دينيًّا، وهو الأمر الذي أثمر تحالفًا فذًّا أدى إلى طرد الإسبان بعد حروب متواصلة من مدن الجزائر وتونس وليبيا طوال القرن السادس عشر الميلادي، ومنذ تلك الحقبة دخلت الجزائر تحت الحكم العثماني وأصبحت تابعة له.

ورغم دخول الجزائر في ظل الدولة العثمانية فإنها ظلّت قاعدة عسكرية وبحرية متقدمة في غرب البحر المتوسط، تمدّ الأندلسيين في ثورتهم بالسلاح والعتاد تارة، وتحمل الضعيف والفارّ منهم إلى العدوة الجنوبية من المتوسط تارة أخرى، وقد مرّت طوال ثلاثمئة عام قضتها تحت الحكم العثماني بالعديد من التغيرات الإدارية والسياسية بين قوة وضعف، وارتفاع وتقهقر حتى عصرها الأخير وهو عصر الدايات، والداي هو حاكم الجزائر، وكان يُختار أحيانا من قادة البحر الكبار "رُيّاس البحر" وأحيانا أخرى من كبار الموظفين العثمانيين في الجزائر، وقد تمتع هؤلاء الحكام بقدر كبير من الاستقلال عن الباب العالي.

ولهذه الأهمية الإستراتيجية الكبرى للجزائر فقد شهدت طوال القرنين السابع عشر والثامن عشر العديد من المحاولات الفاشلة لاحتلالها ولا سيما من البريطانيين والفرنسيين والإسبان والهولنديين والدنماركيين، ولكن أخطرها وأكثرها شراسة تلك التي قام بها الفرنسيون واحتلوا على إثرها الجزائر.

صورة مرسومة للأمير عبد القادر الجزائري أحد قادة مقاومة الاستعمار الفرنسي للجزائر في مدينة مارسيليا الفرنسية (الفرنسية)

الأطماع الفرنسية القديمة

لقد شهدت الجزائر في الأعوام الثلاثين الأولى من القرن التاسع عشر قبل مجيء الاحتلال الفرنسي سنة 1830م العديد من الاضطرابات والتراجع على المستويات السياسية والاقتصادية والإدارية، ويرصد المؤرخ الجزائري أرزقي شويتام في كتابه "نهاية الحكم العثماني في الجزائر وعوامل انهياره" أسباب هذا التراجع؛ فيقول: "إن الظاهرة البارزة التي ميزت الفترة الأخيرة من العهد العثماني عن سابقتها في الجزائر هي انتشار موجة من الاضطرابات في مختلف أنحاء البلاد؛ مما تسبب في عدم استقرار نظام الحكم؛ فقد تولى الحكم في الفترة الممتدة من عام 1790 إلى 1830 ثمانية دايات تم اغتيال ستة منهم".

كانت فرنسا تتطلع إلى احتلال الجزائر منذ قديم الزمان بداية من لويس التاسع إلى نابليون بونابرت الذي أصر على احتلالها للقضاء على الوجود الإنجليزي في حوض المتوسط، وقد أقسم في عام 1802 على أنه سيحتل الجزائر ويخربها ويذل أهلها ليوفر الأمن وحرية الملاحة لسفنه في حوض البحر المتوسط، ولهذا الغرض كلّف الضابط بوتان عام 1808 التجسّس على الجزائر ووضع مشروع الاحتلال، لكن نابليون فشل في تحقيق مشروعه هذا بسبب تفاقم مشاكله التوسعية وانهزامه أمام الدول الأوروبية المتحالفة في معركة واترلو عام 1814.

ومن اللافت أن فرنسا سعت منذ وقت مبكر إلى إنشاء محطات تجارية على سواحل أفريقيا لحماية طرقها التجارية، وفي نفس الوقت القضاء على ما كانت تصفه بـ"القرصنة المغربية"، وقد ورد في الدراسات التاريخية أن المخططات الفرنسية الخاصة باحتلال الجزائر وبقية البلدان المغاربية لم تكن حديثة العهد وإنما ترجع إلى عهد لويس التاسع (1226- 1270م) الذي غزا مصر وتونس وفشلت غزواته، ولم تتوقف فرنسا منذ ذلك التاريخ عن رسم خططها لغزو الجزائر.

فقد بعث الملك الفرنسي شارل التاسع رسالة في 11 مايو/أيار 1572 إلى سفيره في إسطنبول فرانسوا دو نواي يأمره فيها بأن يطلب من السلطان العثماني سليم الثاني أن يتخلَّى مقابل مبلغ مالي سنوي عن الجزا ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا