لا نبالغ إذا قلنا إن تونس كانت وستظل منبعًا للأبطال عبر حقبات التاريخ القديم والحديث. فمنذ أكثر من سبعة آلاف سنة، وصولًا إلى يومنا هذا، نجد أن النبوغ متأصل في التونسيين، وأن العزيمة الفولاذية والاعتماد على النفس وكسب الثقة هي سمات تميز أبناء هذه الأرض العريقة. التعلق العميق بالأرض التونسية والتشبث ببقاء العلم الوطني مرفوعًا في المحافل الدولية هو ما يميزهم دائمًا.
روعة التليلي هي مثال ساطع لهذا التفوق، شخصية تستحق أن تُدرس في الجامعات والمعاهد الرياضية العليا حول العالم. إنها الشابة التونسية التي حققت إنجازات مبهرة بحصدها لثماني ميداليات ذهبية في منافسات بارالمبية عالمية رفيعة المستوى. روعة لا تؤمن بأن ما يُسمى بـ “الإعاقة البدنية” يمكن أن يكون حاجزًا أمام النجاح؛ فهي تثبت أن العقل والإرادة هما القوة الحقيقية. وكما كانت تقول لي والدتي دائمًا، “الإعاقة الحقيقية هي إعاقة العقل، لا الجسد”.
روعة التليلي برهنت في الدورة الباريسية الأخيرة أنها الأفضل، فقد رفعت علم تونس في مناسبتين بفوزها بذهبيتين: الأولى في رمي الجلة في اليوم الأول، والثانية في رمي القرص في اليوم السابع. وعلى الرغم من هذا الإنجاز، لم نسمع أنها تلقت التقدير أو التكريم المستحق من كبار المسؤولين الرياضيين، على عكس بعض النجاحات العلمية أو الرياضية الأخرى التي حصلت مؤخرًا.
تونس تستمر في ولادة العباقرة الذين يصنعون التاريخ ويبقون نجوماً تضيء سماء النجاح التونسي الذي لا ينطفئ. هؤلاء الأبطال هم الذين يستحقون الاهتمام، لا الشخصيات التي يتصدرون بها الإعلام من الراقصات والمغنيين وغيرهم. رغم كل التحديات، ستبقى تونس منارة للثقافة والعلم، ومصدرًا لتحقيق المستحيل في الرياضة وغيرها.
أخيرًا، روعة التليلي تستحق أن يُخلد اسمها بإطلاقه على قاعة رياضية أو شارع في وطنها، وذلك وهي ما تزال على قيد الحياة، تكريمًا لما قدمته. أتمنى أن تصل رسالتي إلى المعنيين، والله ولي التوفيق.